قصة قصيرة / لحظة...

تصغير
تكبير
|نهى غنام| الروح تتكفل بتطهيرها... من القلق الذي تتوازى مع طقطقته على لحظاتها اليومية، فتعلن عن انسحابها من قمة الوجود الدنيوي، ومسرعة، مسرعة، ترتقي الى ما بعد الحياة.
ياسمينة على باب المنزل، ونرجسة تحت شباكها المكسور، الذي أدخل عليها برد الشتاء وقشعريرة الفجر حين يدق على نومها
***
مجنونة هي أو ما شابه، لتضيف ركنا آخر الى الصلاة في أوقاتها الخمس...
... «وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على ابراهيم وآل ابراهيم، في العالمين انك حميد مجيد»، «الله يرضى عليك ويهديك يا ابني... الله يرضى عليك ويهديك يا ابني».
«ونهنهة» من البكاء، وعويل القلب عندما يجمره فراق الأحباء...
لا الياسمينة ولا النرجسة ذاقتا طعم الماء، ولا حتى لسانها استطعم بحبة التفاح، التي تركتها في الثلاجة لتتناولها في الصباح
كانا يحبان التفاح باردا.
وما زالت هي تحبه كذلك، ظانة انه مازال هو كذلك.
***
في الغرفة الأولى على اليسار، من قسم النساء في المستشفى، استلقت، وقد أغمضت عينيها محتجة على منظمات الدفاع عن حقوق المرأة، لاعنة كل القيم التي فشلت في غرسها به، ناقمة على اللحظة التي اختارت له اسما تحبه، وحملته باكيا ومثقلا بحاله.
أغمضت عينيها، وحدها، منذ دقيقتين، وهادئة كما النسمة فكفكت جدائل شعرها، وسحبت «القلاقيل»* الزهرية، وقضت «عزيزة» سعيدة بانجاز الانسحاب من كون لا مكان لها فيه...
***
في الساحة الحمراء الصغيرة، التي تفترش الأرض، باب غرفة المدرسين، في المدرسة الكبيرة، في المدينة الصغيرة، التي تبعد أميالا عن مدينتها، في القُطر الذي عاشت فيه عزيزة ويعيش فيه هو الآن...
جلس يصحح اختبار نصف الفصل...
قلقا، متلبكا، مرتبكا، تتناثر قطرات العرق على جبهته المصفرة، تنغلق قصباته الهوائية بين كل نَفَس وآخر، «تزغلل» عينيه، تتقاضى هواجسه المتشائمة من يقينه، حصتها من الصدق، فيمضي الى هاتف المدرسة، تترجرج أصابعه على الأزرار، يضغط فيأتي الطنين مكفهرا، كجو اختلطت فيه الغيوم السوداء مع البيضاء، فابتلعتها الأولى وبقي الجو لا غائما ولا صافيا.
***
«ما تغلب حالك... اندفنت... والكل قام بواجبها»
***
أربعة من أيام آذار، قضاها منكبا على نفسه، متضايقا منها، فندم... وقرر أن يعتذر.... لأنه غلطان، فانشغل في درس خصوصي، ونسي ان يعتذر... لأنه غلطان.
***
صفعة لا بأس بها من القدر أنسته حليب أمه، فماتت وهي غضبانة عليه.
* القلاقيل: شريط من القماش اعتادت الفلاحات الفلسطينيات... أن يجدلن شعرهن به.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي