جودة الحياة

هل الالتزام بالبصمة يعني إنجازاً...؟

No Image
تصغير
تكبير
كثر الحديث واللغط في الآونة الأخيرة عن موضوع إلغاء الإعفاء من البصمة، والذي جاء في حيثياته «إلزام جميع الموظفين بالبصمة, بمن فيهم شاغلو وظيفة مدير ومراقب إدارة ومن في حكمهم، ومن بلغ مجموع خدمته في الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات 25 سنة».

حيث انقسمت الآراء بين معارض لهذا القرار وبين مؤيد له، وكل منهم له حجته وقناعته. لذا أحببت أن أدلو بدلوي من مبدأ الحياد وتبيان السلبيات والإيجابيات لهذا القرار.

وأود بداية أن أبين مبررات المؤيدين والمشرعين لمثل هذه القرارات. فهم يرون أن الالتزام بالدوام يزيد من إنتاجية الموظفين والعاملين، ويحقق المساواة بين الأفراد، ويمنع التسرب من العمل, وكل ذلك بهدف زيادة الإنتاجية والمردود الإيجابي، من أجل تطوير وتحسين أداء الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات، والذي يصب بنهاية المطاف في مصلحة البلد وتحريك عجلة التطوير والتنمية فيها، من خلال إلزام الموظفين والعاملين بساعات الدوام الرسمية.

في حين يرى المعارضون أن هذا الإعفاء يخص من تجاوزت خدماتهم سنين طويلة أمضوها في التفاني في عملهم، ومعظم هؤلاء أصبح في مواقع قيادية، يشرف ويتابع عدداً من المرؤسين وهو مسؤول عن مستوى أدائهم وإنجازاتهم والتزامهم في العمل.

علماً بأن العديد من هؤلاء المسؤولين يحضرون مثل بقية الموظفين وأحياناً قبلهم، وينصرفون متأخرين بعد نهاية الدوام الرسمي، بدافع من مسؤولياتهم والتزاماتهم تجاه موقعهم في العمل والأمانة الملقاة على عاتقهم.

فما الضير إذاً من حضورهم في بعض الأحيان متأخرين، بسبب اجتماعات ولقاءات تعقد خارج دوائرهم، أو حين يذهبون إلى تلك الاجتماعات قبل نهاية الدوام، والتي غالباً تمتد إلى ما بعد ساعات الدوام الرسمية، علماً أنهم يُعلمون من يهمهم الأمر ومن هم في مواقع قيادية أعلى عن هذه الاجتماعات واللقاءات.

فالإعفاء في هذه الحالة تسهيل للعمل والإنجاز، وليس للراحة والاستجمام. وما الفائدة المرتجاة من التقليل من هيبة مدير الإدارة حين يقف أمام جهاز التعريف بالبصمة.

إن عملية الإعفاء من البصمة هي تكليف وليس تكريما لهذا الموظف أو العامل، فهو غالباً ما يكون في موقع المسؤولية ويحتاج إلى حرية الحركة لمتابعة العمل في أكثر من مكان، فبدلاً من إصدار تصاريح المهام الرسمية، نسهل عليه العمل من خلال إعفائه من البصمة، وهو غالباً ما يكون أهلاً لهذه الثقة.

أما عن استغلال البعض الإعفاء من البصمة بغية التهرب من العمل والدوام، فإن تقويم هذا الأمر لا يكون بالعقاب الجماعي، بل بمحاسبة المقصرين والمتسربين من العمل، فلا يجب أن يكون التكريم فردياً والعقوبة جماعية, وليتحمل كل فردٍ وزره.

إن تقييم العمل والإنجاز لا يكون بعدد ساعات الدوام أو بأوقات الحضور والانصراف، بل يتم من خلال الإنجازات والأعمال التي يؤديها الموظف فعلياً إلى مؤسسته وإلى وطنه، وإن كان الالتزام بأوقات العمل يساهم ويساعد وبشكل كبير على إنجاز الواجبات المطلوبة.

ونختم بالقول وهذه وجهة نظر، إن الالتزام بالدوام هو التزام أخلاقي وحضاري نابع من الضمير، ولن نستطيع بهذه الوسائل أن نمنع عدم الالتزام لدى بعض الموظفين، فالتوعية والتربية هما الأساس في الالتزام، يأتي بعدهما تطبيق القانون بحق المخالفين.

ونكرر ونعيد، بأن إنجازات العاملين لا ترتبط بساعات الدوام فقط، بل يجب أن يرافق ذلك تطبيق مبدأ الثواب والعقاب والمحاسبة على الإنجاز بشكل فردي، وفرز الأفراد المتميزين والأفراد المهملين، وإعطاء كل ذي حقٍ حقه بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.

* مستشار جودة الحياة

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي