يتندر المصريون بطرفة أن النجم جورج قرداحي استضاف أحد نجلي رئيس مصري سابق، وعند الوصول إلى سؤال المليون كان الجواب يتضمن الإساءة إلى والده، فطلب الاستعانة بصديقه وكان شقيقه الذي أجابه: «أياً كان الجواب... أوعى تخسر أبوك عشان حتة مليون»!
راح الرئيس المصري وراح البرنامج التلفزيوني وراح الطيبون وجاء من هو مستعد لبيع أبيه وأخيه وأمه وأبنائه «عشان الترقية لحتة وظيفة أعلى» ولو كانت زيادتها كم ملطوش يلطشها من الذين أحق منه، فيرضى أن يأكل لقمة أخيه ولحم أخته حية أم ميتة، لا فرق، المهم أن يأكل ويؤكل عياله ولو مالاً حراماً أو جيفة.
المنافسات الشريفة في كل مجال ظاهرة إيجابية، لكن التقاتل الموبوء الموتور حتى التقزز للوصول إلى المجد عبر الهبوط إلى أسفل سافلين الهاوية بإقصاء المنافسين وتحويلهم إلى خصوم ولو كانوا أقرب المقربين والاعتقاد بأن تحطيم مركب خصمك سيؤدي إلى سرعة وصول مركبة إلى بر الأمان، لكن فاقد الشيء لا يعطيه ومن يحطم مركب أخيه سيحطم مركبه ابنه، فالدنيا دوارة أو على رأي جورج وسوف «سلف ودين».
للأسف يحدث في إحدى الدوائر الحكومية أن ينشغل الموظفون عن وظائفهم بكل شيء إلا وظيفتهم نفسها، وتصبح وظيفتهم شن حروب ضد كل من يفقه شيئاً في تخصصه، لأنهم باختصار ضد التخصص الذي هو ضد مصالحهم في عمل ما لا يعرفون للوصول إلى قمة الهرم لإفساد ما يمكن إفساده ما يضمن لهم استمرارهم لفترة تتجاوز فترة حكم الفراعنة، أما التطور فليس قضيتهم. لذلك، هم لم يسمعوا عن الإنجاز، فإنجازهم الوحيد هو الإفساد.
لا يكتفون بحرمان الكفء من أبسط حقوقه، بل يعتبرونه خصماً كسروا رأسه بعدم ترقيته، لكنهم سيكسرون ضلوعة بتخفيض ترقيته وسيكسرون قدميه باتهامه بالتسيب والتمارض ولو كان يئنّ مرضاً، وهذا الكفء لو كان أخوهم فسينال المصير نفسه.
اذا أردت اختبار أخلاق صديقك زامله في الوظيفة، وإذا أردت كشف حقيقته تنافس معه على وظيفة شاغرة وبعد الاختبار ستصل إلى نتيجة واحدة مفادها أن الفساد يبدأ من الأخلاق وينتهي به، فكيف نتوقع التطوير من مسؤول وصل إلى وظيفته بالتدليس والمكائد والحيل؟ وكيف ننتظر الإبداع من جهات تراقب حضور وانصراف موظفيها وتعتبر أعظم إنجازاتهم الالتزام بالدوام وتقرب الوشاة وتقصي كل من يغرد خارج سرب القيل والقال والنفاق الوظيفي وتلوح بعصا وجزرة الترقية والحرمان منها للمقربين من المنافقين الذين يبيعون ضمائرهم لأعلى سعر وإن كان بخساً؟
وإن كان نجل الرئيس المصري السابق - كما تقول الطرفة - استصغر المليون لـ «بيع أبيه»، هناك من يبيع أخاه «عشان حتة وظيفة زيادتها كم ملطوش اعتاد على لطشها».
reemalmee@