ضغوطٌ للجم أي «اندفاعة نار» في «عين الحلوة» بعد سقوط 4 قتلى

الجيش اللبناني يخسر 3 من عناصره ويُكمِل تقدّمه بثبات في المعركة ضدّ «داعش»

تصغير
تكبير
بخطى ثابتة وفي ظلّ احتضانٍ شعبي وسياسي جامِع، مضى الجيش اللبناني لليوم الثاني في معركته ضدّ «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، وسط تحقيقه المزيد من التقدّم الميداني وتحرير مساحات إضافية من الأراضي واستعادة نقاط استراتيجية، رغم الطبيعة المعقّدة والقاسية للجغرافية التي تدور عليها المواجهة ولا سيما في ضوء استعانة التنظيم الإرهابي بـ «سلاح» التفخيخ على أنواعه والألغام للتعويض عن ضعفه العسكري، وهو ما أدى الى سقوط 3 عناصر من الجيش (ايلي فريجي وباسم موسى وعثمان شديد) وجرْح آخر بانفجار لغمٍ أرضي بآليتهم على طريق دوار النجاصة - جرود عرسال.

وغداة إعلان الجيش اللبناني تحرير نحو 30 كيلومتراً مربّعاً من أصل مساحة الـ 120 كيلومتراً التي يحتلّها «داعش» في الجرود الشرقية الحدودية مع سورية، أنجز يوم أمس الجزء الثاني من الأهداف المرسومة للعملية عبر ربْط جرديْ رأس بعلبك وعرسال والتقدم باتجاه خربة داوود، في موازاة استعادة مرتفعات ضليل أم الجماعة شمال شرق مرتفعات ضهور الخنزير وعزْل مجموعات «داعش» في وادي مرطبيا، بعدما نجحتْ وحدات الجيش في اجتياز حربة الشميس وصولاً إلى تلة الخشن المعروفة بالمرتفع 1557 وهي أعلى تلة في القطاع الشمال، وسط خسائر إضافية في صفوف الإرهابيين الذين قضى منهم في اليوم الأول 20 مسلّحا وتسجيل حالات فرار واسعة لعناصره أمس.


وفي إيجاز عسكري عن سير عمليات اليوم الثاني، أعلن الناطق بإسم ?قيادة الجيش العقيد فادي أبو عيد، أنّ مجمل المساحة الّتي حررها الجيش، في المراحل التحضيرية واليومين الأول والثاني، «هي 80 كيلومتراً مربعاً من أصل 120 كيلومتراً مربعاً» يسيطر عليها «داعش»، مؤكداً أنّ «وحدات الجيش حقّقت تقدّماً واسعاً في مختلف المحاور، وقضت على العديد من العناصر الإرهابية، وتمكّنت من تدمير آليّاتهم وأسلحتهم».

وأشار إلى أن أبرز الإنجازات الميدانية «هي تدمير 12 مركزاً للإرهابيين في هذه المناطق الّتي تحتوي على تحصينات. كما تمّ ضبط عدد من الأسلحة والمتفجرات، وتمّ تفجير سيارة ودراجة نارية مفخّختين حاولتا استهداف مراكزنا».

ومن قلب «غبار» المعركة التي أَطلق عليها الجيش اللبناني اسم «فجر الجرود» وحرص قائده العماد جوزف عون على مواكبتها أمس على الأرض حيث تابَعَ سيْر اليوم الثاني من المواجهات من غرفة العمليات في رأس بعلبك قبل ان يجول على المراكز التي تمت استعادتها من «داعش»، لم ينكفئ الاهتمام بمسار العملية من زاويتيْن:

* الأولى داخلية من خلال الزخم الشعبي الكبير والغطاء السياسي الكامل للجيش باعتباره «الحامي الوحيد» للبنان وسيادته، رغم تعاطي «حزب الله» مع المعركة على أنها في سياق تثبيت معادلة «شعب وجيش ومقاومة» عبر إظهار «شراكته» الميدانية فيها ولو من المقلب السوري، حيث يخوض مع جيش النظام معركة «وإن عدتم عدنا» لتحرير الأراضي التي ما زال يحتلّها «داعش» في قارة والجراجير والتي أعلن أول من أمس انه استعاد 87 كيلومتراً مربعاً منها.

* والزاوية الثانية خارجية من خلال المعاينة العربية والغربية، لا سيما الأميركية والبريطانية لمجريات المعركة التي يخوضها الجيش ضدّ الإرهاب والتي ساهمت كل من واشنطن ولندن في رفْد المؤسسة العسكرية اللبنانية بالعتاد والذخيرة الضرورية لتمكينها من حسْمها، وسط رصْد لجانب حسّاس يتمثّل في ما إذا كانت العملية ستنزلق الى أي تنسيق وتعاون علني مع «حزب الله» الذي تعمّد إظهار التزامن بين المعركتين في المقلبيْن اللبناني والسوري، في محاولة مزدوجة للإيحاء بتنسيق معه ومع النظام السوري الذي يسعى إلى جرّ لبنان الرسمي الى تطبيعٍ معه.

وفي حين يُنتظر أن تتضح ابتداء من اليوم آفاق معركة الجرود وإمكان انصياع الارهابيين تحت وطأة الضغط العسكري إلى التفاوض لانسحابهم نحو البادية السورية، ما زال الغموض يكتنف مصير العسكريين التسعة الأسرى لدى «داعش» منذ العام 2014، علماً أن بتّ هذا المصير يشكّل شرطاً لا رجوع عنه للجيش للبدء بأي مسار تفاوُضي.

ومن هنا، اكتسبت «الحركة الغامضة» للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في اتجاه جرود عرسال أول من أمس وبمرافقة سيارات من الصليب الأحمر أهمية خاصة، لا سيما انها رُبطت بشيء ما في ما خص ملف العسكريين، وسط تقارير أشارت الى أن حركة اللواء ابراهيم على خط هذا الملف واعترافات مَن استسلموا من «داعش» في المقلب السوري كشفتْ وجود جثث مدفونة في مغارة في جرود عرسال. وفي حين أفادت التقارير عن أن الجثث نُقلت إلى بيروت لإخضاعها لفحوص الـ «دي ان آي» في محاولة لتحديد هوية أصحابها، نفى الناطق الرسمي باسم أهالي العسكريين المخطوفين حسين يوسف أن يكون تم نقل أي جثث إلى العاصمة لإجراء فحوص عليها.

وفي موازاة جبهة الجرود الشرقية، اتجهت الأنظار الى خروج «الجمر الى فوق الرماد» في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، عبر اشتباكاتٍ استمرت ليومين بين حركة «فتح» ومجموعات متشددة تابعة لبلال بدر وبلال العرقوب وأدت الى سقوط 4 قتلى وعدد من الجرحى، قبل قرار سياسي كبير باحتواء الموقف.

وعلمت «الراي» ان مسار الاشتباكات التي كانت بدأت باعتداء مجموعة بلال العرقوب على «القوة الفلسطينية المشتركة» والذي تطوّر الى قرار كان بدأ تنفيذه في محاولة لإنهاء حالة بلال بدر والعرقوب، أنذر بانفلات الوضع العسكري في المخيم بما يحرف الأنظار عن معركة الجرود، الأمر الذي استدعى تدخلاً من شخصيات سياسية وعسكرية لبنانية رفيعة حضّت المرجعية الفلسطينية على تفادي أي انفجار في «عين الحلوة» والحاجة الى التهدئة والحؤول دور جرّ المخيم الى أجندات من شأنها إشغال الجيش اللبناني بعيداً عن معركته الأساسية ضدّ «داعش».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي