محمد الدلال / أفكار / أيها الشباب... إنما العاجز من لا يستبد!

تصغير
تكبير
ندائي في هذا المقال موجه إلى الشعب الكويتي بكل ألوان الطيف فيه، كما أنه موجه تحديداً إلى الشباب الذين هم أمل الأمة ومستقبلها، نداء يستدعي الشواهد التاريخية، والماضي القريب في تاريخ الكويت، عندما تصدر رجالات الكويت من تجار وعوائل ومشايخ وشباب، في عام 1920 المطالبة بأعمال الشورى، والمشاركة في القرار بين الحاكم والمحكوم، فنتج عن ذلك مجلس الشورى الأول. وفي الثلاثينات من القرن الماضي تصدر شباب الكتلة الوطنية قيادة الشارع الكويتي، وتصدر رجالات الكويت تلك التحركات فأدى الأمر إلى قيام المجلس التشريعي لعام 1938. وفي الخمسينات وبداية الستينات تزعم الاتجاه القومي، ومعهم العديد من العوائل والتجار، وآخرون، ومعظمهم من الشريحة الشبابية، تياراً شعبياً ساهمت الظروف الداخلية والخارجية بتتويجه بصدور دستور دولة الكويت 1962، وبموجبه انتقلت الكويت من كيان الإمارة ذات البعد القبلي إلى دولة المؤسسات، وفي مرحلة زمنية أخرى نتج عن تعطيل الدستور وحل مجلس الأمة في الأعوام 1976 و1986 رفض شعبي كبير، ونزول إلى الشارع، وتصدر للقوى السياسية والمؤسسات الأهلية والمجاميع الشبابية في المطالبة بعودة الحياة النيابية، والعمل بالدستور، فتمت إعادة العمل بالدستور في أعوام تلت ذلك. وأخيراً وليس أخيراً قاد شباب الكويت تيار المطالبة بإصلاح النظام الانتخابي، وبتعديله، وتوجت تلك التحركات بتحقيق فوز للمعارضة السياسية في انتخابات عام 2006، ومن ثم إقرار نظام الدوائر الانتخابية الجديدة.
إنها مسيرة أمة، وخيار شعب كريم تشرب منذ نشأته الحرية والعمل بالشورى، والدفع نحو المشاركة الشعبية الحقة، فقد تجاوز هذا الشعب الفقر قبل النفط بتآزر أبنائه، وبحثهم عن الإدارة المشتركة الحكيمة لشؤون الإمارة، وعمل رواده على إيجاد دولة المؤسسات، وتحقيق العدالة الاجتماعية عندما أنعم الله على هذا الشعب باكتشاف الثروات الطبيعية، فهي حق للجميع غير مقصور على فرد أو عائلة من العوائل. وقدم أبناء هذا الوطن الشهداء والتضحيات لمواجهة تحدي الغزو الغاشم بتمسكهم بالشرعية الدستورية، فقد كانت حبل النجاة لهم ولمستقبلهم بعد الله، واستمرت مسيرة العطاء فيهم، وجذوة الأمل بداخلهم في مناسبات عدة، بروح وإرادة شبابية تحدت فيه أمراض الرخاء، أو ضعف القادة، أو قلة السالكين لطريق الحرية، وتعزيز دولة المؤسسات، وإقامة العدل.
ان هذه المسيرة المباركة ليست قصراً على جيل من الأجيال، وليست حكراً على تيار من التيارات، وليست ماركة مسجلة لشخص، أو عائلة، أو مجموعة، أو طائفة، أو قبيلة، وانما هي روح أمة يملؤها الأمل بمستقبل أفضل تتعاطى فيه بمسؤولية التصدي الحكيم، ووفقاً للدستور، الخلافات التي زادت عن حدها في بيت الحكم فانعكست سلباً على واقعنا السياسي والاجتماعي، وهي سلاح الحكماء لإنهاء التشرذم الذي تعاني منه ساحة التيارات السياسية والمجتمعية وفقاً لقاعدة المشتركات، وهي دواء بمشاريع محددة لتطوير حال الإدارة في البلاد لإيقاف عجلة تدهور التنمية والخدمات الحكومية، وهي نفحات مباركة لتعزيز النسيج الاجتماعي، والوحدة الوطنية، بعيداً عن التشرذم والاختلاف الذي ينخر في الأمم فيودي بها في المهالك.
إنها دعوة تحريض للشباب بالاستبداد لتجاوز العجز السياسي بمكوناته المختلفة من عجز في القيادات، وعجز في التصورات، وعجز في تجاوز الاختلافات، وعجز في قيادة التغيير، ويتحقق ذلك بتداعي شباب الأمة بمختلف توجهاتهم على كلمة حق، ومشروع عمل بإقامة دولة الدستور، والقانون، والعدالة، والحريات، والعيش الكريم، وفق رؤية استراتيجية، ومخطط حكيم، وآليات للتنفيذ لتحقيق التغيير المدني الإصلاحي المنشود على أرض الواقع... فهل من مجيب؟
فكرة: نقترح أن تتداعى الاتحادات الطلابية، والقوائم الانتخابية المختلفة، إلى عقد حلقة نقاشية في ما بينها تتناول فيها فكرة صياغة مشروع وطني للاصلاح السياسي، أو تبني عدد من المشاريع الوطنية القائمة، والدفع نحو تسويقها في المجتمع.
محمد الدلال
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي