أنت تبقى محاطا بإفرازات سلوكياتك... فأنت تملك القيادي لذاتك وهو الذي بإمكانه أن يصنع التاريخ لك ولمن حولك بما فيهم الوطن أو المؤسسة التي تتولى قيادتها... والشاهد إن الكثير من أحبتنا ممن نقدمهم يفشل في رسم ولو لمحة إيجابية مما يبدر منه من قول أو فعل.
قس على هذا ما يدور في فلك الشبكة العنكبوتية... إن جل ما يعرض فيها كذب وبهتان وتخوين وسب وقذف، وقليل جدا ما نجد طرحا حقيقيا يبتغي من ورائه تنوير المجتمع ومعشر القراء... ولهذا السبب أصبحنا لا نقود أنفسنا بل نقاد من قبل مجاميع «تتكتك» لخدمة «معازيب» أو لأجندة خاصة بهم، بمعنى إنه لا فائدة مرجوة منهم والدليل إنه لا تتوافر الفرص الإصلاحية للبيئة الاجتماعية والعمل المؤسسي وإسلوب اختيار القياديين حتى هذه الساعة.
الحكيم ألكسندر بوب يقول «من يكذب كذبة لا يدرك مدى ضخامة الفعل الذي يفعله فهو مجبر على اختراع عشرين كذبة آخرى لكي يحافظ على الكذبة الأولى».
والبعض يبحث عن مصدر المال «من خرم الإبرة»... ولا يأبه إطلاقا لطبيعة المصدر «مشروع أو غير مشروع»... المهم يكسب حتى ولو بنقل الأكاذيب أو «ربط العصائص» أو أي سلوك مشين وهؤلاء أذكرهم ببيت شعر لأبو العتاهية يقول فيه:
يا جامع المال في الدنيا لوارثه
هل أنت بالمال بعد الموت تنتفع
هذا البيت بحد ذاته يعتبر أداة تقييم لمن يبحث عن الثراء السريع... «إركد شوي... رزقك مكتوب وعليك أن تسعى وفق القنوات المباحة»!
إن ما ترونه وتتابعونه من «تقلبات» في مواقع الأخبار الإلكترونية المرئي منها والمقروء والمسموع ومواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا تويتر هو أشبه بعنوان المقال «ضجيج المواقع» وأقصد هنا تلك الأصوات النشاز التي تريد تدمير ثقافتنا وتفرغ التواصل الاجتماعي من مضمونه لتحوله إلى «تطشير» اجتماعي!
ومعنى كلمة «ضجيج» تعني الأصوات غير المرغوب فيها... وإن كان قليل منها على حق بيّن.
أستشهد هنا بقول حكمة لمالكوم إكس وأنا من المعجبين به، وهي: «لقد تعلمت باكرا أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه? وأن على الإنسان أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد».
معجب به? لأننا نكتب نبحث عن الصالح لنا ولغيرنا ولوطننا ومؤسساته فصناعة التاريخ تأتي عبر التغيير الإيجابي الذي نكتشفه من بعض «الضجيج» الذي لا يرغب أصحاب القرار في الاستماع إليه.
نحن أكثر الناس رغبة في الاستماع إلى الجوانب السلبية... يعني سلوك الوشاية والكذب سهل ومرغوب الاستماع إليه بينما الباحث عن «الضجيج» الصالح الذي يفيد البلاد والعباد وقع في ذيل قائمة اهتماماتنا والنتيجة واضحة في معظم التقارير الدولية الخاصة بمستوى الكويت من الشفافية والتنافسية ومؤشر الفساد.
الغريب ليس الضجيج المباح... إنني أستغرب جدا ممن ينقل الضجيج الصالح بتصويره «تأزيما» أو فيه نكهة معارضة مع إن مفهوم المعارضة الصحية لم يستوعبه كثير من أبناء جلدتنا والمفروض هنا أن يؤتى بكل محدث للضجيج لفهم ما يدور في ذهنه عوضا عن سماع الاستنتاج من بعض مصدري الضجيج الفاسد غير المفيد.
الزبدة:
سنظل متمسكين بميثاق شرف أخذناه على أنفسنا بأن نقف مع الحق وكل ما يخدم وطننا الكويت ويرفع من مستوى ثقافة أحبابنا من مكونات المجتمع الكويتي ويقوي أداء مؤسساتنا.
و... بعيدا عن ضجيج المواقع? نتمنى أن يقف ملاك القرار الإصلاحي على مسافة واحدة من الجميع... ولربما بعض «الضجيج» الذي نقرأ عنه أو نشاهده أو نسمعه فيه صلاح للوطن والعباد.
نحتاج إلى القفز نحو المجهول بثبات متسلحين بمن يستحق أن يقرب منا وكما قلت وأكرر دوما «لا يقدم في القوم إلا أخيارها» ووووحبل الكذب وتبادل المصالح قصير وإن طال الزمن... الله المستعان.
[email protected] Twitter: @Terki_ALazmi