لم أكن أتصور بأن شهور الصيف التي انقضت متثاقلة ستكون حُبلى بتلك الأحداث الجسيمة التي مرت علينا والتي نتج عنها بعض الأفراح وكثير من الأتراح!
لقد سعدنا بحكم محكمة التمييز في قضية «خلية العبدلي» التي وضعت الأمور في نصابها الصحيح، ثم شجاعة رجال الأمن في القبض على المجرمين الهاربين، كما سعدنا بموقف الحكومة الكويتية من إيران وتقليص التمثيل الديبلوماسي إلى أدنى درجة ومطالبتها لبنان بوقف تدخل «حزب الله» في شؤوننا الداخلية!
لكن تلك الفرحة لم تدم طويلاً، إذ تفجر الخلاف بين دول خليجية بطريقة غير مسبوقة وازداد التصعيد بين الأشقاء، وانصرفت دول الخليج عن قضاياها المصيرية لتنشغل ببعضها البعض. وبالرغم من مدح الجميع لموقف الكويت المعتدل من الأزمة وثنائهم على سمو أمير الكويت وحكمته، إلا أن الضرب تحت الحزام قد تخطى جميع الحدود، وتفننت بعض الفضائيات في كيل الشتائم والتهم إلى بعضها البعض!
أما القضايا المصيرية التي علّق العالم الإسلامي آماله العريضة على دول الخليج لحلها، فقد ذهبت أدراج الرياح. فهذه سورية التي قدمت مليون شهيد في ستة أعوام وكادت تنتصر على حكم بشار المجرم، فقد فقدت جميع انتصاراتها وأصبح المؤيدون لثورتها الباسلة بالأمس يتنصلون من مواقفهم ويدعمون بقاء النظام وهيمنته على الأمور، وتمكن النظام بمساعدة روسيا وإيران من استعادة كل ما فقده على يد الثورة المباركة، وبدأ مخطط تقسيم سورية على أشده واكتملت المؤامرة بينما نحن نبارك لروسيا ونمتدح قادتها المجرمين!
أما اليمن، فإنه وبعد ما يقارب الثلاث سنوات من تصدي قوى التحالف المباركة للطغمة التي هيمنت عليه وجعلت أهله شيعا، فإن الدول الغربية التي لم تحرك ساكناً لنصرته قد بدأت بكيل الاتهامات الكاذبة له!
أما الشعار الذي رفعه أوباما ودول أوروبا للتصدي لـ «داعش»، والذين استغلوا غفلة شعوبنا ليقنعونا بخطورة ذلك التنظيم المجرم على دولنا، وضرورة تفريغ جميع قوانا لمحاربته، فقد تبين أنه أكبر لعبة وخديعة من أجل استنفاد قوانا وشفط أموالنا واحتلال بلداننا، فها هي مناطق أهل السنة في العراق يتم تحريرها من «داعش» لكي يحتلها آخرون، وقد تم تدميرها عن بكرة أبيها، بينما «داعش» ما زال يضرب في كل مكان!
أما سورية، فتمثيلية «داعش» أكثر إتقاناً، وآخرها قيام «حزب الله» اللبناني بنقل عناصر «داعش» من سورية إلى العراق وتركهم يكملون تآمرهم على الشعب العراقي، فهل رأيتم كذباً أكبر من ذلك الكذب؟!
أما قضايانا المصيرية مثل انتفاضة الفلسطينيين في القدس، فقد تم إهمالها من الدول العربية عدا دموع التماسيح التي نذرفها في كل مناسبة، واليوم مسلمو الروهينغا يواجهون الإبادة الجماعية والطرد والحرق في ظل حكم رئيسة وزراء بورما الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، ولا صريخ لهم إلا الخطب الرنانة والشعارات الزائفة!
يبدو أن الاجواء خلال الصيف الماضي قد جاءت متناسقة مع مسلسل الأحداث الجسيمة في المنطقة، فدرجات حرارة لامست الـ 53 درجة مئوية ورطوبة قاتلة وجفاف، فالحمدلله الذي يبتلينا بالسراء والضراء!
ازدواجية الإعلام!
لطالما تساءلت عن السبب في ملاحقة وزارة الإعلام للكتّاب الكويتيين - وأنا منهم - ورفع القضايا الكثيرة عليهم والسبب هو حديثهم عن الخطر الإيراني وضرورة الحزم من أجل حماية الكويت من شرهم!
واليوم تخطو حكومتنا في الاتجاه الصحيح بالحزم ضد التدخل الإيراني وتقليص العلاقات الديبلوماسية!
فهل لحكومتنا سياستان متضادتان من القضية نفسها؟ وهل هذا جزاء من ينبه المسؤولين إلى واجبهم تجاه بلادهم وشعبهم؟