أزهريون لـ «الراي»: تدخين الفتيات لها على المقاهي خبائث تتنافى مع الفطرة السليمة

حُرمة الشيشة... وراء دخانها تغيب حُمرة الخجل

تصغير
تكبير
البارون:

تدخين الفتيات للشيشة في المقاهي بات يعد حرية شخصية طالما أن القانون لا يعاقب من ارتكبه

العبد:

عدد من أصحاب المقاهي استبدل الدخان التقليدي في الشيشة بألوان تحقق الرضا الغرائزي لدى الساعين للانحراف الأخلاقي

أبو عاصي:

الحُرمة لا تتوقف على المُدخن بل يحرم بيع وشراء وتأجير المحلات لمن يبيع مواد التدخين باعتباره تعاوناً على الإثم
وسط التأكيد على حُرمة تدخين الشيشة وشبه الإجماع على أنها من الخبائث التي تتنافى مع الفطرة السليمة، تختفي حُمرة الخجل لدى عدد من النساء بأنفاس يطلقنها في المقاهي غير مكترثات بعادات وتقاليد المجتمع...

«الراي» استطلعت آراء رجالات دين في مصر وعالم نفس للوقوف على الجانب الشرعي والنفسي حول هذه الظاهرة التي استفحلت في عالمنا العربي والإسلامي، فأجمع عدد من كبار علماء الدين على حرمة تدخين الشيشة كما السجائر ويتساوى في ذلك الرجال والنساء وإن كانت النساء أكثر إثماً، خصوصاً إذا قمن بتدخينها على المقاهي وبين الناس لما في ذلك من مفاسد وإشاعة الفتن من اختلاط الفتيات بالشباب في بلادنا الإسلامية والعربية.

وقال رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري الدكتور أسامة العبد إن «الأطباء الذين يمثلون أهل الذكر ومن يجب الرجوع إليهم في المستجدات أجمعوا على ضرر التدخين للسجائر والشيشة سواء للشباب أم للفتيات، وقد أكدوا زيادة الضرر الناتج عن الشيشة خصوصاً في حق الفتيات باعتبار ضعف البنية الجسدية لهن عن الشباب، وقد استفحل الخطر بعد أن سمعنا أن عدداً من أصحاب المقاهي استبدلوا الدخان التقليدي في الشيشة والسجائر بألوان أخرى يدعون أنها تحقق الرضا الغرائزي لدى الساعين للانحراف الأخلاقي».

ولفت العبد إلى أن تدخين الشيشة يعد مخالفة صريحة للأوامر الشرعية بضرورة المحافظة على النفس، والتي تمثل إحدى الضرورات الخمس التي أقرتها جميع الشرائع السماوية، وتابع «هناك زاوية مهمة في مسألة تدخين الفتيات الشيشة وهي الجانب الأخلاقي والتربوي، حيث تفقد تلك الفتيات أو الأمهات تقدير المجتمع والأسرة لإقدامهن على تدخين الشيشة وترك رعاية أولادهن، بغرض الجلوس في الكافيهات والمقاهي، وما يصاحب ذلك من تعرضهن لتحرشات لفظية وجسدية».

من جانبه، أكد عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أن الشريعة الإسلامية أقرت ضرورة درء المفاسد، وجعلته مقدماً على جلب المصالح، ومن تلك الزاوية فإن شرب الفتيات للشيشة محرم شرعاً لعموم الضرر الناتج عن ذلك.

وقال أبو عاصي «لا تتوقف الحُرمة على المُدخن للشيشة من الفتيات أو الشباب، بل يحرم بيع وشراء وتأجير المحلات لمن يبيع المواد المستخدمة في التدخين باعتباره تعاوناً على الإثم والعدوان المنهي عنه، كما يستدل على حُرمة تدخين الفتيات للشيشة بالنهي عن الإلقاء بالنفس إلى التهلكة».

وأضاف «تدخين الفتيات الشيشة لون من الخبائث وهي كل ما لا تستسيغه الأذواق السليمة، ويصيب الإنسان في بدنه أو نفسه أو عقله بالضرر، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) ولا يختلف اثنان على أن التدخين من الخبائث».

وعلى الصعيد نفسه، أكد وكيل كلية الدعوة الإسلامية الدكتور أحمد حسين، أن تدخين الفتيات للشيشة فيه ضرر بالصحة والمال وهما وديعتان من الله؛ ولا يجوز للإنسان أن يستخدم شيئاً فيه ضرر بهما.

وقال إن «ديننا الحنيف أكد أن الإنسان سيسأل يوم القيامة عن عمره وماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه)، لذا ينبغي على الإنسان أن يُحافظ على ماله وجسده فلا يعرضهما إلى ما يتلفهما أو يدمرهما».

وبحثاً في إقدام الفتيات على تدخين الشيشة قال الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور عبدالله سمك إن «غياب دور الأسرة أحد الأسباب التي أدت لظهور ظاهرة تدخين الفتيات للشيشة على المقاهي»، مضيفاً أن «هناك عوامل أخرى مثل الإعلام الذي لا يبرز كثيرا من مساوئ تلك الظاهرة وخطرها وكيفية العلاج منها فضلا عن العامل الديني».

وأوضح أن غياب دور المسجد عن توجيه الشباب بخطر هذه الظاهرة على الشاب أو الفتاة أدى لانتشارها، وتابع «أنا أرى أن خطبة الجمعة على سبيل المثال عليها دور كبير في توجيه المجتمع لرصد الظواهر السيئة وتسليط الضوء عليها والحث على محاربتها».

وقال أستاذ الفقه والشريعة في جامعة الأزهر الدكتور سيد السخاوي إن ما تقوم به بعض الفتيات من تناول الشيشة على المقاهي والكافيهات أمر مُخالف للآداب العامة، ناهيك عن تأثيره السلبي على الصحة عامة والصدر خاصة وهو ما حذر منه الأطباء.

وتابع إن «الله تبارك وتعالى قال في كتابه العزيز (ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وقال سبحانه (وأحسنوا)،

w ومما لا شك فيه أن تدخين الشيشة تهلكة نهانا عنها الله تبارك وتعالى لأن فيه أذية للنفس، لذلك هو أمر محرم شرعاً، وصحياً فإنه يؤذي البدن ويسبب الأمراض الخطيرة ومنها السرطان الذي يؤدي إلى الوفاة».

ورأى دكتور علم النفس في جامعة الكويت، خضر البارون أن «تدخين الفتيات للشيشة في المقاهي والمطاعم العامة على مرأى من الجميع، يعتبر حسب عادات وتقاليد ومعايير المجتمع الكويتي عيباً، حتى قديماً عندما كانت المرأة تُدخن الشيشة كانت تدخنها في المنزل وليس خارجه، فنحن مجتمع يحكمه نظام اجتماعي معين»، مبينا في الوقت ذاته أن «الأمر الآن بات يعد حرية شخصية طالما أن القانون لا يعاقب من ارتكبه، ولا يوجد نص في القانون الكويتي يقول إن تدخين الشيشة للنساء في المقاهي العامة يُعاقب عليه».

ونوه البارون إلى أن «التدخين بكل أنواعه سواء أكان بالشيشة أو السيجارة مضر بالصحة لكل الأعمار، ويؤثر على الشكل والقوام والقوة، فما بالك إذا كانت الفتيات يدخن منذ الصغر أي من عمر 15 عاماً مثلاً، فمثل هؤلاء لن يصلن إلى سن الأربعين إلا وصحتهن مدمرة».

وقال «على الأهالي واجب القيام بتعريف أبنائهم ذكوراً وإناثاً منذ الصغر بخطورة التدخين بكل أنواعه، وأن نضرب لهم أمثلة بقصص واقعية ممن أصابتهم الأمراض والسرطانات بسبب تلك العادة المُضرة»، مؤكداً أن «كثيراً من الدراسات أظهرت أن الفتاة لا تقدم على التدخين في العادة إلا لأنها رأت أهلها وكذلك من حولها من صديقاتها غالباً يدخنون، كما أن إهمال الأهل لبناتهم له دور كبير أيضاً، فأغلبهم لا يعلمون إلى أين تذهب بناتهم وقد يدخن الشيشة ويكتشفون الأمر بعد فوات الآوان».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي