عبدالله كمال / ...ولكن / أوباما... «الصهيوني»

تصغير
تكبير
ترك السياسي والمحلل العربي المعروف الدكتور عزمي بشارة كل شيء في مناسبة الانتخابات الأميركية، وراح يؤكد أن أوباما صهيوني، موالٍ لإسرائيل، وحين قالت له المذيعة في «قناة أخبار» إن أوباما كان صديقاً للمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد قال لها: «أنا كنت صديقاً للدكتور إدوارد سعيد ولم أسمعه يتكلم عن أوباما».
وراح الدكتور عزمي يؤكد وجهة نظره ويضرب أمثلة مختلفة، وكأنني سمعته يقول: «مستشاره رقم 15 كان يمر من فوق إسرائيل حين يسافر إلى آسيا ومسؤول حملته... وأم خالته كانت جارتها يهودية»!
وعجبت وأنا أقلب بين المحطات العربية من هذه النغمة المتصاعدة، وإن كانت خجولة، وبدأت أستعد لاحتمال اكتشاف أن يكون باراك يهودياً في الأصل وليس كما هو معروف ابن رجل مسلم اسمه حسين، وتلك هي الثغرة العظمى التي كان يحارَب بها، فالمجتمع الأميركي كان مستعداً لقبول أن أوباما أسود، لكنه لم يكن يمكن أن يغفر أنه مسلم.
لست أعرف إن كان هذا المعنى أي أن باراك أوباما صهيوني وحليف لإسرائيل، هي تعبير عن معلومات حقيقية، أم أنها محاولة ممن يرددون ذلك لكي يظهروا مختلفين، بينما السياق العربي كله متعاطف مع أوباما، وأن بعض العقول العربية لا تستطيع أن تحتمل أن المجتمع الأميركي يتغير فعلاً من داخله، ومن ثم يريد تفسير الأمر على أنه مؤامرة إسرائيلية، أم لعل هؤلاء العرب يسوقون نظرية إسرائيلية تريد ابتلاع هذا التفاعل العربي مع ظاهرة أوباما وترغب في أن تقفز عليه وتختطفه وتدع العرب يبدأون في مهاجمته.
لاحظت في هذا السياق قدراً هائلاً ومتنوعاً ومكثفاً من التصريحات الإسرائيلية والتحليلات التي كتبت وقيلت على ألسنة البارزين قبل وبعد الانتخابات تؤيد أوباما، وتقول إن في انتخابه تحقيق صالح إسرائيل، ولم يبق في قائمة الإشادات التي قيلت في حقه إلا أن أقرأهم يقولون إن هذا الشاب الأسود تربى فى «كيبوتز» وعاش في مستوطنة وأُرسل سراً إلى الولايات المتحدة ليكون رئيسها بتكليف من حاخامات إسرائيل!
وليس صعباً أن تفسر الأمر اللافت في إسرائيل على أنه مجرد محاولة مكشوفة للاستيلاء على الرئيس الجديد، وإيهامه بأن المجتمع الإسرائيلي أكثر تعاطفاً معه، وإيهام العرب بأسطورة أنهم صنعوه وأتوا به، أي لا داعي أن تحاولوا انتظار الحل عن طريق إدارته!
قبل نحو شهرين قابلنا الرئيس أبومازن في القاهرة مع بعض من رؤساء تحرير الصحف القومية، ونقل لنا انطباعه عن أوباما بعد أن قابله المرشح - قبل أن يصبح رئيساً - خلال جولته في الشرق الأوسط وقال أبو مازن: «إنه رجل يريد أن يسمع ويعرف وليست لديه في رأيي مواقف مسبقة».
وفي المناظرة الأولى بين أوباما وماكين كان ماكين يتعمد إعلان ولائه لإسرائيل وأمنها، باعتباره أولوية أميركية وكان أوباما يقترب من إسرائيل وموضوعها بقدر من التحفظ والحيطة، وقد سجلت ملاحظة عن ذلك هنا ولم تكن عموماً الموضوعات العربية مطروحة في الحملة الانتخابية إلا من زاوية العراق وموضوع الإرهاب في أفغانستان.
طبعاً لأوباما تصريح لافت للأنظار أبدى فيه تعاطفاً مع إسرائيل قبل أن تسخن الحملة، لكنني أفضل ألا نتعجل، وأن ننتظر تشكيلة رجاله وتركيبة إدارته وتوجهاته كلها التي سوف تعلن في ما يخص عديداً من القضايا التي تعنينا، وحتى لو أعطت هذه الأمور كلها رسائل ضد مصالحنا علينا أولاً أن ننتظر أن نشرح له ونوضح له لعله لا يدري بعدها قولوا إن كان هذا الشخص صهيونياً من أصول كانت تعيش في كهوف جبل صهيون أو صفوه بأنه مسلم يعود نسبه إلى أرقى عائلات قريش.
عبدالله كمال
رئيس تحرير «روزاليوسف» ومستشار «الراي» بالقاهرة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي