الحياة سفر عظيم، من يتصفحه يرى في طياته مشاهد مختلفة وصورا متعددة لمواقف وسمات وصفات ونعوت لكثير من الشخصيات حفرت أعمالها في القلوب ورسخت صفاتها الجميلة في الأذهان وهي باقية حتى ولو رحلت هذه الشخصيات عن عالمنا...
ودّعت الكويت منذ ايام رجلاً من المخلصين الذين نذروا انفسهم من اجل الثقافة والفن ليبرزوا تراثاً جميلاً لهذه الديرة الطيبة وينشروا مفردات اهلها وطيبة قلوبهم وسماحتهم واصالة معدنهم.
ودّعت الديرة فناناً قديراً وعملاقاً له قامة كبيرة في مضمار الفن هو فنان الكويت والخليج عبدالحسين عبدالرضا.
إنسان عرف عنه حب الوطن واعلاء كلمته وصفات اهله في كثير من اعماله الفنية منذ بداية الشروع بها في الستينات من القرن الماضي.
ولد الفنان الكبير في دروازة عبدالرزاق بفريج العوازم في منطقة شرق عام 1939، فدرج في احضان الكويت ووطأت قدماه ارض هذا الوطن الكريم ودرج في أوساطه وتعلم في مدارسه وتلقى الاصالة في احضانه فبثها عبر اعماله المتنوعة.
فعالج الفساد وصنوفه وانواعه بمختلف أعماله الفنية، وبذلك صد الفتن بأساليب مختلفة لأعمال راقية تعمل على اطفاء الفتنة والقضاء عليها وتوحيد القلوب وانصهارها في بوتقة واحدة.
حارب الغزاة والطامعين والذين لا يتمنون الخير لهذه الارض بفنه الراقي، فأطلق مسرحية «سيف العرب» التي صورت كل المآسي التي تعرضت لها هذه الديرة الطيبة وكيف واجه اهلها الطغاة المعتدين حتى كتب الله لهذه الديرة النصر المؤزر.
بوعدنان فنان لا يقوى اليراع على ان يسطر ولو جزءاً من ملحمته الخالدة ولا يستطيع الذهن ان يجمع كل الأعمال التي سطرها فأدخل البهجة في قلوب مشاهديه والبسمة على محياهم، وهو يعالج كثيرا من المشاكل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية بأسلوب يجعل المشاهد يخفق قلبه بما يحس به هذا المبدع من ألم ولكنه يضحك من اسلوبه السلس وكأنه يشرب كأساً من معين بارد يحس اثناء تناوله بالانتعاش.
قدرة وهبها الله لهذا الانسان واستعداد متميز في التأليف وملكة في التمثيل وموهبة في التلحين وبراعة في الاداء.
اخلص بوعدنان في كل اعماله واستغل ما وهبه الله من قدرات واستعدادات وميول ومواهب في خدمة وطنه ونشر رسالته الوطنية والانسانية.
يعتبر الفنان عبدالحسين عبدالرضا من مؤسسي الحركة الفنية في الخليج وكانت بداياته الفنية في اوائل الستينات من القرن الماضي، من خلال مسرحية «صقر قريش» بالفصحى.
عطاء فكري وثقافي بالكلمة المنطوقة والمكتوبة حتى يصل المعين الى كل من يريد ان ينهل منه عبقا صافيا ممزوجا بأصالة هذه الديرة العزيزة.
كابد بوعدنان المرض وصارعه في مراحل كثيرة، إلى أن سلم الأمانة الى بارئها.
اللهم بارك لعبدالحسين عبدالرضا في حلول دار البلاء وطول المقامة بين اطباق الثرى واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل له واخلف على اهله وذويه واهل وطنه ومحبيه بالصبر والسلوان.
انك ولي ذلك والقادر عليه (إنا لله وإنا اليه راجعون).
وصدق القائل:
للعبقرية سحر ليس يبطلهُ
موت يحل ولا قبر ولا كفن
وللخلود ابا عدنان معجزة
تبقيك حياً وان اودى بك الزمن
لن تسكن الأرض لكن سوف تسكننا
فالخالدون لهم أرواحنا سكنوا
كنت ابتسامة كل الشعب في وطني
واليوم يبكيك هذا الشعب والوطن
في أمان الله يا أبا عدنان