شعرت وأنا أستمع إلى الرئيس الأميركي ترامب وهو يلقي خطابه في اجتماع الأمم المتحدة وكأني استمع للقائد النازي هتلر يخطب في جيشه، ويهدد كل من يخون الوطن بالويل والدمار.
فرئيس كوريا الشمالية الذي أطلق عليه ترامب لقب «الرجل الصاروخي» يقود مهمة انتحارية، والولايات المتحدة، تلك الدولة القوية والصبورة، إن لم يكن لها خيار آخر فإنها لن يكون لديها خيار الا التدمير الكامل لكوريا الشمالية!
ثم توجه إلى إيران فوصفها بأنها أكبر دولة راعية للإرهاب وأن الاتفاقية النووية التي وقعتها الدول الست معها هي أسوأ اتفاقية تم توقيعها، كما انتقد النظام السوري، وجرائمه بحق الشعب السوري، وقال إنه لن يسكت عن تلك الانتهاكات الصارخة للنظام!
ثم تحول إلى فنزويلا واتهم نظامها بالفساد وبتجويع شعبه!
علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خطاب ترامب بقوله: خلال أكثر من 30 سنة في الأمم المتحدة، لم أسمع خطاباً بهذه الشجاعة والحدة! أما إيران، فقد وصفت الخطاب بأنه حقير وسخيف بينما انسحب وفد كوريا الشمالية من القاعة قبل أن يلقي ترامب خطابه!
ولي ملاحظات على خطاب ترامب، أهمها أنه كان يخاطب ممثلي الدول وكأنه هو المسؤول عن الأمم المتحدة لا أنه يمثل دولة من دولها، لذا فقد طلب من الزعماء مساندته.
الأمر الآخر وهو أنه قد تجنب الحديث عن قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضدهم، ولذلك فقد شاهدنا إعجاب النتن ياهو به وبخطابه، ووصفه بالشجاعة كذلك فقد كرر ترامب الحديث عن التصدي للإرهاب الإسلامي، ونسي أن هنالك إرهاباً أكبر تقوم به دول أخرى مثل إرهاب إسرائيل وإرهاب البورميين بحق المسلمين الروهينغا، فلماذا لم يتكلم عن ذلك؟! لكن القضية الأهم هي مدى جدية ترامب في تنفيذ تهديداته للدول التي هددها، فقد وعد قادة دول الخليج قبل أربعة أشهر بالتصدي لإيران وردعها عن عدوانها على جيرانها ولكن تهديداته ذهبت أدراج الرياح، وما زالت إيران تستعمر سورية والعراق وتنفذ مخططاتها من دون أن نسمع من ترامب أو غيره انتقاداً لها!
كذلك، فإن نظام الأسد في سورية لم يشعر في يوم ما بالقوة والعظمة كما هو اليوم في ظل التآمر الروسي - الأميركي عليه وتخلي أميركا عن الثورة السورية!
إذاً دعونا نوقف تلك الاستعراضات والخطب الرنانة التي دمرت بلادنا وأذلت شعوبنا بينما الوعود الكثيرة تعمل عملها في تخدير أمتنا وامتصاص دمائنا!
ثم ان الناس لتدرك بأن الكلام عن تدمير كوريا الشمالية قد أصبح من الماضي، فالعالم غير مستعد للانجرار إلى حرب كونية جديدة بعد أن أعطى كوريا المجال إلى أن وصلت إلى كونها دولة نووية قوية، فدع عنكم تلك الأوهام!