عندما نستذكر الأكراد فإن خيالنا يسرح إلى القائد الاسلامي صلاح الدين الأيوبي الذي قاد جيوش المسلمين إلى الانتصار على فلول جيوش الصليبيين وأسقط الدولة الفاطمية.
لكن الأكراد خلال تاريخهم الطويل كانوا جزءاً من الدولة الإسلامية ولم تقم لهم دولة مستقلة إلا ما ذكره المؤرخون من قيام مملكة كردستان بشمال العراق وجمهورية كردستان الحمراء بأذربيجان وجمهورية آرارات بتركيا وجمهورية مهاباد بشمال إيران خلال عشرينات القرن الماضي، والتي سقطت سريعا!
يتوزع الأكراد اليوم بين العراق وإيران وتركيا وسورية وأذربيجان وغيرها، ويبلغ تعدادهم ما يقارب الستين مليون نسمة، وللأكراد محاولات كثيرة لإقامة دولة مستقلة بهم ولكنها كانت دائماً تصطدم برفض الدول المجاورة لها والتصدي بعنف لتلك التجارب، كما شاهدنا في مجزرة «حلبجة» في عهد صدام حسين!
وقد تأسست حركات كردية متطرفة عدة هدفها الحصول على استقلال الأكراد وتكوين دولتهم الخاصة مثل حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي بقيادة صالح مسلم وهو فرع من حزب العمال الكردستاني!
كتب رئيس تحرير صحيفة هارتس الإسرائيلية ألوف بن عام 2011 مقالاً بعنوان: «تحذير الشرق الأوسط في مرحلة الإعمار» ذكر فيه بأن الانتفاضات الشعبية المتصاعدة والصراعات الداخلية الطاحنة ستؤدي الى إعادة رسم خرائط إقليمية ستكون بعيدة كل البعد عن اتفاقية سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات، وذكر بأن دولاً مستقلة جديدة أو متجددة مثل جنوب السودان وكردستان وفلسطين وربما برقة (شرق ليبيا) والصحراء الغربية وجنوب اليمن لابد أن تقوم، أما الكاتب رالف يترز فقد كتب في مقال«حدود الدم»:بأننا نتعامل مع تشوهات هائلة صنعها الإنسان بيده لا تزال مستمرة في توليد الحقد والكراهية ما لم يتم تصحيحها، وقال إن الجور الأكبر في عدم وجود دولة للأكراد!
إذاً فإن الاستفتاء الذي أجراه رئيس إقليم كردستان لمدى رغبة الأكراد في إقامة دولة كردية مستقلة عن العراق لم يأت من فراغ ولكنه حصل على الضوء الأخضر من الغرب، لاسيما الولايات المتحدة الأميركية التي دعمت الأكراد في أمور كثيرة، حتى في التصدي لداعش، حتى وإن أبدت الولايات المتحدة امتعاضها من إقدام البارزاني على إجراء الاستفتاء في هذا الوقت بالذات!
أما ردود الفعل لدول الجوار مما قد يقدم عليه الأكراد في الأيام المقبلة فهذه غير معروفة لاسيما مع التهديد التركي بتقويض دولة الأكراد ومحاصرتها اقتصاديا، كذلك فإن الحكومة العراقية قد طالبت بوضع يدها على المناطق المتنازع عليها مع الأكراد مثل كركوك الغنية بالنفط ما قد يشعل فتيل المواجهة بين العراق والدولة الكردية المقبلة، ولا يعلم إلا الله ما سيحدث، لكننا نسأل الله تعالى اللطف في الأمور وألا تكون ولادة دولة كردية في العراق وسط برك الدماء والدمار، فبلداننا لا تتحمل المزيد من المشاكل والصراعات، ومن غير المعقول أن يزداد التمزق في العراق على ما هو عليه!
مبروك للمملكة
نبارك للمملكة العربية السعودية يومها الوطني وندعو الله تعالى لها التوفيق والسداد، لقد لقينا من الدكتور عبدالعزيز الفايز - سفير المملكة لدى الكويت - أفضل الاستقبال والبشاشة والترحاب عندما قصدناه للتهنئة في احتفال السفارة باليوم الوطني للمملكة، وأعلنت المملكة بعدها بيوم السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وهو تطور طبيعي تمت تهيئة المجتمع السعودي له إلى أن أصبح واقعاً، ولم يقل أحد بحرمة قيادة المرأة للسيارة، ولكن ذلك القرار جاء بعدما أصبحت الأمور مهيأة له وتقبله الناس دون اعتراض!
مبروك للمملكة احتفالاتها ومبروك للمرأة السماح لها بقيادة السيارة!