الأيام تغدو وتروح والشهور تأتي وتتصادم والسنون تترى والناس يمشون في مناكب هذه الأرض ويبتغون من رزق الله وفضله، والكل يجد ويجتهد ليحصل على بغيته ويصل لتحقيق اهدافه، والأهداف تتنوع وتختلف وتتلون وتتباين في مضامينها، والناس يختلفون في مساعيهم ومشاربهم، فمنهم شريرون لا يهدأ بالهم ولا يطيب خاطرهم إلا إذا فرقوا بين الناس أو نشروا الفوضى في ربوع الدنيا أو بثوا الفساد في أرجائها، وهم لا يجعلون من الضمائر رقيبا او للهدى سبيلا، وآخرون يستقبلون الدنيا بروح واثقة من نصر الله وضمائر مطمئنة بالله، وهم يجدون في اعمالهم من اجل الخير والاشارة إليه وحياتهم ممتلئة به وأرواحهم تمتلئ بالانسانية، وهم يشيرون الى الخير ويعملون على إرسائه في اصقاع الدنيا بأسرها.
عام انتهى بكل ما فيه من نماء واستقرار وفوضى ودمار، عام تعرضت فيه اصقاع من الدنيا الى غيوم حالكة ورياح عاتية دمرت اسرا كثيرة وشردت أناسا عديدين وانتشر المرض والامية والفقر والفاقة، وتعرض الناس في اسواقهم ومنتجعاتهم واماكنهم العامة الى الدهس والتفجير والتخويف، واخذت الفرقة تدب بين الاشقاء قوية وقاسية كأنها التسونامي، نسأل الله الكريم ان يبددها ويحل مكانها هدوء واستقرار وسكينة ووئام.
عام ذهب وأشرق يوم امس عام جديد... فماذا عسى ان نتمنى ان يحل علينا في عامنا الجديد هذا، امال كثيرة وأمنيات عديدة يتمناها المرء، فعسى ان يكتب الله لجميع اصقاع الدنيا الملتهبة بويلات الحروب... أن يزال فتيلها ويعيش الناس باستقرار وسلام، وان يحل الخير في القلوب وتصفو النفوس وتكون الايدي بيضاء لا تشير إلا الى الخير والألسن نطقها الخير، وان يتحد ابناء هذه الديرة الطيبة على كلمة سواء، طريقهم رفعة الوطن وسبيلهم نهضته، وفكرهم تنميته وقلبهم تطوره، وأن يسعى كل في مجاله في الجد من اجل تحسين ادائه والعمل على تطوير نفسه والاشتراك مع الاخرين بروح جماعية خلاقة من اجل التنمية، وان تتحد السلطتان على تنمية شاملة في جميع معتركات الحياة التعليمية والصحية والاسكانية حتى يستقر المجتمع ويعمل على التفكير المنطقي السليم، بعيدا عن التشتيت والتبعيض والفرقة ويكون النقاش بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.