هناك قاعدة فقهية مهمة تقول: «إذا ضاق الأمر... اتسع» ويقول الشاعر يوسف بن محمد التلمساني:
اشتدي أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلج
وظلام الليل لها سرج
حتى يغشاه أبو السرج
والخلق جميعا في يده
فذوو سعة وذوو حرج
أشعر بالتفاؤل لما يجري اليوم في منطقتنا من أحداث، قد يقول قائل: «عن أي تفاؤل تتحدث، والناس يتحدثون عن التصعيد القائم اليوم على أكثر من مستوى، والناس قلقون من تطورات الأحداث وسيناريوهات الحرب التي بدأت تدق أجراسها من حولهم ولا يدرون من أين ستأتيهم الضربة القادمة»!
لست أماري في ذلك، ولكن بحسب القواعد التي ذكرتها فإننا قد وصلنا إلى المرحلة التي لا بد فيها من حسم الأمور ووضع حد لعدوان المعتدين!
منذ قيام ثورة الخميني عام 1979 عاش العالم الإسلامي مرحلة رعب متواصل تحت مسمى تصدير الثورة، وأخطأت إيران باستخدام العنف لإسقاط الأنظمة وتغييرها، ظناً منها بأن ذلك هو السبيل لنشر عقيدتها وتصدير ثورتها!
وساعد الأشرار في العالم إيران وسهلوا لها عدوانها على الآخرين وأخذت إيران تتفاخر بأنها قد احتلت عواصم أربع دول عربية، وأنشأت لها أجهزة عميلة في بعض البلدان تأتمر بأمرها مثل «حزب الله» اللبناني الذي تسبب في كراهية العالم كله للبنان بسبب المبالغة في العنف والدموية، والحرس الثوري الإيراني وقوات الحشد الشعبي وقوات الحوثي التي لعبت في بلادنا العربية وتفاخرت بأنها أداة طيعة في يد إيران!
لقد جرت تغيرات كثيرة في العالم منذ ذلك الحين وإن كانت بطيئة.
الأول: هو انتفاضة البلدان المسلمة ضد العدوان الإيراني وإصرارها على التصدي للعدوان الحوثي وطرده من اليمن، والذي بدأته السعودية بعاصفة الحزم المباركة التي أذهلت العالم وجعلته يقف إجلالاً لذلك التصميم على فرض احترام بلداننا وحقها في تقرير المصير!
التقارير الغربية تتكلم عن فشل عاصفة الحزم بعد مرور أكثر من سنتين على بدئها وعدم القدرة على حسم المعركة، وهذا خطأ استراتيجي، إذ إن هذه الحرب المفروضة علينا لا خيار لنا إلا بخوضها حتى النهاية، وان التحالف لا يحارب الحوثيين فقط ولكن يحارب إيران التي تمتلك أقوى ترسانة سلاح في الشرق الأوسط بعد إسرائيل!
الثاني: وهو العامل الأهم، فهو تنبه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لتفاقم خطر التدخل الإيراني في شؤون العالم، وان هذا التدخل قد أخذ ينقلب عليها ويسبب لها الحرج، وفي تصوري بأن ترامب ورث تركة ثقيلة من أوباما، وقد تم تقييده بمعاهدات مذلة ومنها الاتفاق النووي الذي يسيل له لعاب الدول الغربية، الواضح بأن ترامب قد بدأ ينفض عن كاهله تلك القيود وأصبح مصمماً على التصدي للعدوان الإيراني وربيبته «حزب الله»، وباعتقادي بأنه مجرد وقت قبل أن توجه الولايات المتحدة صفعة قوية لايران!
لقد مارسنا في منطقة الخليج الكثير من ضبط النفس والتسامح إلى أن استهتر بنا الكثيرون واعتبرونا ضعافاً، وقد آن الأوان لأخذ زمام المبادرة ورد الصاع صاعين لمن يعتدي علينا!
وها نحن نشاهد كيف قلبت استقالة سعد الحريري الطاولة على «حزب الله» وعلى إيران بعد أن أعطى الحريري «حزب الله» وأعوانه الكثير من التنازلات على حساب كرامة اللبنانيين وضحى بالكثير من أجل رص الصفوف، فما كان من حزب الشيطان إلا أن أعاد التخطيط لاغتياله كما فعل مع والده!
إن الفجر الصادق قادم بإذن الله، وأكاد أرى خلف تلك الظلمات ملامح ذلك الفجر بإذن الله، فلا تيأسوا ورصوا الصفوف لكي نرى ذلك الفجر قريباً بإذن الله!