من زاوية أخرى

هل تنقطع «شعرة معاوية»؟

تصغير
تكبير
على عكس طقس الكويت الذي يميل إلى الاعتدال والبرودة، يزداد التسخين النيابي والحكومي، قبيل انطلاق دور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة الحالي، وسط حالة من التهديد والوعيد التي لم نعهدها خلال السنوات الأربع السابقة على الأقل، مع توقعات بانقطاع «شعرة معاوية» بين السلطتين، والعودة إلى مربع التأزيم، في ظل تهديد «جناح الصقور» بالدخول في دوامة الاستجوابات، ورغم كل محاولات التهدئة، وسحب فتيل الأزمات التي يقودها «جناح الحمائم» الذي يبدو أن هديله سيخبو أمام «غقغقة» أصحاب الجناح الثائر.

ومع احتدام الحوار السياسي، دخلت إلى الساحة عبارات وألفاظ لم تكن مألوفة في حياتنا السياسية، من قبيل «التخوين» و«بيع المواقف» وغير ذلك، بين أعضاء مجلس الأمة، حتى تابعنا السجال المتواصل بين اثنين من النواب، نال من تيار سياسي واجتماعي وديني له حضوره واحترامه في الكويت، بغض النظر عن مواقف الأطراف الأخرى منه، ولكن الخصومة يجب ألا تصل إلى التشهير، هذا عدا عن هجوم نائبة على زميل لها، رغم عدم تسميتها له، حيث ظل غير معروف في ظل تفضيله الصمت وعدم الرد، أضف إلى ذلك ما تشهده التصريحات النيابية من محاولات النيل من الزملاء بصورة أو أخرى، وهو أمر ليس صحياً ولا منطقياً من أعضاء سلطة انتخبهم الشعب، ويفترض أن تتناغم رؤاهم وتعمل لتحقيق طموحات من انتخبهم.


وأما في سياق العلاقة مع الحكومة، فيبدو أفقها ضبابياً، مع ما نسمعه من تهديدات نيابية بالتصعيد والتحضير لاستجوابات، ستنطلق مع انطلاق دور الانعقاد الذي ستشهد أولى جلساتها الرسمية حضور استجواب وزير الدولة الذي قدم وتحدثنا عنه وعن مضمونه وظروف تقديمه الأسبوع الماضي، أضف إلى ذلك تحضيرات حثيثة لتقديم استجوابين لوزير الدفاع ووزيرة الشؤون، إضافة إلى وضع وزير النفط ضمن المستهدفين، والتسخين الذي يجري في ملف وزير الصحة، ولاسيما في قضايا المخالفات المالية والتجاوزات الكبيرة في ملفات المكاتب الصحية في الخارج، عدا سياسة الوزير جمال الحربي الذي يعمل على إقصاء أي قيادي يخالفه في الرأي أو التوجه، كما حدث مع وكيل الوزارة العام الماضي، وتهديده بالاستقالة ما لم يحل الوكيل خالد السهلاوي للتقاعد، وهو يعيد الكرّة من جديد مع وكيلين مساعدين حاليا، هذا عدا التهديدات المستمرة باستهداف رأس الحكومة ورئيسها، ما يزيد من تعقيدات الأمور، ولاسيما أن الأجندة النيابية لا تتوافق أبدا مع السياسة الحكومية، وخاصة في ملفات «التقاعد المبكر» و«إلغاء زيادة البنزين» وحتى مسألة سحب الجناسي، وتباطؤ اللجنة المكلفة بدراسة الملف وإعادة جنسيات المسحوبة منهم، والملف الأخير، قسم النواب بين من عقد «هدنة» مع الحكومة لإعطائها فرصة معالجة القضية، ومن صعد في وجهها رافضا الهدنة ومتهما الفريق الثاني بأنه شكل «درعا بشرية» لحماية الحكومة ورئيسها، وتنازل عن دوره الرقابي لتحقيق مصالحه الخاصة.

ولكن يبدو أن الأمر قد يتغير في المرحلة المقبلة، فالحكومة رفضت ونفت أن يكون هناك هدنة مع المجلس، على لسان وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، وهو ما سحب البساط من تحت جناح المطالبين بالتهدئة لإنجاز ملف الجناسي، وقد رأينا نوعا من التلميحات بالمواجهة ما لم تصل اللجنة الوزارية إلى نتيجة نهائية قبل افتتاح دور الانعقاد، الأمر الذي يفتح الباب على احتمالات كثيرة قد تصل في أسوأ احتمالاتها إلى طريق مسدود، وبالتالي الاضطرار إلى رفع كتاب عدم تعاون، وحل المجلس، وهو أمر سرت إشاعة في شأنه خلال الأيام السابقة، سرعان ما نفاها رئيس المجلس، مؤكدا أن هذه الإشاعة معروف من يقف وراءها ويروجها، ولكن مع كل ما نراه ونتابعه، قد تصبح تلك الإشاعة حقيقة، وسيقال لمنتظري الحل في سبيل الترشح للانتخابات المقبلة: جهزوا خيامكم.

ولا شك أن جلسة الافتتاح لدور الانعقاد ستكون المقياس الحقيقي لطبيعة المرحلة المقبلة، فمن انتخابات اللجان وما يليها سنعرف على أي طريق تسير العلاقة بين السلطتين، وما إذا كانت شعرة معاوية ستبقى محاطة بالعناية والرعاية، أم أنها ستنقطع.

h.alasidan@hotmail.com

Dr_alasidan@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي