خلال ندوة جمعية الشريعة في «الحقوق» عن الأزمة المالية العالمية

السلطان: انعكاس الأزمة الاقتصادية على الكويت سببه سوء الإدارة وعدم مواكبة الأحداث

تصغير
تكبير
| كتب عمر العلاس وهاني شاكر |
أكد النائب خالد السلطان على أهمية متابعة وتحليل الازمة المالية العالمية الراهنة، خصوصا في الدوائر الاكاديمية المختصة، مشيرا إلى ان «هناك تاريخا اقتصاديا جديدا في العالم تتم صناعته أمام أعيننا وفي أسماعنا وله أيضاً اثر كبير على جيوبنا».
جاء ذلك خلال الندوة الاقتصادية التي نظمتها جمعية الشريعة بالتنسيق مع لجنة التوعية الاجتماعية في الاتحاد الوطني لطلبة الكويت مساء أول من أمس تحت عنوان «الازمة المالية العالمية» على مسرح كلية الحقوق.
وقال السلطان ان «العالم اليوم يمر بأزمة مالية بل كارثة اقتصادية غير مسبوقة في حجمها أو في مساحتها الجغرافية وفي عمق تأثيرها»، مشيرا إلى ان هذه فرصة خصوصا لطلبة الجامعة والمهتمين لبحث الموضوع ودراسته وتحليله، «لأن هذه الأزمة هي مدرسة تمر عليهم».
واوضح ان «تلك الأزمة تفوق باضعاف مضاعفة ازمة الكساد العظيم في اميركا»، لافتا إلى ان أميركا جرت العالم وبدرجات متفاوتة إلى تلك الازمة في ضررها واثرها، ضاربا مثالا على ذلك بتأثر اسواق المال انخفاضا خلال شهر اكتوبر الفائت إلى 12 تريليون دولار في حين ان حجم الدعم لهذه الاسواق بلغ 7 بلايين دولار منها 3.5 اميركيا و3.5 بليون من خارج أميركا.
واضاف السلطان ان «هذه الارقام تبدو مخيفة» وايضا الازمة غير مسبوقة في مساحتها الجغرافية فهي من حدود أميركا شرقا إلى حدودها غربا مرورا بالعالم بأكمله».
وتابع «اما من ناحية عمق تأثيرها فهي اصابت المصارف وشركات الاستثمار عموما حتى كبرى الشركات تأثرت بهذا الوضع»، مضيفا «احدثت تلك الازمة ايضا انخفاضا في اسواق المال، وانخفاضا في اسعار الاصول سواء عقاري أو سكن، وانخفاضا في الاصول المدرة، وانخفاض في اسعار النفط من 160 دولارا للبرميل إلى اقل من 60 دولارا، وايضا أدت تلك الازمة إلى عدم استقرار اسعار العملات وانحصار كبير للثقة وارتفاع البطالة وذلك يبدو منطقيا نظرا للانحدار السريع لدور أميركا الاقتصادي والسياسي».
واستطرد ان «الذي يقول ان الازمة التي يمر بها العالم اليوم ازمة ائتمانية يكون قد اختصرها، فهي ازمة مركبة في الودائع، وازمة في الاقتصاد العالمي وفي نظام الاقتصاد الأميركي وازمة ائتمانية شاملة عالمية ومحلية كما انها ازمة ثقة وأنظمة».
وعن انعكاس الازمة على الكويت قال النائب خالد السلطان ان «الازمة في الكويت ازمة قيادة وادارة وازمة ثقة وكذلك هي ازمة سيولة وائتمان وسوء إدارة لبعض الشركات»، مؤكدا على ان ضعف الإدارة وعدم القدرة على مواكبة الاحداث وادارة الازمات هي التي جعلت هناك ازمة حيث اننا في الكويت كان من المفترض الا تكون عندنا ازمة، مضيفا ان «هناك احتمالا ان تدخل الكويت في موقع اسوأ واحتمال سقوط بعض شركات الاستثمار احتمال وارد»، واصفا «الوضع في سوق الاوراق المالية بالسيئ».
وقال «الازمة بدأت من جانبين اولهما من جانب تضييق السيولة منذ 5 أو 6 اشهر من جانب البنك المركزي وتضييق السيولة ادى الى انخفاض اسعار الاسهم، رافق ذلك الازمة العالمية فأصبحت هناك أزمة ثقة وأزمة سيولة واستمرار للانحدار وعدم القدرة على تسيير الاصول وعدم وجود صادر للتمويل، وما حدث ان حاولت الشركات ان تبيع بعضا من اسهمها بأسعار منخفضة لتتمكن من سداد الالتزامات التي عليها».
وتابع «هنا تدخل أهمية السياسة في قيادة الاقتصاد ومواكبتها لهذه المتغيرات».
وقال «لو استمرت الاوضاع على ما هي عليه على خط لجنتنا ولجنتكم وقرارنا وقراركم والتصديق على القرار بعد اسبوع سنرى وضعا غير مريح في ما يتعلق بالاقتصاد».
وعن علاج أميركا للازمة الاقتصادية قال: «كان شغلها الشاغل هو كيف توفر سيولة في شرايين الاقتصاد».
وبيّن ان «البنوك في الكويت تحاول الاستفادة من اموال الحكومة وتأخذ وقتها في الاجراءات»، لافتا «الى انه غير متفائل بدور البنوك بالنسبة للمبالغ التي اودعتها فيها الحكومة والتي تقدر بحوالي مليوني دينار».
وعن قانون حماية الودائع الذي اقر أخيراً قال: «ان مجلس الأمة تسلم قانون ضمان الودائع في نفس الجلسة وكان هناك اجتماع مشترك للجنة التشريعية والمالية وسبق ذلك اجتماع مع رئيس الوزراء الذي كان متجاوب فيما يخص الفوائد الربوية بحيث كانت هناك فوائد ربوية تتم ازالتها.
واضاف «كان هناك تعديل من قبل اللجنة المالية بحيث يكون الضمان على اصل الوديعة، وكنا مطمئنين إلى مشروعيتها وبعد ذلك تم استفتاء اهل العلم وكان هناك فتوى كتابية تجيز هذه العملية وان اقرار قانون حماية الودائع لاجل اعطاء الثقة لوضع المصارف حتى لا يهلع الناس ويسحبوا نقودهم بشكل سريع لانه لو حدث ذلك ستكون هناك مشكلة كبيرة فالبنوك اصولها تقدر بحوالي 23 ملياراً لكن النقد الذي في النظام لا يصل إلى هذا المبلغ».
وعن اثر انخفاض اسعار النفط على الكويت قال: «انه يمكن تجاوز الامر إذا كان انخفاض اسعار النفط لفترة محدودة»، لافتا إلى انه لو استمر الانخفاض بهذا المستوى من 129 إلى 52 دولاراً للبرميل فإن ذلك سينعكس على الاقتصاد الكويتي بانخفاض يقدر بـ 29 في المئة.
وختم مؤكدا «ان تضرر الكويت من تلك الازمة اقل بكثير من بعض الدول الخليجية الاخرى وان مشكلة العقار حلها في توفير اراض جديدة».
من جانبه، اكد عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الادارية الدكتور انور الشريعان على ان «ازمة الكويت هي ازمة هلع وليست ناجمة عن مشكلة فنية»، موضحا ان «انهيار الاسهم في سوق الاوراق المالية الاميركية صاحبه انهيار الاسهم في سوق الكويت».
وأوضح الشريعان الفرق بين ما تعرض له العالم اثناء فترة الكساد العظيم والازمة المالية الحالية ملقيا الضوء على بعض المستجدات الحديثة التي ساهمت في تفاقم هذه الازمة ومنها سهولة انتقال المعلومة بين اسواق المال وكذلك التدخل الحكومي لمحاولة الاقتصاد العالمي.
واشار إلى ان 90 في المئة من الشركات عليها ديون او قروض لبنوك محلية او خارجية وما حدث هو ان تلك الشركات حاولت بيع اسهمها للوفاء بالتزاماتها فبدأت الاسهم تنهار.
وبين الشريعان «ان توافر السيولة في الكويت وعودة الاموال المهاجرة بعد احداث 11 سبتمبر وزيادة ارتفاع اسعار البترول ادى إلى ارتفاع السوق بشكل نظري وغير حقيقي فنتجت عن ذلك ارباح غير حقيقية وتضخم في الاسعار حتى ان بعض الشركات وصلت اسهمها إلى ارقام فلكية وعندما تدخل البنك المركزي لسحب السيولة بدأت الازمة تظهر».
وبين الشريعان «ان انقاذ النظام المصرفي ضرورة حتمية لحماية الاقتصاد الوطني لان البنوك عمود رئيسي في الاقتصاد الوطني ومن هنا تأتي اهمية انقاذها من خلال الفوائض المالية من جانب خطة الانقاذ الحكومي».
واضاف «ان شركات الاستثمار قائمة على مبدأ الربح والخسارة ومن الخطأ ان نحرق الفوائض المالية بانقاذ 70 او 80 مستثمراً لان الاقتصاد الوطني اهم».
وقال «ليس هناك خوف على الاستثمار طويل الاجل في الخارج لكن هناك خوف على الاستثمارات ذات الصلة بنظام المحافظ»، مؤكدا على ان حل الازمات المالية يحتاج إلى رأي فني وسرعة في التنفيذ والتوقيت».
من جانبه، تناول عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية الدكتور نايف محمد العجمي الحديث عن التخفيض المصطنع لمعدلات الفائدة في اميركا وكيف تطورت ازمة الرهن الاميركي متطرقا إلى الحديث عن المشتقات المالية في الاقتصاد الاميركي.
وطالب العجمي «بان يأخذ رأي الشرع على محمل الجد فيما يتعلق بالمعاملات الاقتصادية وضرورة ردها إلى اصولنا الاسلامية»، موضحا ان قانون حماية الودائع كان يجب في البداية عرضه على الرأي الشرعي.
وبين «ان ضمان الودائع ممنوع من الاصل لانه يشجع الناس على الايداع في تلك المصارف لكن في ظل تلك الازمة كان لابد من اقرار المشروع لان مفسدة عدم اقراره ستكون في نزع الثقة من المستثمر ومن ثم انهيار الاقتصاد الوطني ومن هنا يأتي دور الفقيه من الموازنة بين الامور، فنحن امام مفسدة ضمان الودائع ومفسدة انهيار الاقتصاد ومن هنا نقول اضمنوا هذه الودائع إلى حين انتهاء المفسدة الكبرى وهي انهيار الاقتصاد الوطني.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي