الزراعة من دون تربة أثبتت نجاحها في الكويت منذ 1948 ... ولم تنل حظها إعلامياً

ازرع سلطة طعامك على... سطح منزلك!

تصغير
تكبير
يوسف الموسوي: الزراعة من دون تربة نوعان مائية وأفقية بالجدار عن طريق الأنابيب

هذا النوع من الزراعة فيه تربة بنسبة 20 في المئة وهو أوفر إنتاجاً وأكثر فائدة

يمكن وفق الآلية زراعة الخضراوات الورقية بأنواعها فوق أسطح البيوت

دانة العلي: الأدوات الأولية قد تكون عالية الثمن ولكن على المدى الطويل يتم تعويض خسارتها

محمد جمال: الزراعة من دون تربة تركزت في النطاق البحثي ولم تنتشر بين المزارعين
على الرغم من نجاحها وثبوت فعاليتها، فإن الزراعة من دون تربة في الكويت لم تأخذ حظها من الضوء الإعلامي، فظلت مجهولة لا يعرفها الكثيرون، مع العلم أنها سهلة وعملية وتؤمن للإنسان خضراواته اللازمة، حتى يمكن ان يؤمن راعي البيت مستلزمات السلطة من زراعتها على سطح المنزل.

مشرف الوحدة التطبيقية في الهيئة العامة للزراعة يوسف الموسوي، يقول ان الزراعة من دون تربة لا يعني الا يكون لها تربة بتاتا، ولكن نسبة التربة فيها 20 في المئة مما يحتاج النبات في الامور الطبيعية، مشيرا إلى أن الزراعة من دون تربة تنقسم إلى نوعين، زراعة مائية، بحيث تتم زراعة النبات في تربة بسيطة، ثم تنزع هذه التربة ويثبت النبات في قطعة فلين على شكل ألواح وتوضع في مياه الحوض، بحيث تتم تغذيتها من تلك المياه، والثاني زراعة افقية بالجدار عن طريق الانابيب.


وذكر الموسوي لـ«الراي» التي زارت الزراعة المحمية في الهيئة، ان الزراعة من دون تربة توفر انتاجا عاليا ومحصولا محصنا من الحشرات، حيث يمكن الزراعة في أي وقت طالما وفرت البيئة الطبيعية للنباتات، موضحا ان الكويت ودول الخليج تعاني من ارتفاع حرارة الجو والتصحر مما اثر على الزراعة، وعليه فيمكن ان نزرع القوت اليومي فوق اسطح منازلنا، لافتا الى انه يمكن زراعة الخضراوات الورقية بأنواعها وكذلك الطماطم والبطاطا والخس والفراولة والباذنجان، اي نقوم بزراعة «السلطة» فوق اسطح منازلنا.

واشار الموسوي ان الزراعة بدون تربة داخل البيوت تساهم في عدم ارتفاع الاسعار وتوفير خضراوات طبيعية وآمنة لمعرفتنا بأنواع الاسمدة التي استخدمتها في الزراعة ويمكن تطبيق ذلك على اسطح المدارس والاماكن العامة التي يوفر بها مساحات للزراعة.

وبين ان الكويت استخدمت الزراعة من دون تربة كأول دولة في الشرق الاوسط منذ 1948 وهذا النوع من الزراعة موجود منذ القدم، ومنها حدائق بابل المعلقة وكانت فكرتها الزراعة بدون تربة ولكن عند رؤيتها من بعد يتخيل لك انها معلقة، واعتبرت احدى عجائب الدنيا السبعة واليوم نراها في المجمعات التجارية وصالات المنازل. واضاف ان انتاج الزراعة من دون تربة أوفر انتاجا واكثر فائدة صحية من الزراعة بالتربة خاصة وان الكويت تتميز بالتصحر وان ارضها 94 في المئة منها «جتش» وازالتها للزراعة تحتاج مال ووقت ولذا فان اللجوء للزراعة بدون تربة اوفر وافضل للانتاج.

وحذر الموسوي من يرغب بهذا النوع من الزراعة ان يتأكد من جودة الاسمدة التي تستخدم في الزراعة، لانها تعتمد في تغذيتها على هذه الاسمدة لعدم وجود تربة، وهناك انواع من الاسمدة جاهزة وبعضها يتم تركيبها بمعرفة المزارع، والافضل الشراء من شركات معتمدة او استشارة قسم الارشاد الزراعي في هيئة الزراعة او الدخول على موقع الهيئة الذي يوفر معلومات حول هذا النوع من الزراعة وكذلك يمكن حضور الدورات التثقيفية التي تقيمها الهيئة وهي دورات اختيارية ومجانية مدتها ساعتان ولمدة 5 ايام في الاسبوع بالاضافة الى تزويد المشارك بمذكرة وتدريب عملي على ما تم دراسته.

وأوضح ان من برغب بالزراعة داخل منزله عليه ان يختار الوقت من أول أكتوبر حتى اول شهر ديسمبر، ومن منتصف يناير وحتى الاول من شهر مارس من كل عام، وبعدها يمكن ان توقف المحاصيل القوتية للاكل ونبدأ في زراعة المحاصيل التي تتحمل الحرارة مثل انواع النعناع والريحان والزهور، حيث يمكن قطفها او تزيين المنازل بها.

وأوضح الموسوى ضرورة الزراعة مقابل الشمس من اول طلوعها وحتى غروبها ليمكن للنباتات الاستفادة منها وتكون باتجاه الشمال ولا ينصح بالزراعة في الاماكن التي لا تطالها الشمس علما ان النباتات تحتاج الى 8 ساعات للشمس سواء تم زراعتها بالتربة او بدونها. كما نصح بزراعة الخس لانه يحتوي على 24 في المئة من الماء، مما يعوض الجسم ما يفقده من ماء اثناء الصيف، ويحتوي على مجموعة من الفيتامينات التي تعدل المزاج، بالاضافة الى ازالته للامساك، ويساعد على الاسترخاء، طالبا من يرغب بأكل الخضراوات والفواكه ان يغسله جيدا بالماء والخل لازالة الحشرات والقاذورات والرمال التي علقت به، ما عدا الثمار ذات الطبيعة الخاصة كالفراولة والتين.

بدورها قالت الباحثة في مشروع شبه الجزيرة العربية دانة العلي ان محمية الهيئة العامة للزراعة من دون تربة تم تطويرها لتكون معلما سياحيا وعلميا، حيث يزورها 50 مدرسة سنويا من كل المراحل الدراسية، بالاضافة الى ذوي الاحتياجات الخاصة والباحثين في المجال الزراعي من طلبة الجامعة، ولاسيما طلبة كلية العلوم.

واشارت العلي إلى ان هناك تطبيقات عملية للزراعة من دون تربة تجرى للطلبة الزائرين، وتوسعنا في اجراء تطبيقات في مزارع الوفرة والعبدلي لمزيد من الاستفادة والتوعية للمزارعين بأهمية وجود هذه الزراعة، وبكيفية تطويرها وحمايتها وتقويتها. واضافت الى ان هناك 26 مزرعة تقوم بالزراعة من دون تربة في الوفرة والعبدلي، لافتة الى ان الادوات الاولية قد تكون عالية الثمن بعض الشيء، ولكن على المدى الطويل يتم تعويض خسارتها بالانتاج الوفير من الخضراوات بأنواعها، وأن الزراعة مهنة الانبياء ومطلوب فيها الصبر حتى تجنى فائدتها.

واشارت العلي الى ان هناك تجارب عديدة اجريت على انواع كثيرة من الخضراوات وثبت نجاح انتاج محاصيل، منها الطماطم والخيار والباذنجان والفلفل الحار والبامية، القرنبيط، الملفوف، الخس، السلق، السبانخ، البقدونس، الكزبرة، اللفت، الملوخية، الفجل، الجزر. وبينت ان اهم مميزات الزراعة بدون تربة هي الري مرة او مرتين في الشهر، بالاضافة الى الاعتماد على المؤشر في حال زيادة نسبة المياه او انخفاضها دون الاعتماد على التقديرات الشخصية كما الزراعة العادية، مع سهولة التسميد وقلة تكاليف الصيانة.

أما في مجال الزراعة المحمية، فإنها تعتبر من ركائز الانتاج الزراعي بدولة الكويت حيث واجهت الزراعة الحقلية المفتوحة منذ بدايتها ومازالت تحديات عديدة من ظروف مناخية متطرفة وندرة الموارد المائية والارضية الصالحة للزراعة، مما دفع الدولة الى اللجوء لوسائل انتاجية حديثة لمجابهة هذه التحديات فقد اهتمت منذ منتصف القرن الماضي بالزراعة المحمية بعد الحصول على نتائج واعدة من خلال تجارب وتطبيقات عملية. ونتيجة للحرص على مواكبة آخر التطورات الزراعية، بدأ الاهتمام بالزراعة بدون تربة في عام 1955 حيث انشأت اول وحدة تجريبية بمساحة 500 متر مربع وكانت النتائج الاولية مشجعة لانشاء اربع وحدات تجريبية جديدة للزراعة الحصوية بمساحة 2000 متر مربع في عام 1962. وفي عام 1972 انشأت اول وحدة انتاجية للزراعة بدون تربة في الشرق الاوسط بمساحة 20000 متر مربع لانتاج الخضراوات والازهار بمختلفة انواعها ومازالت الوحدات قائمة بمحطة التجاربة الزراعية بالرابية، (العطار - شلبي 1993).

وقال مدير ادارة البحوث والمشاكل الزراعية في الهيئة العامة للزراعة المهندس محمد جمال ان الزراعة من دون تربة بدولة الكويت تركزت في النطاق البحثي ولم تنتشر بين المزارعين على نطاق انتاجي، لعدة اسباب منها معرفة المزارعين معرفة تامة بتقنية الزراعة المحمية التقليدية ونجاحهم فيها نجاح باهر اضافة الى توافر الموارد المائية الصالحة للزراعة والتبريد في ذلك الوقت وعدم انتشار الامراض المصاحبة للتربة بالشكل الذي نراه اليوم. وكذلك عدم استعداد المزارعين الى تغيير النمط الزراعي الذي يبدعون فيه والتحول الى تقنية جديدة ليسوا على دراية وخبرة فنية بها، وكل هذه العوامل لم تشجعهم على تبينها، وهكذا كان الامر على مستوى العالم حيث بدأت تقنية الزراعة بدون تربة في الانتشار في بداية التسعينات.

واشار جمال إلى انه في عام 2003 بدأ المستوى الانتاجي الزراعي باستخدام الزراعة بدون تربة في الكويت بمساحة محصولية في حدود 5 دونمات (5000 متر مربع) بمنطقة العبدلي والوفرة تم فيها زراعة محصول الخس والشعير المستنبت. وفي موسم 2013 - 2014 ارتفعت المساحة المحصولية الى نحو 50 دونم. وذكر انه لم يكن هذا التطور بمستوى الطموح، وبناء على ذلك حرصت دولة الكويت متمثلة بالهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية على نقل هذه التكنولوجيا الى المزارعين الكويتيين من خلال مشاركتها بمشروع شبه الجزيرة العربية الذي يشمل دول مجلس التعاون بالاضافة الى جمهورية اليمن وبالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة ICARDA وبتمويل من الصندوق العربي للانماء الاجتماعي والاقتصادي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية IFAD. حيث بدأت مرحلة نقل التكنولوجيا الى عدد من المزارع في الكويت عام 2008 حيث بلغ عدد المزارع التي تبنت هذه التقنية 26 مزرعة حتى عام 2016.

وأكد حرص الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية على التوسع في تبني هذه التقنية من خلال التعاون مع مزارعين مميزين لانشاء المزارع الارشادية النموذجية في منطقتي الوفرة والعبدلي يتم من خلالها نشر هذه التقنية الى اكبر عدد ممكن من المزارعين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي