@أمينة

تخيلت أني وافدة!

No Image
تصغير
تكبير
هذا الصباح وأنا أشرب قهوتي، تخيلت أني قد سافرت للحصول على فرصة وظيفية أفضل مما حصلت عليه في وطني، لأتمكن من تغطية تكاليف علاج ابنتي اليتيمة، التي تعاني من مرض عضال في القلب. تركت ابنتي في رعاية أمي العجوز، لأخدم في بيوت أثرياء في بلد بعيد. لم أكن أنوي البقاء مغتربة مدة طويلة لكني تفاجأت بأني أصبحت عجوزا... لا بأس فقد حافظت على حياة ابنتي البعيدة.

مازالت قهوتي ساخنة، ارتشفت القليل و تخيلت بيني وبيني وكأنني وافدة في بلد غير بلدي منذ مولدي، عشت، درست و عملت فيه، ولا أعرف وطنا غير هذا البلد، لأن موطني الأصلي لم يعد له وجود بسبب الحروب المستمرة ولا أستطيع العودة له أبداً.

تراءى لي مشهد شاهدته مراراً في الأفلام العربية، فتقمصته و رأيتني وقد ركضت وراء حلم بفرصة عمل تجعلني ثرية في بلد بعيد، بعدما فقدت الأمل بالحصول على وظيفة جيدة حسب مؤهلاتي في بلدي. بعت كل ما لدي لأسافر لبلد بعيدة جداً، بلد كل ما فيها مختلف وغريب حتى اللغة. وفي النهاية كانت المفاجأة حيث لا وظيفة ولا مستقبل ولا راتب، ولا أملك حتى سعر تذكرة العودة لوطني.

وأيضا رأيتني في مستقبل بعيد، تصاحبني رفيقة دربي التي عاشت معي شبابها ونصف عمرها، أتت الى بلدي وهي صبية، عاشت في بيتي رعتني ورعت أسرتي، اهتمت معنا بشؤوننا الحياتية، إلى أن كبرت في السن، و حين عجزت الاستمرار في عملها لم نستطع أن نتخلى عنها ولم تستطع هي أن تبتعد عن أوكسجين الكويت، فما كان منا إلا أن اتفقنا أن بيتنا بوجودها معنا أجمل.

زبدة الحكي... رغم وجود فائض في الوافدين، ولا تخفى على أحد المشاكل المتعلقة بهذا الفائض من الوافدين مثل الازدحام المروري والفساد و جميع الأمور التي كلنا نراها وننسبها لوجود الوافدين الذين نعتبر نحن المواطنين بوجودهم أقلية، حيث ان مقابل كل كويتي ثلاثة وافدين، ولا أنكر بأنني شخصياّ دائماّ أطالب بتمكين الكويتيين من الوظائف التي يسيطر عليها الوافدون ليشعروا بقيمة كل دينار يمتلكونه، لكن أتمنى ألا ننكر ولا نتجاهل بأن هنالك دائماّ ولكل فرد من هؤلاء الوافدين سببا حقيقيا ترك بلاده من أجله، فهو لم يأت لهذه الصحراء سياحة، وخلص كوب القهوة.

aminaabughaith@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي