السبهان: لا يحمي الدول إلا مؤسساتها الشرعية

ارتيابٌ في لبنان من تصعيد نصرالله... الاستراتيجي

تصغير
تكبير
أعطى الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله أقوى إشارة الى البُعد الاستراتيجي لاندفاعة حزبه نحو انتزاعِ تطبيعٍ رسمي وعلني بين بيروت ونظام الرئيس بشار الأسد من بوابة المعركة التي كان أطلقها الحزب لإحكام السيطرة على الحدود اللبنانية - السورية وإنهاء وجود أي تنظيمات مسلَّحة فيها.

وبعد الدفْع باتجاه هذا التطبيع تحت عناوين عدة، بينها توفير سبل عودة النازحين السوريين الى بلدهم، و«الحاجة الاقتصادية» للبنان، وصولاً إلى تعمُّد التزامن بين معركة الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والقاع ضدّ «داعش» ومعركة «حزب الله» والجيش السوري في المقلب السوري في محاولةٍ لتظهير «شراكة» ميدانية، توّج نصرالله هذا المسار التصاعُدي بإطلالته ليل اول من امس التي بدا معها وكأنه يكرّس معادلاتٍ جديدة سياسياً وعسكرياً تستنبط إشاراتٍ مباشرة برسْم خصومه في الداخل كما تجاه الخارج حيال تَحكُّمه بـ «الإمرة الاستراتيجية» في لبنان، وخصوصاً في نقطتين تحدّث عنهما: الأولى ضمّ الجيش السوري الى أركان المعادلة الثلاثية التي يتمسّك بها في سياق الدفاع عن وضعية سلاحه والقائمة على «شعب وجيش ومقاومة» لتصبح رباعية. والثانية الاشتراط لأيّ تعاونٍ من القيادة السورية مع أي اتفاقٍ يتوصل إليه الجانب اللبناني في سياق التفاوض مع «داعش» بشأن مصير عسكرييه التسعة الأسرى لدى التنظيم أن يحصل «طلب رسمي لبناني وتنسيق علني، وليس تحت الطاولة بل فوق الطاولة، أي أن تُرسِل الحكومة اللبنانية رسمياً إلى دمشق لتقول للقيادة السورية نحن تَفاوضْنا مع المسلّحين… ونطلب منكم رسمياً أن نتعاون لإنجاح هذه المهمّة».


ولم يكد خطاب نصرالله، الذي برز فيه أيضاً رفْعه الانتصار القريب ضدّ التنظيمات الإرهابية الى مستوى «التحرير الثاني» بعد 25 مايو 2000 الذي كان التحرير الاول (من الاحتلال الاسرائيلي)، أن ينتهي حتى طُرحت علامات استفهامٍ كثيرة حول تداعيات هذا التصعيد على الواقع اللبناني، لا سيما انه شكّل محاولة متقدّمة لتحقيق المزيد من المكاسب الاستراتيجية تحت سقف التسوية السياسية التي تحكم لبنان منذ إنهاء الفراغ الرئاسي والتي يُخشى أن تتعرّض لانتكاسة تحت وطأة «القضم الممنْهج» الذي يعتمده «حزب الله».

ورغم الطابع «المبدئي» للمواقف التي صدرت رفضاً لكلام نصرالله الذي سارع الى تلقُّفه السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي متحدثاً عن «المعادلة الرباعية» بعد لقائه الرئيس نبيه بري، إلا أن هذه المواقف تعكس القلق المتنامي من مدى قدرة «الستاتيكو» الحالي على الصمود وسط رغبة إيرانية واضحة بتكريس نفوذها في لبنان.

وكان لافتاً في هذا السياق ردّ «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) على نصرالله، الذي أكد وجود تفاوُض يجريه حزبه في الاراضي السورية مع «داعش»، فاتّهمه بأنه «يتخذ من قضية الكشف عن العسكريين المخطوفين لدى (داعش) وسيلة لابتزاز الحكومة واستدراجها إلى مفاوضة (داعش) بالتنسيق والتكامل مع الحكومة السورية»، متمسكاً «بحصرية السلاح بيد الجيش والدولة» ورافضاً الكلام عن معادلة رباعية إقليمية جديدة.

وإذ اتّهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الامين العام لـ «حزب الله» بإلحاق الأذى بالجيش اللبناني عبر كلامه عن وجود تنسيق في معركة «فجر الجرود» بين الجيشين اللبناني والسوري و«حزب الله»، معلناً «ان معادلة نصرالله الفعلية» هي جيش، شعب، مقاومة، جيش سوري، حشد شعبي عراقي، وحرس ثوري ايراني «ولا يمكن القبول بها»، وجازماً بأن لا تنسيق مع نظام (داعشي) أكثر من (داعش)»، ذهب منسق الأمانة العامة لـ «14 آذار» سابقاً فارس سعيْد الى اعتبار «ان ابتزاز مأساة الجنود اللبنانيين المخطوفين من اجل فرض التنسيق (العلني) بين الدولة ونظام الأسد عمل سياسي رخيص يهدف لتدجين لبنان لأوامر ايران».

وتوقفت دوائر سياسية عند تَزامُن هذا التصعيد مع الزيارة التي يقوم بها وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان لبيروت في سياق رغبة الرياض بتوجيه رسالة بأنّ المملكة لم تتخلّ عن لبنان في غمرة احتدام عملية تقاسُم النفوذ في سورية والمنطقة.

وكانت بارزة تغريدة السبهان عبر «تويتر» والتي بدا من الصعب عزْلها عن كلام نصرالله إذ كتب: «جهود الجيش اللبناني ومحافظته على أمن واستقرار وطنه تثبت أنه لا يحمي الدول إلا مؤسساتها الشرعية. الوطنية وليست الطائفية هي من يبني الدول».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي