الدولة ومناهج التعليم

تصغير
تكبير
اختلال المناهج في أهدافها وإجراءاتها وعملياتها يعني ضربة مباشرة لتطلعاتنا التنموية
إن أكثر المشكلات التي تواجه النظام التعليمي في أي مجتمع هي مشكلات مناهج التعليم ذلك لأنها أكثر تعقيداً وتأثيراً وتداخلاً مع مكونات العمل التعليمي، ومع المجتمع الخارجي. ولاعتبارات داخلة في سياسات الدولة وتطلعات الناس في ظروف البيئة المحلية، فإن المناهج اعتبرت العمود الفقري للنظام التعليمي، ومحور العملية التربوية في المجتمع والركيزة التي تجعل النظام التعليمي قادراً على بناء جسور التنمية في الحاضر والمستقبل. لذلك فإن أي اختلال لهذه المناهج في أهدافها وإجراءاتها وعملياتها إنما يعني ضربة مباشرة لسياسات الدولة وتطلعاتها التنموية، بل وعلاقتها بالمجتمع والعالم الخارجي.

نقول ذلك ونحن نعلم أنها بدهيات يدركها العاملون في الحقل التعليمي والمخططون للتنمية الاقتصادية والسياسية ، لكن القلق الذي يساورنا هو في مفهوم وحجم الاختلالات التي تعاني عادة منها المناهج، ودرجة هذه الاختلالات التي تسبب الإرباك والتخلف للدولة والناس. فإذا كان هنالك خلل مرصود في الانتماء الوطني عند الشباب، فإن مرد ذلك وبالدرجة الأولى هو تخلف المناهج، وضعف دور المدرسة، وعدم مواكبتها لاحتياجات المجتمع، وحركة تطور المناهج في العالم. والانتماء للوطن لا يعني فقط الانخراط في التجنيد أو السلك العسكري أو محاربة المعتدي ولكنه يعني كل هذه الأشياء وغيرها... إنه سلوك عام يعكس صلاح النفس البشرية وقدرتها على الخدمة والتعاون والحب والإخلاص والتقيد بالقانون والمحافظة على قيم المجتمع، والمساهمة في البناء، والشعور بالواجب وتحمّل المسؤولية وغيرها.

والانتماء الوطني يعني البناء وليس التخريب، وأن الأرض التي يعيش عليها الإنسان أرض غالية يتطلب المحافظة عليها وتعميرها... فهو لن يعيش على هذه الأرض بينما يدين بالولاء لأراض وعوالم أخرى. إنه إحساس داخلي وواعز وجداني يعبر فيه الفرد عن هويته ووجوده وليس التباهي بجنسيته وجوازه أو بماله وسلطانه.

لذلك ينبغي أن تكون المناهج انعكاساً طبيعياَ لهذه التوجهات، وأداة فاعلة في تنمية هذه التوجهات ، مادامت تعبر عن واقع وآمال المجتمع في ثقافته ودينه وعاداته وتطلعاته للتغيير في اتجاه التنمية الهادفة الحقيقية... وما لم يكن ذلك من صلب المناهج فإن كل ما يقدمه النظام التعليمي مضيعة للوقت والجهد، والمال وزيادة في الفجوة بين المطالبة المجتمعية بترسيخ قيم إيجابية كثيرة وقدرة المؤسسة التربوية على الحركة نحو هذا الهدف. والمطلوب أن تستند المناهج على مبدأ التطوير المستمر ومواكبة المستجدات على نحو يتوافق مع مطالب المجتمع في حاضره ومستقبله.

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي