كيف تجاوزت حيدر آباد الفقر إلى عالم التقنية؟
ربما تكون من الذكريات غير السعيدة بالنسبة لأهل مدينة حيدر آباد الهندية تذكر شهرتهم قبل عشرين عاماً بالخدم والبرياني، فهذه المدينة الفقيرة كانت تعاني من آلام حادة في البطالة، والعوز للدخل الذي يمكن أن يكفيهم حتى لمجرد البقاء أحياء.
مناسبة هذا الحديث ما شهدته في زيارتي الأخيرة لهذه المدينة وقراءتي النقدية لما طرأ على حيدر آباد من تغيرات اقتصادية في السنوات الماضية استقطبت خلالها نحو 600 شركة IT، إلى الدرجة التي يحلو فيها للشركات العالمية تسميتها بوادي سيليكون اسيا.
فهذه المنطقة أصبحت مشهورة بسبب وجود عدد كبير من مطوري ومنتجي دائرة تكاملية، وحالياً تضم جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة، حيث أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه خارج أسوار هذه المدينة التي لا تتجاوز مساحتها 38 كيلو متراً مربعاً، كيف استطاعت نقل تصنيفها من مدينة فقيرة متخلفة إلى مصاف المدن المتطورة متخلية عن ترتيبها في قائمة المدن الأكثر بطالة إلى أقلها؟
السر هنا لا يخفيه أهل حيدر آباد ولا مسؤولوها، دون أن ينسوا أن يشعروك بالزهو وهم يسردون لك شيفرة نجاحهم.
فالفكرة ببساطة أن هذه المدينة نعمت بإدارة حكيمة استطاعت توظيف مواردها على أحسن وجه، مستفيدين من كل مواردها سواء البشرية أو الجغرافية أو حتى لجهة خططهم التي تميزت بكونها دينامكية التطور بما يتناسب مع طموح هذا المجتمع.
هذا الجانب الإيجابي من قصة حيدر آباد يفرض على مجتمع أعمال الكويت عقد مقاربة ملحة، إذا كان هذا باختصار سبب قفزة المدينة فقيرة الموارد فلماذا لم تنتقل العدوى لدولة غنية مثل الكويت؟
تاريخياً أثبتت جميع الأزمات الاقتصادية التي تعرضنا لها خلال الثلاثين عاماً الماضية، أن الكويت غنية فقط بأموالها التي لا علاقة لمسؤوليها على مستوى وزرائها المتعاقبين أي منة في تراكمها، لكنها فقيرة في مستوى إداراتها ومديري ثرواتنا،
رغم تكدس الدراسات والمستشارين حولهم، إلى الدرجة التي وصلنا فيها إلى قناعة أن حديث المسؤولين عن تنمية الكويت بات كلاماً مكرراً.
في اعتقادي ان الكويت أضاعت العديد من الفرص التي كان استغلال أي منها كافياً ليشكل نقلة نوعية للبلاد في جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والعلمية.
لكن عملياً يظهر بوضوح للجميع أن أهل الكويت يؤمنون بماضيهم أكثر ويجيدون الحديث عن تفاصيله بإتقان لا سيما فيما يتعلق بأن الكويت كانت عروس الخليج متخلين عن أي زهو عن أي نقاش يمكن أن يفتح عن حاضرهم أو مستقبلهم الاقتصادي خصوصاً مع إخواننا في دولة مجاورة مثل دبي لأنهم ببساطة غير راضين عنه علاوة على أنهم غير مقتنعين بقدرة من يتولى إدارة ملفاته المترهلة بالبيروقراطية والعقلية الحصيفة في معاداة التطور ومواكبة العالم بعين أوسع.
ربما لا يعد سراً حاجة الكويت المزمنة لإحداث نفضة في مسؤوليها بحيث يكون معيار اختيار مستوى من يتولى المقود مبني على الكفاءة وليس على أساس الطائفة أو القبيلة أو حتى بناء على أهل الثقة وليس الخبرة.
ولعل ما يزيد الحيرة أكثر في مقاربة الكويت بمدينة حيدر آباد ثقافة التعايش التي تميز المجتمع الهندي عموماً، والتي تعاكس قناعات البعض لدينا، فالأولى نجحت في تجاوز العُقد غير المفهومة، فهم متعايشون رغم وجود مئات العقائد والمذاهب المختلفة لديهم، ونحن في الكويت لا نزال نعاني من إشكالية التجانس بين مذهبين متفقين في الأسس والمبادئ العقدية الرئيسة.
ولا يجافي الموضوعية إذا قلنا إن أحد أبرز أسباب الواقع المتخلف الذي نعيشه والذي لا يعكس حقيقة أهل الكويت وإمكاناتها فشل المعنيين بإدارة ملفات التنمية، فلو نجحوا في تحقيق المستهدف منهم أو حتى جزء منه لكانوا وجدوا خلفهم جيوشاً من المؤمنين بفكرة المشاركة في البناء بدلاً من التمترس وراء أفكار هدامة غير مسؤولة.
وفِي النهاية لا يسعنا إلا توجيه النصيحة لأهل الكويت... لا تيأسوا من كويتكم وإمكانياتها... لكن فكروا في معالجة أزمتكم الشاخصة للجميع وتحديداً فيما يتعلق بكفاءة المسؤولين عن إدارة اقتصادكم بعيداً عن ماكينة بروباغندا التبشير التي يتقنونها بأحلام هرمنا ولَم نفق منها حتى الآن.
مناسبة هذا الحديث ما شهدته في زيارتي الأخيرة لهذه المدينة وقراءتي النقدية لما طرأ على حيدر آباد من تغيرات اقتصادية في السنوات الماضية استقطبت خلالها نحو 600 شركة IT، إلى الدرجة التي يحلو فيها للشركات العالمية تسميتها بوادي سيليكون اسيا.
فهذه المنطقة أصبحت مشهورة بسبب وجود عدد كبير من مطوري ومنتجي دائرة تكاملية، وحالياً تضم جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة، حيث أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه خارج أسوار هذه المدينة التي لا تتجاوز مساحتها 38 كيلو متراً مربعاً، كيف استطاعت نقل تصنيفها من مدينة فقيرة متخلفة إلى مصاف المدن المتطورة متخلية عن ترتيبها في قائمة المدن الأكثر بطالة إلى أقلها؟
السر هنا لا يخفيه أهل حيدر آباد ولا مسؤولوها، دون أن ينسوا أن يشعروك بالزهو وهم يسردون لك شيفرة نجاحهم.
فالفكرة ببساطة أن هذه المدينة نعمت بإدارة حكيمة استطاعت توظيف مواردها على أحسن وجه، مستفيدين من كل مواردها سواء البشرية أو الجغرافية أو حتى لجهة خططهم التي تميزت بكونها دينامكية التطور بما يتناسب مع طموح هذا المجتمع.
هذا الجانب الإيجابي من قصة حيدر آباد يفرض على مجتمع أعمال الكويت عقد مقاربة ملحة، إذا كان هذا باختصار سبب قفزة المدينة فقيرة الموارد فلماذا لم تنتقل العدوى لدولة غنية مثل الكويت؟
تاريخياً أثبتت جميع الأزمات الاقتصادية التي تعرضنا لها خلال الثلاثين عاماً الماضية، أن الكويت غنية فقط بأموالها التي لا علاقة لمسؤوليها على مستوى وزرائها المتعاقبين أي منة في تراكمها، لكنها فقيرة في مستوى إداراتها ومديري ثرواتنا،
رغم تكدس الدراسات والمستشارين حولهم، إلى الدرجة التي وصلنا فيها إلى قناعة أن حديث المسؤولين عن تنمية الكويت بات كلاماً مكرراً.
في اعتقادي ان الكويت أضاعت العديد من الفرص التي كان استغلال أي منها كافياً ليشكل نقلة نوعية للبلاد في جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والعلمية.
لكن عملياً يظهر بوضوح للجميع أن أهل الكويت يؤمنون بماضيهم أكثر ويجيدون الحديث عن تفاصيله بإتقان لا سيما فيما يتعلق بأن الكويت كانت عروس الخليج متخلين عن أي زهو عن أي نقاش يمكن أن يفتح عن حاضرهم أو مستقبلهم الاقتصادي خصوصاً مع إخواننا في دولة مجاورة مثل دبي لأنهم ببساطة غير راضين عنه علاوة على أنهم غير مقتنعين بقدرة من يتولى إدارة ملفاته المترهلة بالبيروقراطية والعقلية الحصيفة في معاداة التطور ومواكبة العالم بعين أوسع.
ربما لا يعد سراً حاجة الكويت المزمنة لإحداث نفضة في مسؤوليها بحيث يكون معيار اختيار مستوى من يتولى المقود مبني على الكفاءة وليس على أساس الطائفة أو القبيلة أو حتى بناء على أهل الثقة وليس الخبرة.
ولعل ما يزيد الحيرة أكثر في مقاربة الكويت بمدينة حيدر آباد ثقافة التعايش التي تميز المجتمع الهندي عموماً، والتي تعاكس قناعات البعض لدينا، فالأولى نجحت في تجاوز العُقد غير المفهومة، فهم متعايشون رغم وجود مئات العقائد والمذاهب المختلفة لديهم، ونحن في الكويت لا نزال نعاني من إشكالية التجانس بين مذهبين متفقين في الأسس والمبادئ العقدية الرئيسة.
ولا يجافي الموضوعية إذا قلنا إن أحد أبرز أسباب الواقع المتخلف الذي نعيشه والذي لا يعكس حقيقة أهل الكويت وإمكاناتها فشل المعنيين بإدارة ملفات التنمية، فلو نجحوا في تحقيق المستهدف منهم أو حتى جزء منه لكانوا وجدوا خلفهم جيوشاً من المؤمنين بفكرة المشاركة في البناء بدلاً من التمترس وراء أفكار هدامة غير مسؤولة.
وفِي النهاية لا يسعنا إلا توجيه النصيحة لأهل الكويت... لا تيأسوا من كويتكم وإمكانياتها... لكن فكروا في معالجة أزمتكم الشاخصة للجميع وتحديداً فيما يتعلق بكفاءة المسؤولين عن إدارة اقتصادكم بعيداً عن ماكينة بروباغندا التبشير التي يتقنونها بأحلام هرمنا ولَم نفق منها حتى الآن.