الآلاف شيّعوه وسط حضور رسمي

عبدالحسين عبدالرضا... في أمان الله

تصغير
تكبير
بالعبرات والعبارات، ودّعت الكويت أمس الفنان العملاق عبدالحسين عبدالرضا في جنازة مهيبة، حضرها الآلاف وتقدمهم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العبدالله، وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب خالد الروضان، ووزير الخدمات وزير الدولة لشؤون الإسكان ياسر أبل، إضافة إلى شخصيات سياسية وفنية وشعبية.

الآلاف مشوا خلف جثمان الفنان الراحل حتى ووري ثرى الكويت في مقبرة الصليبخات الجعفرية، فشكلوا أمواجاً بشرية احتضنته ليصل إلى مثواه الأخير، بعدما وصل صباحاً عبر طائرة أميرية آتية من لندن.


واعتبر الوزير محمد عبدالله المبارك الصباح أن الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا أفنى حياته في خدمة الكويت وبث رسالة وطنية سامية، لافتاً إلى أن ما قام به المواطنون تجاه المرحوم هو رد جميل له على سنوات طوال من الأعمال الفنية التي قدمها طيلة حياته وأمتع فيها الجمهور.

وأضاف أن الفنان الراحل ذهب بجسده، إلا أن أعماله وأفكاره باقية في الوجدان، داعياً المولى عز وجل أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

وأشار الوزير خالد الروضان إلى أن الفنان الراحل زرع الابتسامة وأضحك المواطن والمسؤول، مثنياً على مسيرته التي استطاع من خلالها أن يخلّد اسمه بين الكثير من الفنانين المشاهير على الساحة العربية والخليجية، كونه حمل من خلال أعماله هموم الشارع العربي والخليجي بشكل خاص في أزمنة مختلفة وحمل رسائل وطنية متنوعة.

ورأى الوزير ياسر أبل أن الفنان الراحل أحب الكويت وأفنى عمره خدمة لها من خلال الرسائل الوطنية التي جسدها في فنه، مضيفاً أن الكويت فقدت أحد عمالقة الفن الكويتي والعربي الذي طالما أدخل البهجة إلى كل بيت كويتي وحمل رسالة فنية وطنية مبدأها الإخلاص وشعارها الصدق.

وتابع أن الراحل قامة وطنية كبيرة، مثّل كل الكويتيين بصدق وعبّر عن مواقفهم بوطنية وقدم حاجاتهم بإخلاص، مؤكداً أن أعماله ستبقى خالدة وهي جزء من التاريخ الوطني.

وحاول الفنان سعد الفرج أن يخفي حزنه العميق ويحبس دموعه، لكنه لم يصمد حين بدأ بالحديث لـ«الراي»عن رفيق دربه، فانهمرت دموعه بغزارة، واختلطت بشجن الصوت، وقال:«ما زلت أتذكر تلك السنوات التي عشناها معاً في الوسط الفني وخارجه، فقد كانت لدينا الكثير من المواقف الجميلة، التي لا يمكن نسيانها على الإطلاق، وقدمنا معاً العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والإذاعية». وأضاف:«عبدالحسين هو أخي وصديقي ورفيق دربي، رحمك الله يا بوعدنان وأسكنك فسيح جناته».

من جانبه، قال الفنان طارق العلي:«رحل الأب والصديق والحقاني أبو الفن والدنا، وإن شاء الله على النهج باقون والله يصبر قلبنا وأهله الكرام». وأضاف:«الفن رسالة كان يأخذها على عاتقه، فانخرط في تقديم كل ما يهم الشارع الكويتي، فطرق باب السياسة والرياضة والفن، فكيف أنساك يا بوعدنان؟».

الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي قال:«نتقدم بأحر التعازي لأسرة الفقيد والأسرة الفنية، وعزاؤنا الوحيد بالفقيد الغالي أنه ترك لنا العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية الخالدة، والتي تتضمن الكثير من القيم في تاريخ الكويت وعادات أهل الكويت».

الفنان محمد المنصور قال من جهته:«قدم الفنان الراحل ومن معه على مدار خمسة عقود فناً راقياً وهادفاً، وكان خير من مثّل الفن الكويتي، ويكفي محبة الوطن العربي له».

ورأى الفنان جاسم النبهان«أن بوعدنان دعامة من دعامات الفن الخليجي والعربي، أعماله كانت توحد الشعوب الخليجية، وكان رحمه الله يقدم فناً هادفاً وفناً حقيقياً ومحترماً».

بدوره، قال الفنان داوود حسين: «أعجز عن الكلام، والكويت هي التي تتحدث عنه... الله يرحمك يا بوعدنان ولا أعرف ماذا أقول أكثر».

الشاعر علي المعتوق عبّر عن حزنه بوفاة العملاق عبدالحسين عبدالرضا، مؤكداً «أن بوعدنان سيبقى حياً ولا يموت، وإن رحل عن دنيانا، إلا أن ذكراه الطيبة عالقة في قلوبنا إلى أبد الآبدين». وأضاف المعتوق: «أعماله ستبقى رافداً تنهل منه كل الأجيال القادمة... وداعاً بوعدنان ومثواك الجنة يا رب».

أما الفنان حسن البلام، فقال: «المرحوم حسبة والدي، وعندما كنت مريضاً كان يتصل بي ويوبخني كي أقلع عن التدخين، ومن الصعب أن أقف اليوم أمام جنازته، ولكن هذا قضاء وقدر ولا اعتراض على أمر الله».

وقال المخرج صادق بهبهاني: «وفاته هي فاجعة للوسط الفني، وبرحيل بوعدنان رحلت الكوميديا الحقيقية والفن الأصيل، المكالمة الأخيرة التي جرت بيني وبينه، كانت بعد مشاركته في مسلسل سيلفي في رمضان الماضي، وأخذ رأيي بالحلقة ويستشيرني، فكان قمة في التواضع والأخلاق، ولا فرق لديه بين ممثل شاب وفنان كبير».

المخرج عبد العزيز الحداد تحدث لـ«الراي» أيضاً وقال: «تأثرنا كثيراً برحيل الفنان العملاق مثلما تأثرنا بأعماله التي امتدت على مدى أكثر من نصف القرن»، متسائلاً: «ماذا عسانا أن نقول؟... هل نتحدث عن عبدالحسين الفنان أم الإنسان؟... فكلاهما حكاية في حد ذاتها».

من جهته، قال الكاتب الإماراتي عبدالرحمن الصالح: «الآن رحل المسرح الجاد، ولم يتبق لدينا سوى مسرح التهريج، كما رحلت الكوميديا الهادفة منذ أن رحل العملاق بوعدنان». وأضاف الصالح:«ندعو الله أن يتقبله ويغفر له ويسكنه فسيح جناته».

الفنان القطري غازي حسين أكد بدوره أن الحديث يطول عن فنان بحجم وبقيمة عبدالحسين عبدالرضا، الذي أعطى للفن الشيء الكثير، بينما أخذ حب الناس وتقدير الجميع. وأوضح حسين أن بوعدنان يحظي بمكانة خليجية وعربية مرموقة، وبفقدانه أصبح الحزن يخيم على الوسط الفني العربي.

وقال الفنان بشار الشطي:«الله يرحمه حبيب الشعب الفنان الوالد الإنسان والطيب. بيننا جيرة وعلاقة شبه أسرية، ولم أتخيل في يوم من الأيام أن أحضرعزاءه. أستغفر الله وهذه حال الدنيا، وما رأيته من حب له تدمع له عيناي كون هذه القاعدة». وأضاف:«حتى اللافتات في بعض شوارع الكويت تعتليها صورته، وهذا دليل على الحب. ولم يطلب الراحل من أحد هذا الشيء، لكن حبنا وحب الناس له فاق كل التوقعات».

أما المخرج عبدالعزيز صفر، فقال:«لقد فقدنا جزءاً كبيراً من التراث الكويتي العريق. وعلى الصعيد الشخصي، فقدت واحداً من أفراد الأسرة». ولفت صفر إلى أنه كان يحلم بالعمل مع بوعدنان، إلا أن إرادة الله حالت دون ذلك.

ورأى الفنان أحمد ايراج أن«العملاق عبدالحسين عبدالرضا هو ليس مجرد فنان عادي، بل إنه وطني استطاع أن يجسد من خلال أعماله في التلفزيون والمسرح والإذاعة، كل صور الوحدة الوطنية، فأحبه الجميع، وهو فنان جمع العالم العربي بأسره».

وقال الفنان أحمد السلمان:«كان دائماً يدعمنا ويساعدنا ويحل خلافاتنا، وكان عندما تحدث أي مشكلة في أي مكان، سواء في نقابة الفنانين أو المسرح الكويتي، يتجنبها ويبتعد ويخرج». وأضاف:«حتى أنه كان لا يأكل قبل أن يأكل الجميع، ويحرص على أن يكون كل شيء بخير ويسأل عن أحوالنا باستمرار، وكان حبيب الكل».

واعتبر الفنان البحريني يوسف بو هلول أن الفنان الراحل«يُعد فنان الكويت والخليج الأول وهو أبونا كلنا، وفقدنا هامة ليست فقط كويتية، وإنما على مستوى الوطن العربي».

وصول الجثمان

|كتب علاء محمود |

الدموع كانت محبوسة طول الوقت، رافضة فضح نفسها. وفي المقابل، كان الأسى واضحاً وجلياً في الأعين، ومع هذا كله فالكلمات تقف هنا عاجزة في هذا الموقف عن وصف وتصوير ما تراه العين المجردة، لأن مشهد فراق الأحبّة دائماً يكون مهيباً وحزيناً جداً لا يمكن لأي شخص تفسيره أو نقله من خلال مجموعة كلمات أو جمل متراصفة، لكن أقل ما يمكن قوله إن الحزن كان هو العنوان الوحيد الذي خيّم على وجوه جميع الحاضرين في مشهد وصول جثمان الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، بعدما حطت الطائرة الأميرية ووصل جثمانه إلى المطار الأميري - ظهيرة أمس قادماً من لندن، حيث وافته المنية هناك قبل أيام، إذ كان برفقته نجله الأصغر بشار إلى جانب الفنان داوود حسين، وفي استقباله بالقاعة الوزارية كل من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الاعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح إلى جانب الفنان طارق العلي والفنان جاسم النبهان والفنان هاني الطباخ وغيرهم من الحضور، إلى جانب أفراد عائلته منهم شقيقه عبدالمحسن وابنه عدنان، وابن شقيقه الفنان علي عبدالمحسن وعدد من أحفاده.

فما ان توقفت الطائرة الأميرية وفتحت أبوابها، حتى اتجهت كل الأنظار إلى ذلك الباب الصغير حيث أنزل منه النعش، وهنا لم يتمالك كل من كان حاضراً لهذا المشهد نفسه، فترك دموعه تنهمر معبرة عن الحزن في فراق بوعدنان، الذي غادر من دون أن يودّع أحبابه، تاركاً إياهم ظناً منه أنه سيعود لهم قريباً كما عودهم في كل زيارة يقوم بها إلى لندن.

وقال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله لـ «الراي»: «أعزي الشعب الكويتي على وفاة الفنان عبدالحسين عبدالرضا الذي كان رمزاً للمحبة والسلام ونشر الألفة واللحمة بين كافة طبقات المجتمع، أسأل الله أن يرحمه ويتغمد روحه الجنة».

ومن جانبه، صرّح عبدالمحسن شقيق الراحل بوعدنان قائلاً: «عظم الله أجر الكويت وشعبها بوفاة الراحل شقيقي الفنان عبدالحسين، وكل الشكر والتقدير لسيدي صاحب السمو أمير البلاد على تكريمه لنا بابتعاث طائرة أميرية خاصة لإحضار الجثمان العزيز على قلوب الجميع، لأن بوعدنان فعلاً زرع وحصد هذه المحبة، حيث انه في حياته كان دائماً يجمعنا على المحبة من خلال أعماله التي ما زالت راسخة في الأذهان ومن خلال تواصله مع الجميع ومشاركاته في شتّى المهرجانات المحلية والخليجية والعربية مع حرصه بالتواجد وترك بصمة في الأعياد الوطنية وكل حدث يخصّ هذه الأرض الطيبة». وأضاف: «نعم، كان بوعدنان يضحي من أجل الكويت وشعبها، وأتذكر أنه خلال أيام الغزو العراقي الغاشم قد أصرّ على البقاء رافضاً المغادرة بقوله لنا (أموت بتراب ديرتي)».

حضور فني حاشد

حضر مراسم دفن الفنان الراحل عدد كبير من رفاق الدرب منهم: سعد الفرج، إبراهيم الصلال، محمد المنصور، عبدالرحمن العقل، طارق العلي، داوود حسين، خالد البريكي، جاسم النبهان، جمال الردهان، أحمد إيراج، الفنان الإماراتي حسين الجسمي، الكاتب بدر محارب، الفنان القطري غازي حسين، أحمد فؤاد الشطي، الشاعر علي المعتوق، المخرج محمد دحام الشمري، المخرج عبدالعزيز الحداد، المخرج نعمان حسين، المخرج صادق بهبهاني، الكاتب الإماراتي عبدالرحمن الصالح، الممثل البحريني يوسف بوهلول، بشار الشطي، أحمد السلمان، المذيع مناف أشكناني، الإعلامي يوسف مصطفى، المخرج عبدالعزيز صفر، الفنان البحريني أحمد الجميري، الفنان الإماراتي حبيب غلوم، الفنان الإماراتي سعيد سالم، سعود الشويعي، هاني الطباخ، نواف الشمري وغيرهم الكثير.

16 أغسطس... مفارقة

لعلها مصادفة... لكنها ليست عادية.

فتاريخ 16 أغسطس شاهد على محطتين في تاريخ الراحل عبدالحسين عبدالرضا، تفصل بينهما أربعون عاماً. أحداهما ارتبط بالبهجة، وثانيتهما وقعه صعب على محبي العملاق.

ففي 16 أغسطس 1977، انطلقت أولى حلقات مسلسل«درب الزلق»، الذي حفر نجاحه في قلوب الكويتيين والخليجيين وما زال يسكن ذاكرتهم كلما تم التطرق إلى تاريخ الدراما الكويتية أو إلى «العفوية والتألق» مجتمعين في عمل من الناس وإلى الناس.

وبالأمس، 16 أغسطس 2017، غطّى ثرى الكويت جثمان الفنان الراحل، بعد أربعين عاماً من التحليق في سماء التألق والنجاح مع «درب الزلق».

لقطات:

? رغم شدة الحرارة والرطوبة، بدأ المعزون يتوافدون إلى المقبرة منذ الساعة 12 ظهراً، وهم من كبار السن ورفقاء الدرب وأصدقاء وأقارب الفنان عبدالحسين عبدالرضا.

? بدا التعب واضحاً على عدنان، الابن البكر للفنان الراحل. وحين طلبت «الراي» منه كلمه، قال: «أنا زين مني واقف على طولي وفيني القلب وأخاف أطيح بأي لحظة». كما أنه اضطره إلى الخروج من صالة المشيعين للجلوس في سيارته لبضع دقائق لينال قسطاً من الراحة قبل الدفن.

? بدأت فترة العزاء في الساحة 1 في مسجد المقبرة.

? جرى توزيع المياه والعصائر طوال فترة العزاء.

? في تمام الساعة الثانية ظهراً، بدأت الحشود تتهافت على المكان، حيث اكتظت أركان المقبرة الجعفرية بالمئات من المعزين.

? حضور رجال الأمن في المقبرة والتنظيم كان أكثر من رائع.

? دعا أقرباء بوعدنان جموع المشيعين إلى تقديم واجب العزاء في مسجد الوزان بمنطقة مشرف ابتداء من صباح اليوم.

? تكررت المطالبات من أقرباء بوعدنان من الحاضرين بعدم التصوير بواسطة الهواتف، مشددين بقولهم، «اللي يصور مو محلل»، وذلك بعد مشادات كلامية بسبب التصوير في الأماكن المخصصة للنساء.

? طائرات مسيّرة تابعة لوزارة الداخلية لم تتوقف عن التحليق فوق المقبرة الجعفرية.

? ازدحام شديد للغاية، أدى إلى تأخير مرور الجثمان لبضع دقائق، الأمر الذي استدعى رجال الداخلية إلى فضه.

? حالات إغماء لعدد من المشيعين بسبب التدافع وضيق التنفس، غير أن الفرق الطبية كانت على أتم الاستعداد.

? فرقة العمران الفنية والمركز العلوي للتنمية والإبداع من محافظة الأحساء كانت متواجدة لتقديم واجب العزاء للفقيد.

فريق التصوير

أسعد عبدالله وزكريا عطية

ونايف العقلة وطارق عزالدين

وبسام زيدان
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي