أكد أن الأدوار خارج الحدود وآخرها «خلية العبدلي» وضعت لبنان في عين العاصفة

الحريري لإيران و«حزب الله» في خطاب الاستقالة الصادِمة: ستُقطع الأيدي التي تمتدّ إلى الأمة العربية

تصغير
تكبير
نعيش أجواء شبيهة بما قبل اغتيال الشهيد الحريري ولمستُ ما يحاك بالخفاء لاستهداف حياتي

إيران... ما تحلّ في مكانٍ إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب
حمَل الخطاب المتلفز الذي أعلن عبره رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على مدى سبع دقائق ونيّف استقالته، «حيثياتِ» هذا «القرار الكبير» الذي اتخذه راسماً «المسرح السياسي» وحتى الأمني، الداخلي والخارجي، الذي لا يمكن قراءة هذا التحوّل الدراماتيكي إلا في سياقه.

وجاء في خطاب استقالة الرئيس الحريري:


«إخواني وأحبابي أبناء الشعب اللبناني العظيم، أتوجه إليكم بهذا الخطاب في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ بلادنا والأمة العربية، التي تعيش ظروفاً مأسوية أَفرزتْها التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. فأنتم يا أبناء الشعب اللبناني العظيم، بما تحملونه من مُثُل وقِيَم وتاريخ مُشْرق، كنتم منارة العلم والمعرفة والديمقراطية، إلى أن تسلّطت عليكم فئاتٌ لا تريد لكم الخير دُعمت من خارج الحدود، وزَرعتْ بين أبناء البلد الواحد الفتن، وتَطاولتْ على سلطة الدولة، وأَنشأتْ دولة داخل الدولة، وانتهى بها الأمر أن سيطرتْ على مفاصلها وأصبح لها الكلمة العليا والقول الفصل في شؤون لبنان واللبنانيين.

أشير وبكل صراحة ودون مواربة إلى إيران، التي ما تحلّ في مكانٍ إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب، يشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسورية والعراق والبحرين واليمن. يدفعها إلى ذلك حقدٌ دفين على الأمة العربية، ورغبة جامحة في تدميرها والسيطرة عليها. وللأسف، وَجدتْ من أبنائها مَن يضع يده في يدها، بل ويعلن صراحةً ولاءه لها، والسعي لخطف لبنان من محيطه العربي والدولي بما يمثله من قَيم ومثل. أقصد في ذلك حزب الله الذراع الإيرانية، ليس في لبنان فحسب، بل وفي البلدان العربية.

أيها الشعب اللبناني العظيم،

خلال العقود الماضية، استطاع حزب الله للأسف فرْض أمرٍ واقع في لبنان بقوة سلاحه الذي يزعم أنه سلاح مقاومة، وهو الموجَّه إلى صدور إخواننا السوريين واليمنيين، فضلاً عن اللبنانيين. ولستُ بحاجة إلى سرْد هذه التدخلات، وكل يوم يَظهر لنا حَجْمُها، والتي أصبحنا نعاني منها، ليس على الصعيد الداخلي اللبناني فحسب، ولكن على صعيد علاقاتنا مع أشقائنا العرب، وما خلية حزب الله في الكويت (خلية العبدلي) عنا ببعيد، مما أصبح معه لبنان ومعه أنتم أيها الشعب اللبناني العظيم في عين العاصفة، ومحلّ الإدانات الدولية والعقوبات الاقتصادية بسبب إيران وذراعها حزب الله. لقد قرأنا جميعاً ما أشار إليه رأس النظام الإيراني من أن إيران تسيطر على مصير الدول في المنطقة، وأنه لا يمكن في العراق وسورية ولبنان وشمال أفريقيا والخليج العربي القيام بأي خطوة مصيرية دون إيران، والذي رددتُ عليه في حينه.

وأريد أن أقول لإيران وأتباعها إنهم خاسرون في تدخلاتهم في شؤون الأمة العربية، وستنهض أمتنا كما فعلت في السابق، وستُقطع الأيدي التي تمتدّ إليها بالسوء، وكما ردّت عليكم في البحرين واليمن فستردّ عليكم في كل جزء من أجزاء أمتنا الغالية، وسيرتدّ الشر إلى أهله.

لقد عاهدتُكم عندما قبِلتُ بتحمُّل المسؤولية أن أسعى لوحدة اللبنانيين وإنهاء الانقسام السياسي واستعادة سيادته، وترسيخ مبدأ النأي بالنفس، ولقد لقيت في سبيل ذلك أذى كثيراً، وترفّعتُ عن الردّ تغليباً لمصلحة لبنان والشعب اللبناني، وللأسف لم يزد هذا إيران وأتباعها إلا توغلاً في شؤوننا الداخلية، والتجاوز على سلطة الدولة، وفرض الأمر الواقع.

أيها الشعب اللبناني العظيم،

إن حالة الإحباط التي تسود بلادنا وحالة التشرذم والانقسامات وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة واستهداف الأمن الإقليمي العربي من لبنان، وتكوين عداوات ليس لنا طائل من ورائها، أمرٌ لا يمكن إقراره أو الرضى به تحت أي ظرف، وإني واثق بأن ذلك هو رغبة الشعب اللبناني بكل طوائفه ومكوناته.

إننا نعيش أجواء شبيهة بالأجواء التي سادتْ قبيل اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وقد لمستُ ما يحاك في الخفاء لاستهداف حياتي.

وانطلاقاً مما أؤمن به من مبادئ ورثتُها من المرحوم الشهيد رفيق الحريري ومن مبادئ ثورة الأرز العظيمة، ولأنني لا أرضى أن أخذل اللبنانيين أو أقبل بما يخالف تلك المبادئ، فإني أعلن استقالتي من رئاسة الحكومة اللبنانية، مع يقيني بأن إرادة اللبنانيين أقوى، وعزيمتهم أصلب، وسيكونون قادرين برجالهم ونسائهم على التغلب على الوصاية عليهم من الداخل أو الخارج، وأعدكم بجولة وجولات مليئة بالتفاؤل والأمل بأن يكون لبنان أقوى مستقلاً حراً، لا سلطان عليه إلا لشعبه العظيم، يحكمه القانون ويحميه جيشٌ واحدٌ وسلاحٌ واحدٌ».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي