المرحلة المقبلة تحتاج «رجال رياضة» يتخذون القرارات المصيرية ويتحملون كلفتها
«الأزرق» خرج... ليعود
اليوسف في «قرار الاستبعاد» أثبت بُعد نظره وعمله للمستقبل
ودّع منتخب الكويت الوطني لكرة القدم المنافسة على لقب «خليجي 23» التي تستضيفها البلاد حتى الخامس من يناير المقبل بعد تلقيه، اول من امس، الخسارة الثانية توالياً ضمن المجموعة الاولى للبطولة، وكانت امام المنتخب العماني الشقيق بهدف نظيف، وقبلها كان قد خسر من المنتخب السعودي 1-2 في المباراة الافتتاحية.
ليست المناسبة الاولى التي يودّع فيها «الأزرق» صاحب السجل الحافل في البطولة، المنافسة مبكراً بيد انها تبدو مختلفة عن سابقاتها، سواء من ناحية الظروف التي واكبت تنظيم الكويت للبطولة، او مشاركة المنتخب في منافساتها.
فحتى الايام الاولى من الشهر الراهن، لم يكن اشد المتفائلين يتوقع رفع الإيقاف عن الكرة الكويتية بهذه السرعة، ثم ما تلاه من احداث متوالية، كان من ابرزها اعلان عودة حق تنظيم كأس الخليج الى الكويت، وتحديد يوم 22 ديسمبر الجاري موعداً لانطلاقها.
هذا الرتم المتسارع من الاحداث اجبر القائمين على اتحاد اللعبة على اتخاذ مجموعة من القرارات
الضرورية في هذه المرحلة، والتي لم تخلُ من المجازفة، كان من بينها اسناد مهمة قيادة المنتخب لمدرب فريق الجهراء، الصربي بوريس بونياك، والشروع في عملية اعداد سريعة للمنتخب تضمنت خوض مجموعة من التدريبات اليومية ورحلة قصيرة الى البحرين لمواجهة منتخبها في لقاء ودي، هو الاول الذي يخوضه «الأزرق» منذ عامين ونيّف من التوقف القسري جراء قرار الاتحاد الدولي «الفيفا» بمنع المشاركات الخارجية للاندية والمنتخبات الكويتية.
اذاً، فالمنتخب دخل المنافسات بوضع استثنائي لم يمر فيه اي من المنتخبات المشاركة في البطولة والذين كانوا قد خاضوا قبل اسابيع قليلة استحقاقات دولية رسمية، سواء كانت في تصفيات مونديال روسيا 2018، او تصفيات كأس آآسيا في الإمارات 2019.
ورغم ان المنتخب لم يكن مطالباً بتحقيق البطولة، على الاقل من قبل مسؤولي الاتحاد، إلّا ان اللاعبين استشعروا ضغوطاً جراء الالتفاف الشعبي والجماهيري حولهم، والذي كان من نتائجه امتلاء استاد جابر الدولي برقم قياسي من الجماهير في المباراتين اللتين خاضهما «الازرق» في البطولة.
ان تجربة «خليجي 23» يجب ان تكون اساساً لبناء جديد للكرة الكويتية قوامه خطة بعيدة المدى لاعداد جيل قادر على حمل لواء الدفاع عن شعار «الأزرق» في سنوات مقبلة، على ان تتوفر «أدوات» تنفيذ هذه الخطة من الناحية البشرية او التقنية او التمويلية.
تحتاج الكرة الكويتية الى ان يعاد بناؤها من جديد، انطلاقاً من القاعدة الاساس، وهي المدارس والاكاديميات الرياضية، مروراً بالأندية، وانتهاء بالمنتخبات بمراحلها العمرية المختلفة. وكل ذلك لن يتأتى من دون أن يكون هناك تنسيق بين اجهزة الدولة المختلفة، فالمسألة لم تعد منوطة فقط بالهيئة العامة للرياضة، باعتبارها الجهة المشرفة ادارياً ومالياً على القطاع الرياضي في البلاد، ولا في اتحاد اللعبة وحده، وانما تتعلق بجهات اخرى ينتظر منها مشاركة فعالة في «عملية تصحيح» ستجني رياضتنا وكرة القدم تحديداً ثمارها.
تحتاج المرحلة المقبلة الى «رجال رياضة» على غرار «رجال الدولة» السياسيين، رجال لا تأخذهم في الحق لومة لائم ولا ينصاعون للضغوط التي تمارس عليهم من الغير. رجال يتخذون القرارات المصيرية ويتحملون كلفتها مهما كانت عالية طالما ان الهدف هو المصلحة العامة وليست مصالح آنية ضيقة.
ولعلنا في هذا السياق مطالبون بالاشارة الى الخطوة الجريئة التي اتخذها رئيس اتحاد اللعبة الشيخ أحمد اليوسف باستبعاد لاعبين مهمين من تشكيلة المنتخب قبل مباراة عمان، بقرار حاسم سعياً منه الى توفير الحماية لهما مما قد يتعرضان له خلال المباراة اعلامياً وجماهيرياً، وهنا اثبت اليوسف بُعد نظره وبأنه يعمل للمستقبل وليس للحاضر فقط، فاشراك اللاعبين كان يمكن ان يمنح «الأزرق» الفوز في المباراة، ولكن في المقابل، لا احد يستطيع ان يتنبأ بعواقب مشاركتهما على مستقبلهما الرياضي، وما قد يتعرضان له من تجريح قد يحدو بهما الى الابتعاد عن الملاعب، وبالتالي يخسر المنتخب عنصرين مميزين في الاستحقاقات المقبلة.