إشراقة

مفهوم «الوناسة» في تحقيق السعادة!

تصغير
تكبير
دعونا نسترسل اولا ولو قليلا في كشف مفهوم «الوناسة» الحقيقي، ومعناها الذي يعبر - ببساطة - عنه البهجة والفرح والمرح.

وقد تكون صخبا يصيب النفس البشرية بلحظات «أنس» تخالج الروح، فتظهر وكأنها امتلكت- النفس- سعادة الكون.

ومع ذلك فقد تشعبت التفاسير، وتعمقت في شرح الشارحون، إلا أن المفهوم العام في النهاية سيظل يتركز على تحقيق السعادة، بكل أشكالها، والتي ينظر إليها كل شخص حسب ثقافته وانتماءاته وعلاقته بالواقع، فربما يحس شخص ما بالسعادة في السفر مثلا، وقد يرى شخص آخر في السفر التعب والشقاء.

وأمر تفسير ذلك غير معقد ويخضع للترجمة النفسية لكل إنسان على حدة، وبحسب ما يمارسه من أجل الوصول إلى غايته، فقد تكون الممارسة عفوية وتلقائية والغاية هي ديمومة موحدة لجميع الفئات وهي البحث عن السعادة. وذلك من خلال مسار ترتيبي وبتكوين داخلي وبيئي، فإما أن يكون مساره وبيئته لها اتجاه لتحقيق السعادة بشعور الابتهاج، وإما ان يكون الاختيار سيئا بمسلك وبيئة تتنحى حتى بممارسة «الوناسة» لتتحقق السعادة.

والسعادة التي نريدها جميعا... هي متسارعة الخطى تتلاشى لحظاتها حتى أننا بلحظاتها تلك قد لانتدارك أن نعيشها أو نجدنا وقد نغفل عنها فنظن أنها مستمرة فنجد أنها قد تلوح لنا بتلويحة وداع ومغادرة!

والسعادة... كل له زاوية ينظر لها أنها منها وبها تتحقق؛ فهناك من يرى أن المال الذي يحقق له الثراء هو ما يحقق له السعادة، وامتلاكها والعيش في سلطنتها وعرشها وملامسة بلاطها، ومنهم من يرى تحقيق السعادة في السلطان والجاه والنسب فيتغنى بامتلاك ذلك... بالتفاخر والكبرياء، ومن ثم بذل كل مالديه ليكون متمتعا بوهم السلطان وليكون حينها قد تملك السعادة، واصبحت من نصيبه، من خلال من ينظرون إليه نظرة هيبة، فمن تلك النظرات ممن حوله يخالجه شعور فرحة وابتهاج يعتبرها تلك قمة السعادة التي ينشدها ويسعى لها وهي غايته.

وهناك من لهم رأي في امتلاك السعادة، وهم أولئك الذين ينظرون إليها على أنها باتباع ما أمر به الدين واجتناب مانهى عنه والتمسك بالقيم الإسلامية والقرب لله.

ونعود لمفهوم «الوناسة»... بعد أن علمنا الغاية التي يسعى من يمارسها كل بمفهومه عنها؛ فنجدها سهلة التداول والتناول من الجميع كل بحسب استطاعته وإمكانياته، فهناك من يملك الشيء القليل بقناعة يكسبها لحظتها ويصل لغايته وهي السعادة، وهناك من يتكلف بترفه ويرى أنه من ضروريات تحقيق ذلك، وهناك من يعيشها بطبيعته وبتلقائيته فذلك مالك للسعادة مكتنز لكم هائل منها قد يفيض أيضا ليسعد الآخرين...!

وهناك من يمارس عملا ما يرى فيه السعادة، ورؤيته تلك مبنية على ما يشعره بلحظته من ابتهاج يتوهم أنه الطريق الذي لا يحيد عنه الآخرون بالوصول للغاية، ويعتقد أنها ذات الطريق التي يسلكها الجميع لتحقيق الغاية!

في مجتمعاتنا نجد ان طرق التعبير عن «الوناسة» تغيرت، فنجد أن العائلات حين تبحث عنها يكون الاتفاق ان يكون التجمع من دون مناسبة رسمية فقط بحثا عنها ليكون الاتفاق ضمن التخطيط والترتيب لتحقيق ذلك، وغايتهم أن يتم ذلك ليتحقق لهم جزء من سعادة يتبادلونها.

وهناك من يخلط بين «الوناسة» والسعادة فينظر لهما على أنهما بالمعنى نفسه،وحقيقة الأمر أن «الوناسة» هي طفل يكبر ليكتمل نموه وليصل لحجم السعادة، فيسكنها ولكنه لايستوطنها ولايمكث فيها بل غادرها فـ«الوناسة» جزء- وإن كثر- من السعادة.

ومهما كان مفهوم «الوناسة»... نجد أنه بحث عن السعادة ولو القليل منها، ومهما كانت التعاريف المختصرة لمفهومها لن تكون مقياسا حقيقيا لدرجتها أو حجمها أو عمقها أو ماهيتها وتصنيفها، فتبقى كما هي يمارسونها كما تتفق وأمزجتهم لينالوا منها قسطا من السعادة.

* كاتب سعودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي