سيدة المقام العراقي أطربت جمهور مسرح عبدالحسين عبدالرضا
«ليلة فريدة»... مسك ختام «القرين الثقافي 24»
ليلة طربية أصيلة، تلك التي أحيتها سيدة المقام العراقي الفنانة فريدة، مساء أول من أمس، على مسرح عبدالحسين عبدالرضا، لتختتم بذلك فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته 24، الذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في العاشر من شهر يناير الجاري، واستمر لغاية التاسع والعشرين من الشهر ذاته، تخللته أمسيات ثقافية ومسرحية وموسيقية وتراثية متنوعة في الطابع المحلي والعربي والعالمي.
فريدة، قدمت خلال الحفل روائع من الفنون الغنائية العراقية، المستمدة من العبق التراثي الجميل والأصيل، بمعية الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو محمد حسين كمر، إذ صدح صوت سيدة المقام العراقي بمجموعة من الأغاني والمواويل، إلى جانب المقامات العراقية مثل مقام «شرقي رست» ومقام «دشت» و«طور بيات» ومقام «عجم»، كما تألقت بغناء قرابة 15 أغنية وموالاً تنوعت بين الفصحى والعامية والفولكلور.
في مستهل وصلتها، أطربت الفنانة فريدة جمهور مسرح عبدالحسين عبدالرضا بأغنيات من مقام الرست، وهي «بنية ويا بنية»، «أم العباية» و«هذا مو إنصاف منك»، تبعتها بمجموعة من الأغاني البغدادية من مقام دشت.
كما استعرضت سيدة المقام العراقي طبقاتها الصوتية المتعددة بموال «يا أعدل الناس إلا في معاملتي» من أشعار أبو الطيب المتنبي، تبعتها بأغنيات عديدة من مقام طور بيات، من بينها أغنية «بسكوت أون» من التراث العراقي، ثم أغنية «سالمة يا سلامة»، فأغنية فولكلورية بعنوان «تمشي وتصد عين بعين»، وأغنية «عن دربه ميلو».
ولم تنته وصلة الطرب الأصيل عند ذلك الحد، بل قطفت الفنانة فريدة من بساتين التراث العراقي أغاني خالدة، منها أغنية «كل ما أمر على داركم»، وأغنية «يابه يابه شلون عيون»، و«يا صياد السمك»، ثم أغنية «يا الولد»، تبعتها بأغنية «ما أريده».
كما اختارت من مقام عجم، موالاً من أشعار إيليا أبو ماضي بعنوان «أي شيء في العيد»، لتشدو بعده بالأغنية الشهيرة للفنان الراحل ناظم الغزالي «طالعة من بيت أبوها».
وفور انتهاء الحفل، عبّرت سيدة المقام العراقي المطربة فريدة عن فرحتها العارمة بالدعوة الكريمة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمشاركة في إحياء ليلة ختام مهرجان القرين الثقافي بدورته 24، والغناء على خشبات المسارح الكويتية مجدداً، لاسيما مسرح العملاق عبدالحسين عبدالرضا، بعد مشاركتها الأولى خلال الدورة 15 للمهرجان، حيث تألقت وقتذاك على خشبة مسرح الدسمة.
فريدة قالت في تصريحها للصحافيين: «لديّ ذكريات جميلة غرستها هنا في الكويت خلال زيارتي لها في السابق، فهذا البلد يزخر بالفنون والريادة الغنائية الأصيلة، حيث يعتريني شعور كبير بالسعادة لأنني غنيتُ أمام الجمهور الكويتي المحب للأغاني التراثية العراقية، ولا شك أن تقديم المقامات العراقية هو رسالة نحملها بكل أمانة إلى شعوب العالم أجمع، مفادها الحفاظ على التراث العريق لبلادنا».
يذكر أن فريدة من مواليد كربلاء العام 1963، وبدأت الغناء منشدة في فرقة الإذاعة العام 1979، وتأثرت في مستهل حياتها الغنائية بالمطربتين زهور حسين وسليمة مراد، قبل دخولها معهد الدراسات النغمية وتعلمها أصول المقامات على يد الأستاذ شعوبي إبراهيم.
تميزت فريدة في الغناء البغدادي، وهي تحفظ واحداً وعشرين مقاماً، تؤديها بصوت عذب ورشيق، ولديها القابلية على أداء الأبوذية والبستة البغدادية. كما تعتبر من الأصوات النسائية التي سجلت حضوراً متميزاً في مجال أداء المقام العراقي بشكل خاص والأغنية العراقية بشكل عام، وتقف الآن وبكل جدارة مستحقة في طليعة الأصوات النسائية العراقية، وساعدها في ذلك دراستها الأكاديمية المتخصصة، في علم الغناء في معهد الدراسات الموسيقية في بغداد، والتي منحتها الحصانة العلمية.
تمتلك فريدة صوتاً عذباً وإمكانات قوية واسعة تمتد إلى إرث غنائي أصيل، إلى ديوانية «أوكتافين» في الموسيقى العربية، وهذه المساحة الصوتية وإمكاناتها الأدائية المتمكنة ساعدتها في أداء مجموعة كبيرة من المقامات العراقية. ثم تخرجت من المعهد وكانت من ضمن الطلبة العشرة الأوائل. وتشجيعاً من الفنان العراقي الكبير منير بشير، تم تعيينها في المعهد نفسه كمعيدة وأستاذة لمادة المقام العراقي، وبذلك تكون أول امرأة تقوم بهذه المهمة، حيث عملت في مجال تدريس المقام العراقي منذ العام 1990 إلى العام 1997.
لقطات
? شهد مسرح عبدالحسين عبدالرضا حضور حشد جماهيري غفير، تقدمه الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة محمد العسعوسي، إلى جانب كوكبة كبيرة من عشاق الطرب والمقامات العراقية.
? تميزت الفرقة العراقية بارتداء الزي الآشوري القديم، في حين أطلت سيدة المقام العراقي بفستان أخضر فضفاض.
? لم يدخر فريق عمل تلفزيون الكويت، وهم: المخرج جابر المروان ومساعد المخرج عبدالرحمن الجوهر، هديل الكندري وشيماء دشتي وندى البلوشي جهداً في تغطياتهم الشاملة، لفعاليات مهرجان «القرين الثقافي 24»، حيث بدا الجميع كخلية نحل دؤوب، منذ افتتاح المهرجان في العاشر من شهر يناير الجاري، ولغاية حفل الختام في التاسع والعشرين من الشهر ذاته.