د. وائل الحساوي / نسمات / لا نريد حلاً دستورياً أو غير دستوري

تصغير
تكبير
الآن وقد وقع المحذور الذي كان الجميع يتخوفون منه وهو تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء، فإننا لا نملك إلا أن ندعو الله تعالى بأن يلطف بنا وألا تتم معاقبة الشعب كله عن طريق الحل غير الدستوري للمجلس، والحقيقة أنه لا ارتباط بين الاستجواب والحل غير الدستوري فالاستجواب هو حق دستوري لكل نائب ولا يجب معاقبة النائب على استخدام حقه، ناهيك عن معاقبة الجميع، كذلك فإن الحل غير الدستوري ليس من صلاحية أحد لأن الدستور هو عقد بين الحاكم والمحكوم.
وقد يتراءى لنا بأن الشعب الكويتي سيرحب بالحل غير الدستوري بسبب غضبه على نوابه وتحميلهم مسؤولية تردي الوضع السياسي والاقتصادي وغيره، لكن الشعب سيثوب إلى رشده سريعاً ليدرك بأن المعضلة التي يعيشها أكثر تعقيداً من اختزالها بتحميل المسؤولية لجهة واحدة، إن أول خلل وقع في بداية الفصل التشريعي كان في تشكيل حكومة محاصصة بعيداًعن الاختصاص والكفاءة ودون موافقة من المجلس او انسجام، ثم بدأت التخبطات والأخطاء تصدر من الحكومة بطريقة معيبة، وكلما صاح عليها نائب تراجعت واعترفت بالخطأ إلى ان اصبحت اضحوكة في أفواه الجميع، ثم تبين بأن الحكومة لا تملك خطة عمل او استراتيجية واضحة وإنما بعض المواد الإنشائية التي تدرجها في خطتها الخمسية في كل مرة.
كنت اتمنى من الأخوة المستجوبين - والذين لا نشك في اخلاصهم وابتغائهم الإصلاح - بأن يستمعوا لأصوات الحكماء والكبار الذين حذروهم من سلوك هذا الطريق الذي لن يوصلنا إلى الحلول لمشاكلنا، فالخلل في المجلس وفي الحكومة لم يبدأ بعهد الشيخ ناصر المحمد، ولن ينتهي بتركه لمنصبه، كما ان الاحتجاج بقضية الشيخ الفالي وغضبة الشعب الكويتي على دخوله الكويت لا تكفي مبرراً للاستمرار في تقديم الاستجواب لاسيما بعد تراجع الحكومة وطرده من الكويت، فهل يريدون العنب أم الناطور؟!
إن الحركة الإسلامية في الكويت قد تهيأت لها فرص عظيمة في إثبات نفسها وشق طريقها وتحقيق المكاسب الكثيرة خلال سنوات قليلة، وكان ذلك بسبب توفيق الله تعالى أولا ثم بسبب الحكمة التي كانت سمة للحركة ولقياداتها وبعدها عن الأخطاء التي وقعت فيها حركات سبقتها في دول اخرى.
إن قفز بعض الشباب المتحمس على الأمور ومحاولة تحويل مسار الحركة الإسلامية تحت ضغط الحماس والتسرع و«حرق المراحل» من أجل الوصول إلى الأهداف، وإن الضرب بعرض الحائط بنصائح الحكماء وازدراء آرائهم هو من اخطر الأمور التي قضت على العديد من الحركات الإسلامية سابقاً، ويكفي ان نقرأ تاريخ حركة الإخوان المسلمين في مصر وسورية وحركة الغنوشي في تونس وحركة الترابي في السودان والحركة الإسلامية في الجزائر وغيرها لنعتبر بعاقبة التسرع وقفز الشباب على الشيوخ.
إن الوقت مازال يسمح بتدارك الأمور وهو ما نرجوه من اخواننا المستجوبين وليحذروا ممن يستغلهم من أجل تحقيق أجنداته الخاصة، كما ان السلطة مطالبة باتباع الحكمة وعدم جر الأمور إلى ما لا تحمد عقباه بعد أن تربعت الكويت على عرش الدول التي تفخر بالحرية والمساواة والنظام المستقر، فهل تنتصر الحكمة؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي