تذكرت مقالاً كتبته بعنوان (البخل... وكأس «المرجلة»!) ونشر في «الراي» في عدد 20 مارس 2014، عندما قرأت تصريحا للسيد خالد الحسن رئيس جمعية «المليون سدرة»، جاء فيه إن أشجاراً ونخيلاً تمت زراعتها في الكويت ضمن مكونات مشروعات الدولة التجميلية، تموت واقفة شاهدة بذلك على حجم الإهمال الذي لا تخطئه عين متابع، وتسبب في هدر ملايين الدنانير من المال العام وإنها كائنات حية تحتاج إلى رعاية وري وحماية.
صدق الأخ الحسن في تصريحه، وهذا لا يتوقف على الأشجار والنخيل، مع أن التخضير كان بمبادرة من سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمة الله عليه... نحن البشر كائنات حية تحتاج إلى رعاية وصدقة تأسيا بحديث المصطفى - صلوات الله عليه وسلم تسليما كثيرا - «في كل كبد حية أجر» وحديث البغي التي سقت الكلب فغفر الله لها.
في هذا الزمن، نشهد تيها أوشك على الوصول إلى الموت لمفهوم «المرجلة»، وذكرت التفاصيل في المقال المنشور قبل ثلاث سنوات، منها أهمية فهم الحديث الشريف الذي استعاذ فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم- من «البخل والجبن»!
البخل... نعم فقد بخلنا على طفل صغير في عدم توفير تعليم مميز. وبخلنا على مريض يشتكي من آلام مرض ألم به عند لجان العلاج بالخارج، ويجد الرفض لأنه لا يملك أداة «الواسطة»!
وبخلنا على حماية المال العام من الاستنزاف و«النهب المبرمج» حيث هناك مئات الملايين صرفت وستصرف لكن الحصيلة «لا تذكر»!
وبخلنا في إيجاد كوادر قيادية محترفة لمنع الخسائر في استثماراتنا التي كان آخرها مبلغا يقارب 600 مليون يورو وقبلها سنتافي? الداو? المشتقات? أزمة المناخ? العلاج في الخارج? التعليم العالي وتخباطته? ومشاريع وزارة التربية والصحة والأشغال... إلخ.
بخلنا على حماية الجموع من مكونات المجتمع الكويتي من إساءات وسب وقذف في مواقع التواصل الاجتماعي.
أما «الجبن»... فالشاهد إن غالبية القياديين قد هبط بالواسطة وخلافه من معايير لا علاقة لها بمتطلبات الوظيفة القيادية، والسكوت عن هذا التيه سيوصل مؤسساتنا إلى موت «المرجلة» بعد أن أصبحت تجاوزات القياديين خارج نطاق المحاسبة الفورية!
لاحظ أسباب «الجبن» وتداعياته... فالقيادي يأتي عبر البراشوت ،وبالتالي فهو معفي وفق تصوره من المحاسبة، وزد عليها تلبيته لطلبات نواب (الأداة الرقابية) ناهيك عن القول الدارج إن النظام يحمي نفسه
The System Proctect itself!
كم أزمة مرت وستمر علينا مرور الكرام من دون أن تتحرك ساكنا «العقول النيرة» التي يبدو لي إنها فضلت الجلوس في مقاعد المشاهدين.
ليفهم الجميع إن تغيير الثقافة والإصلاح يبدأ من أعلى الهرم لأي موسسة معنية بكل «كبد حية» ماتت أو أشرفت على الموت!
فعدم توافر التعليم المميز... فيه موت لثقافة جيل!
وعدم توافر خدمات صحية وعلاج في الخارج للحالات المرفوضة... فيه موت للمرضى!
وعدم وجود عدل ومساواة ورقابة ومحاسبة فورية... فيه موت للمواد الدستورية!
وعدم نشر الوعي والاهتمام بصغائر الأمور و«توافهها» والترف... فيه ترويج لـ «السفاهة» وموت للقيم والعادات الطيبة وهو سلوك يؤدي إلى الهلاك.
لا تذهب بعيدا في التعليق? فقط عليك توجيه سؤال لطالب للتو أنهى الثانوية العامة بنسبة تجاوزت 80 في المئة عن بعض المعلومات الواردة في المواد التي درسها... ونترك الاستنتاج لك؟
ولا تذهب بعيداً، فلو بحثت في حالات المرضى المرفوضة لوجدت العجب العجاب، وكل ما تقرأ عنه وتشاهده وتسمعه من «تحلطم» إنما سببه القياديون الخطأ و «بس»!
لذلك? أرجوكم أن تعيدوا قراءة مقال (البخل... وكأس «المرجلة»!) وفهم حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»!
المناصب توكل للأقوياء ممن تسلحوا بالمعرفة والعلم والخبرة والنزاهة والخبرة... ترى المسألة تتجاوز فهم البعض «يستاهل حطوه... من ربعنا... هذا ما نحبه... هذا معارضة... هذا خدمنا»، إنها أمانة عندما أضعناها أوشكنا نحن البشر العموم أفراداً ومؤسسات مع الشجر على الموت... الله المستعان.
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi