ضفافكِ الليلكيّة ربيعُ دائم
لملمَ أمطارهُ الغزيزة تطردُ غيماتهُ الرماديّة أرواحاً نقيّة ً جرّدتْ أغصانها قشعريرةُ تبعثُ الوحدة، احتملت هجوعَ الجليد في مخدعها الدافئ سنوات تحيكُ حولَ سريرِ اللقاء أحلاماً تتشرنقُ غيّبها الانتظار بحرارةِ الأسوار، يذيبُ الصمت جبالاً راسيات كان يكتنزها كاس الفاقةِ عاريةً تتجولُ مفتونة يكفيها ذاكَ البريق الناعس على صدرها المتورّد عطشاً، يهدهدُ اراجيحَ الرحيق الخجول، ينعمُ تحتَ سوتيانِ الورود بالأمنِ مِنْ عاصفةِ الحرير وشغب التمرد إذا استوطنَ مساحات مناجمها الدافقةِ حنيناً ناعماً يخضّلهُ ندى الليل المطمئن على الفناراتِ البعيدة .
وغرقتُ في بسمتها الشبقيّة مذهولاً سفوحها الرطبة تشمّسُ غبشَ الأيام توشوشُ انوثتها نبضَ الينابيعِ العميقة مغتبطة تلاحقني شهوةُ وحشتها تعطّرُ أنفاسي المرتجفة في رئتيّ ربيعها ترصفُ الأزهارَ قناديل تنقّي ليليَّ الأشعث مِنْ قسوةِ الأرقِ المتجهّم دوماً، تفتحُ ضفافها الليلكيّةِ عندَ الفجرِ تتهادى زوارقي تهيمُ تدلّني الى منابعها الحالمة تنزفُ غارا يموجُ بينَ حنايا الروح مرهفة كأهدابِ شمسِ سرَتها السمراءَ دوامة تكبرُ تكبرُ يأخذني بزوغها (أستنـگـي) (1) قطوفاً تجهشُ اسيرة الهمهمات المعذّبة أتملّاها (مْكيّفْ) (2) تُساقطُ تينها الغجريّ يلتحفُ ملاءات فراتي المذعورةِ فترنُّ الأجراس .
تخبو أصواتُ المدنِ البعيدة هناكَ لا أنيسَ إلاّ المرح اللائقَ بـ قرنفلها يتوسّدُ عاصفتي وقد ألقتْ بيوضَ الفجر تلصفُ على رمالِ الأنهارِ الناعسة تنتظرُ الربيعَ يوقظها.
(1) أستنــگـي: اختار(2) مْكيّفْ: فرحان وسعيد