ألمانيا بريئة ... من «التجنيس»
لا غبار على ريادة المانيا واستحقاقها لنسخة 2014 من بطولة كأس العالم لكرة القدم في البرازيل.
ثمة اجماع على ان التتويج جاء ثمرة منطقية لـ«مشروع» أبصر النور مطلع الألفية ومكافأة على خطة وطنية شملت قطاعات اللعبة كافة في بلد السبعة ملايين لاعب مسجل ضمن لوائح الاتحاد من أصل حوالي 83 مليون نسمة.
ما يمنح المانيا ميزة الريادة يتمثل في الإصرار على لعب الأدوار الاولى في اي استحقاق، وهو امر عاد ليفرض نفسه ابتداءً من 2006 عندما حققت بقيادة المدرب يورغن كلينسمان، المركز الثالث في كأس العالم التي استضافتها، قبل ان تبلغ نهائي «يورو 2008» تحت إشراف يواكيم لوف الذي احتفظ لها بالمركز الثالث في مونديال 2010.
في «يورو 2012»، بلغت دور الأربعة، قبل ان تنتزع كأس العالم 2014 وتتبعها بولوج نصف نهائي «يورو 2016»، وتتويج مظفر بكأس القارات 2017 بتشكيلة من الصاعدين والبدلاء.
انكلترا كانت دائما في مقدمة الدول الباحثة عن ثغرة في هرم النجاح الألماني بدل اقتفاء اثرها في البناء والتخطيط، وينطلق ذلك من واقعِ تفوقٍ، ليس فقط في عدد الالقاب الكبرى (8 بما فيها «القارات» مقابل 1) بل في الإصرار على تحقيق النجاح.
كلارك ويتني، صحافي أميركي «محايد»، أعطى في العام 2010 نموذج ردٍّ على ادعاءات الاعلام الإنكليزي الذي اعتبر بأن «تشكيلة لوف» ليست بمجملها ألمانية نتيجة توافر عناصر من أصول اجنبية.
بدأ تحليله متهكماً بسؤال: «اعتقدت لوهلة بأن على كل اللاعبين الألمان ان يحملوا ملامح الحارس أوليفر كانّ؟»، وتابع: «الصحافيون الإنكليز ينتقدون المانيا وربما اغفلوا ان في تشكيلة منتخبهم خمسة عناصر من أصول أفريقية وايرلندية».
وتطرق الى عدد من لاعبي منتخب المانيا في مونديال 2010: «سامي خضيرة من اب تونسي وام المانية، وقد ولد في شتوتغارت. جيروم بواتينغ من اب غاني وام المانية وهو من مواليد برلين. الامر نفسه ينطبق على ماريو غوميز المولود في ريدلينغن من اب إسباني وام المانية، فيما ابصر مسعود اوزيل النور في غيلسنكيرشن من اب الماني ذي أصول تركية».
وأضاف: «ميروسلاف كلوزه ولد في بولندا وانتقل مع والديه الى فرنسا عندما لم يكن قد بلغ عاما واحدا من العمر. وفي سن السابعة تحولت عائلته الى المانيا. لوكاس بودولسكي ولد في بولندا قبل ان ينتقل بعدها بسنتين مع الاسرة الى المانيا».
وأسهب ويتني في ضرب الأمثلة عن لاعبين قدِموا الى المانيا صغاراً واكتسبوا الجنسية وفق القوانين، مشددا على ان الكثير من المهاجرين الحاصلين على المواطنة الألمانية فضلوا تمثيل بلدهم الأم وهو ما لم تعترض عليه المانيا يوماً.
واعطى مثالاً عن انتماء لاعبي «ناسيونال مانشافت» الى المانيا عبر تصريح لخضيرة جاء فيه: «المانيا هي بلدي ووطني. الدخول الى ارض الملعب لتمثيل الوطن هو اعظم ما يمكن ان يحصل».
ولم يغفل الاعلامي الأميركي التطرق الى البرازيل التي تعتبر موطن العديد من الحضارات... برتغالية كانت أم إيطالية، إسبانية، ألمانية، يابانية، عربية، افريقية أو غيرها.
جاء تحليل ويتني منصفاً بالنسبة لالمانيا الا انه أغفل الأهم وهو ما يتمثل في الجانب الذي يرتكز على «النوايا».
فألمانيا لم تكن تدرك يوماً بأن كلوزه او اوزيل او بواتينغ او خضيرة أو كثيرين غيرهم من نجوم سابقين وحاليين، سيبرعون في كرة القدم. لم تكن نيتها ان تمنح الجنسية لهؤلاء كي يستفيد منهم منتخبها مستقبلاً. وهكذا تنتفي تهمة «التجنيس» عن الـ«ناسيونال مانشافت»، بيد انها تلتصق بإسبانيا مثلاً اذ استغلت الاخيرة تجنيس البرازيلي دييغو كوستا لتجد حلاً لانتفاء المهاجمين في صفوف «لا روخا». ولا ننسى البرازيلي الآخر ماركوس سينا احد أسباب تتويجها في «يورو 2008».
في البرتغال، جرى تجنيس البرازيليين ديكو وبيبي لتمثيل المنتخب بتوجيهات من المدرب البرازيلي لويس فيليبي سكولاري على اعتاب «يورو 2004».
لن نسهب في الحديث عن منتخبات جل عناصرها كانت وما زالت من أصول «غريبة» مثل فرنسا مع التذكير بأن افضل من ارتدى زي «الديوك» تاريخياً ليس سوى ميشال بلاتيني «الايطالي»، وزين الدين زيدان «الجزائري».
منتخب الارجنتين كان يضم في صفوفه لاعباً من جذور ايطالية هو كلاوديو كانيجبا فيما جوزيه لويس براون من أصول بريطانية.
جون بارنز «الإنكليزي» هو في الواقع جامايكي، ويضاف اليه العشرات من اللاعبين داكني البشرة الذي مثلوا «منتخب الاسود الثلاثة».
ومن ينسى بأن ايطاليا باتت أقوى بفضل ماورو كامورانيزي «الأرجنتيني» وتياغو موتا «البرازيلي» وماريو بالوتيللي «الغاني»؟
ويتني «الحيادي» أراد، بعلمه أو ربما من دونه، أن يؤكد التفوق الالماني على من يدّعي عراقة في مضمار لا يُؤمن بمن «وضع»... بل بمن «ربّى».
SOUSPORTS@
ثمة اجماع على ان التتويج جاء ثمرة منطقية لـ«مشروع» أبصر النور مطلع الألفية ومكافأة على خطة وطنية شملت قطاعات اللعبة كافة في بلد السبعة ملايين لاعب مسجل ضمن لوائح الاتحاد من أصل حوالي 83 مليون نسمة.
ما يمنح المانيا ميزة الريادة يتمثل في الإصرار على لعب الأدوار الاولى في اي استحقاق، وهو امر عاد ليفرض نفسه ابتداءً من 2006 عندما حققت بقيادة المدرب يورغن كلينسمان، المركز الثالث في كأس العالم التي استضافتها، قبل ان تبلغ نهائي «يورو 2008» تحت إشراف يواكيم لوف الذي احتفظ لها بالمركز الثالث في مونديال 2010.
في «يورو 2012»، بلغت دور الأربعة، قبل ان تنتزع كأس العالم 2014 وتتبعها بولوج نصف نهائي «يورو 2016»، وتتويج مظفر بكأس القارات 2017 بتشكيلة من الصاعدين والبدلاء.
انكلترا كانت دائما في مقدمة الدول الباحثة عن ثغرة في هرم النجاح الألماني بدل اقتفاء اثرها في البناء والتخطيط، وينطلق ذلك من واقعِ تفوقٍ، ليس فقط في عدد الالقاب الكبرى (8 بما فيها «القارات» مقابل 1) بل في الإصرار على تحقيق النجاح.
كلارك ويتني، صحافي أميركي «محايد»، أعطى في العام 2010 نموذج ردٍّ على ادعاءات الاعلام الإنكليزي الذي اعتبر بأن «تشكيلة لوف» ليست بمجملها ألمانية نتيجة توافر عناصر من أصول اجنبية.
بدأ تحليله متهكماً بسؤال: «اعتقدت لوهلة بأن على كل اللاعبين الألمان ان يحملوا ملامح الحارس أوليفر كانّ؟»، وتابع: «الصحافيون الإنكليز ينتقدون المانيا وربما اغفلوا ان في تشكيلة منتخبهم خمسة عناصر من أصول أفريقية وايرلندية».
وتطرق الى عدد من لاعبي منتخب المانيا في مونديال 2010: «سامي خضيرة من اب تونسي وام المانية، وقد ولد في شتوتغارت. جيروم بواتينغ من اب غاني وام المانية وهو من مواليد برلين. الامر نفسه ينطبق على ماريو غوميز المولود في ريدلينغن من اب إسباني وام المانية، فيما ابصر مسعود اوزيل النور في غيلسنكيرشن من اب الماني ذي أصول تركية».
وأضاف: «ميروسلاف كلوزه ولد في بولندا وانتقل مع والديه الى فرنسا عندما لم يكن قد بلغ عاما واحدا من العمر. وفي سن السابعة تحولت عائلته الى المانيا. لوكاس بودولسكي ولد في بولندا قبل ان ينتقل بعدها بسنتين مع الاسرة الى المانيا».
وأسهب ويتني في ضرب الأمثلة عن لاعبين قدِموا الى المانيا صغاراً واكتسبوا الجنسية وفق القوانين، مشددا على ان الكثير من المهاجرين الحاصلين على المواطنة الألمانية فضلوا تمثيل بلدهم الأم وهو ما لم تعترض عليه المانيا يوماً.
واعطى مثالاً عن انتماء لاعبي «ناسيونال مانشافت» الى المانيا عبر تصريح لخضيرة جاء فيه: «المانيا هي بلدي ووطني. الدخول الى ارض الملعب لتمثيل الوطن هو اعظم ما يمكن ان يحصل».
ولم يغفل الاعلامي الأميركي التطرق الى البرازيل التي تعتبر موطن العديد من الحضارات... برتغالية كانت أم إيطالية، إسبانية، ألمانية، يابانية، عربية، افريقية أو غيرها.
جاء تحليل ويتني منصفاً بالنسبة لالمانيا الا انه أغفل الأهم وهو ما يتمثل في الجانب الذي يرتكز على «النوايا».
فألمانيا لم تكن تدرك يوماً بأن كلوزه او اوزيل او بواتينغ او خضيرة أو كثيرين غيرهم من نجوم سابقين وحاليين، سيبرعون في كرة القدم. لم تكن نيتها ان تمنح الجنسية لهؤلاء كي يستفيد منهم منتخبها مستقبلاً. وهكذا تنتفي تهمة «التجنيس» عن الـ«ناسيونال مانشافت»، بيد انها تلتصق بإسبانيا مثلاً اذ استغلت الاخيرة تجنيس البرازيلي دييغو كوستا لتجد حلاً لانتفاء المهاجمين في صفوف «لا روخا». ولا ننسى البرازيلي الآخر ماركوس سينا احد أسباب تتويجها في «يورو 2008».
في البرتغال، جرى تجنيس البرازيليين ديكو وبيبي لتمثيل المنتخب بتوجيهات من المدرب البرازيلي لويس فيليبي سكولاري على اعتاب «يورو 2004».
لن نسهب في الحديث عن منتخبات جل عناصرها كانت وما زالت من أصول «غريبة» مثل فرنسا مع التذكير بأن افضل من ارتدى زي «الديوك» تاريخياً ليس سوى ميشال بلاتيني «الايطالي»، وزين الدين زيدان «الجزائري».
منتخب الارجنتين كان يضم في صفوفه لاعباً من جذور ايطالية هو كلاوديو كانيجبا فيما جوزيه لويس براون من أصول بريطانية.
جون بارنز «الإنكليزي» هو في الواقع جامايكي، ويضاف اليه العشرات من اللاعبين داكني البشرة الذي مثلوا «منتخب الاسود الثلاثة».
ومن ينسى بأن ايطاليا باتت أقوى بفضل ماورو كامورانيزي «الأرجنتيني» وتياغو موتا «البرازيلي» وماريو بالوتيللي «الغاني»؟
ويتني «الحيادي» أراد، بعلمه أو ربما من دونه، أن يؤكد التفوق الالماني على من يدّعي عراقة في مضمار لا يُؤمن بمن «وضع»... بل بمن «ربّى».
SOUSPORTS@