رواق

المحلل الكويتي الشامل

تصغير
تكبير
يمتاز الكويتي بحبه للتحليل، كل أنواع التحليلات إلا تحليل الدم، ودمه خفيف بالفطرة، وشكراً للإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي التي أفسحت المجال للكويتيين لاستعراض مواهبهم الكوميدية وهم يعيشون في قلب الكوميديا السوداء سببها حبهم للتحليل.

ويتميّز الكويتي بتحليله الأوضاع في الخارج كما الداخل... لا يرجح كفة على أخرى، فهو يترقب تشكيل الحكومة الجديدة ويراقب عواصف الإصلاح حوله ويخشى أن تعصف به ويتمنى أن تصله لتعصف بأعدائه.


فالكويتي مع الإصلاح الذي لا يطوله... يريد القضاء على الفاسد الكبير ليستطيع الفاسد الصغير أن يمارس فساده على حريته، لأن الفاسد الكبير لم يترك للفاسد الصغير شيئاً، وهذا الظلم في نظره، كما أن التعميم في هذا التحليل ظلم.

والكويتي محلل شامل، يعارض الأنظمة الشمولية شرط ألا يشمله شيء.

فالكويتي يحب الاستثناء، شرط أن يكون هو المستثنى... أما إن استُثني غيره، فسيطالب بالمساواة تحت شعار: اشمعنى؟

يعيش الكويتي اليوم على قلق صنعه فضوله لهوس التحليل: تحليل الداخل والخارج والعواصف حوله، وكأن الريح تحته ويداوي قلقه في التهريج المرتبك، وهو إن توقف عن الضحك بكى!

والكويتي سياسي بالفطرة، ولو لم يفقه في السياسة شيئاً، لكنها تشغله وهو متفوق في تسييس كل شيء حتى ما لا يسيس ولا يتسيس، وإن جهل السياسة فالسياسة لا تجهله. هو صاحب الأمجاد السياسية التي أنهته بعبارة «لا تسيسون السياسة».

والسياسة أهلكته وأنهكته، حرمته من الاستمتاع باللحظة السياسية التي وضعته في المقدمة لتراجع غيره لانشغاله بتحليل سبب تراجعهم حتى عن تحليل دمه الذي بدأ يثقل بعد أن كان خفيفاً لأسباب مجهولة أو معروفة، لكنه لا يعرفها لأنه يريد أن يعرف ماذا سيحصل غداً، ويحلل أحداث الناس ويفقد قوة اللحظة الآنية التي تحت سيطرته لأنه لا يستطيع السيطرة على أعصابه، ويتحمل كل عذاب العالم إلا عذاب الانتظار. فهو يريد الغد من أمس ويعيش يومه على قلق كأن الريح تحته، وعلى عكس بيت المتنبي توجهه جنوبا وشمالاً... كان الله في عونه.

reemalme@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي