ألوان
السينما والقضايا الاجتماعية وعلم النفس
تتمتع السينما بذاكرة طويلة من الاعمال الفرنسية المميزة، خصوصا تلك التي تنطلق على ان السينما بمثابة المرآة للمجتمع وفق انطلاقة فنية وعلمية بنيت على دراسات نفسية واجتماعية لا تخلو من التحليل والتدخل لوضع وجهة نظر قد لا تبدو واضحة اثناء صناعة الفيلم السينمائي.
ومن تلك الافلام الفيلم الفرنسي «المبشر» الذي أنتج الفيلم في عام 2014م وهو من بطولة باتريك برول وصوفي بارسو من اخراج المخرجة توني مارشال.
وأهم ما يميز الفيلم انك بمجرد ان تشاهد الفيلم فانك تعتقد ان من كتبه عالم نفس متمكن لما له من تركيز كبير على تفاعل الشخصيات في هذا الفيلم الفرنسي، الذي يقدم افكارا مغايرة عن الافلام الاميركية والذي يشير الى ان السينما الفرنسية لها هوية مستقلة.
و«المبشر» فيلم فرنسي ممتع يتميز بالايقاع السريع فهو بعيد عن الرتابة اضافة الى انه متميز في التحليل المميز للمكبوتات في النفس البشرية خاصة فيما يتعلق في العلاقات مع الجنس الاخر، رغم ان البيئة المنفتحة في المجتمعات الغربية قد لا تكون مناخا مناسبا لمثل تلك القضايا الا ان الصراع النفسي يجعلنا نجد انفسنا امام الكثير من النماذج البشرية التي لديها مراجعة مع النفس، مهما كانت الظروف المحيطة غير محافظة، وقد استطاع مؤلف الفيلم ان يغوص في اعماق الشخصيات في قصة محبوكة وهي لا تخلو من الكوميديا التي تصل الى حد السذاجة الى ان انتهت قصة الفيلم نهاية سعيدة بعد معاناة نفسية كبيرة.
وجاء الفيلم الاميركي «كابتن فانتاستيك» وهو فيلم دراما انتج في عام 2016م من اخراج مات روس وبطولة فيجو مورتينسين، وهو يغوص في نماذج عدة من الابعاد النفسية للنفس البشرية الا ان هناك خطورة كبيرة كونه يتناول ايضا مجموعة من الاطفال.
ولان المخرج كان ممثلا وكاتب سيناريو فانه استطاع توجيه فريق العمل نحو عالم من الابداعات والافكار المدهشة اثناء تصوير الفيلم كما انه لم يكن مقيدا للممثلين في ان يقدموا افكارهم وانفعالاتهم الا انه كان قائدا مميزا للفيلم خصوصا مع بطل الفيلم فيجو مورتينسين الذي لفت الانتباه اليه في العديد من الافلام السينمائية منها صورة سيدة والعداء الهندي وطريقة كارليتو وافلام اخرى جعلته من نجوم السينما العالمية.
ومن الجانب المضيء للفيلم مشاركة الاطفال والفلسفة للحياة من منظورات مختلفة في المجتمع المتعدد اضافة الى حضور الجانب التثقيفي من خلال مشاركة على لسان طفل لعالم اميركي في مجال اللسانيات والفلسفة هو «نعوم تشوفسكي».
نعم كانت حبكة الفيلم غير منطقية من حيث قيام رجل وزوجته المريضة بحرمان الابناء من الذهاب للمدرسة بينما تفرغا لعملية التعليم للابناء بصورة تفوق التعليم العام الطبيعي في المدارس، ويأتي تدخل الجد بعد وفاة ابنته ليبدأ صراعا نفسيا واجتماعيا في اطار انساني لا يخلو من الغوص في اسبار النفس البشرية للكبار والصغار معا.
وعلى الرغم من الاحداث تقدم الاب بصورة سيئة في البداية الا ان المتلقي سرعان ما يعيش التغير النفسي ليميل الى فكرة الاب الذي بات يرى في ميول ابنائه للعيش معه وليس مع الجد الغني الذي يسكن في فيلا كبيرة.
ان مثل تلك الافلام هي للذكر وليس للحصر لكنها تقدم فكرة ان السينما ليست للتسلية فقط بل هي عالم لطرح القضايا الكبرى سواء كانت سياسية او اجتماعية ولا بأس بتناول الامراض النفسية في السينما فهي واقع نعيشه في مجتمعاتنا التي ترى ان المرض النفسي وصمة عار.
وفيلم «عقل جميل» وهو قصة حقيقة للمبدع جون فوربس الحاصل على جائزة نوبل في الرياضيات رغم انه يعاني من اضطراب نفسي والفيلم من بطولة راسل كرو وجينيفر كونيلي وقد حصد الفيلم اربع جوائز اوسكار من خلال الاداء الرائع للممثلين بقيادة المخرج رون هوارد الذي استطاع ان يقدم فيلما في غاية الروعة في عام 2001م مؤكدا انه يستطيع ان يقدم فيلما مميزا مع مجموعة من النجوم الذين لا ينتمون الى صف النجوم الاوائل في هوليود متى ما استطاع ان يجيد كافة تفاصيل الفيلم بعيدا كل البعد عن افلام الاثارة والمغامرة والتشويق في الاحداث بل كان فيلما هادئا استطاع ان يحظى باعجاب الجمهور والنقاد ولجنة توزيع جوائز الاوسكار.
واذا كنا نريد ان نقدم افلاما سينمائية عربية رائعة تقدم النماذج للصراعات النفسية وهي موجودة في الكثير من الافلام لكنها غائبة عن الحضور العالمي لذا علينا ان نقدم ما لدينا من قضايا في تحليل نفسي عميق وفق رؤية مخرج يجيد تقديم فيلم سينمائية عربي الى المشاهد العالمي.
* كاتب وفنان تشكيلي
ومن تلك الافلام الفيلم الفرنسي «المبشر» الذي أنتج الفيلم في عام 2014م وهو من بطولة باتريك برول وصوفي بارسو من اخراج المخرجة توني مارشال.
وأهم ما يميز الفيلم انك بمجرد ان تشاهد الفيلم فانك تعتقد ان من كتبه عالم نفس متمكن لما له من تركيز كبير على تفاعل الشخصيات في هذا الفيلم الفرنسي، الذي يقدم افكارا مغايرة عن الافلام الاميركية والذي يشير الى ان السينما الفرنسية لها هوية مستقلة.
و«المبشر» فيلم فرنسي ممتع يتميز بالايقاع السريع فهو بعيد عن الرتابة اضافة الى انه متميز في التحليل المميز للمكبوتات في النفس البشرية خاصة فيما يتعلق في العلاقات مع الجنس الاخر، رغم ان البيئة المنفتحة في المجتمعات الغربية قد لا تكون مناخا مناسبا لمثل تلك القضايا الا ان الصراع النفسي يجعلنا نجد انفسنا امام الكثير من النماذج البشرية التي لديها مراجعة مع النفس، مهما كانت الظروف المحيطة غير محافظة، وقد استطاع مؤلف الفيلم ان يغوص في اعماق الشخصيات في قصة محبوكة وهي لا تخلو من الكوميديا التي تصل الى حد السذاجة الى ان انتهت قصة الفيلم نهاية سعيدة بعد معاناة نفسية كبيرة.
وجاء الفيلم الاميركي «كابتن فانتاستيك» وهو فيلم دراما انتج في عام 2016م من اخراج مات روس وبطولة فيجو مورتينسين، وهو يغوص في نماذج عدة من الابعاد النفسية للنفس البشرية الا ان هناك خطورة كبيرة كونه يتناول ايضا مجموعة من الاطفال.
ولان المخرج كان ممثلا وكاتب سيناريو فانه استطاع توجيه فريق العمل نحو عالم من الابداعات والافكار المدهشة اثناء تصوير الفيلم كما انه لم يكن مقيدا للممثلين في ان يقدموا افكارهم وانفعالاتهم الا انه كان قائدا مميزا للفيلم خصوصا مع بطل الفيلم فيجو مورتينسين الذي لفت الانتباه اليه في العديد من الافلام السينمائية منها صورة سيدة والعداء الهندي وطريقة كارليتو وافلام اخرى جعلته من نجوم السينما العالمية.
ومن الجانب المضيء للفيلم مشاركة الاطفال والفلسفة للحياة من منظورات مختلفة في المجتمع المتعدد اضافة الى حضور الجانب التثقيفي من خلال مشاركة على لسان طفل لعالم اميركي في مجال اللسانيات والفلسفة هو «نعوم تشوفسكي».
نعم كانت حبكة الفيلم غير منطقية من حيث قيام رجل وزوجته المريضة بحرمان الابناء من الذهاب للمدرسة بينما تفرغا لعملية التعليم للابناء بصورة تفوق التعليم العام الطبيعي في المدارس، ويأتي تدخل الجد بعد وفاة ابنته ليبدأ صراعا نفسيا واجتماعيا في اطار انساني لا يخلو من الغوص في اسبار النفس البشرية للكبار والصغار معا.
وعلى الرغم من الاحداث تقدم الاب بصورة سيئة في البداية الا ان المتلقي سرعان ما يعيش التغير النفسي ليميل الى فكرة الاب الذي بات يرى في ميول ابنائه للعيش معه وليس مع الجد الغني الذي يسكن في فيلا كبيرة.
ان مثل تلك الافلام هي للذكر وليس للحصر لكنها تقدم فكرة ان السينما ليست للتسلية فقط بل هي عالم لطرح القضايا الكبرى سواء كانت سياسية او اجتماعية ولا بأس بتناول الامراض النفسية في السينما فهي واقع نعيشه في مجتمعاتنا التي ترى ان المرض النفسي وصمة عار.
وفيلم «عقل جميل» وهو قصة حقيقة للمبدع جون فوربس الحاصل على جائزة نوبل في الرياضيات رغم انه يعاني من اضطراب نفسي والفيلم من بطولة راسل كرو وجينيفر كونيلي وقد حصد الفيلم اربع جوائز اوسكار من خلال الاداء الرائع للممثلين بقيادة المخرج رون هوارد الذي استطاع ان يقدم فيلما في غاية الروعة في عام 2001م مؤكدا انه يستطيع ان يقدم فيلما مميزا مع مجموعة من النجوم الذين لا ينتمون الى صف النجوم الاوائل في هوليود متى ما استطاع ان يجيد كافة تفاصيل الفيلم بعيدا كل البعد عن افلام الاثارة والمغامرة والتشويق في الاحداث بل كان فيلما هادئا استطاع ان يحظى باعجاب الجمهور والنقاد ولجنة توزيع جوائز الاوسكار.
واذا كنا نريد ان نقدم افلاما سينمائية عربية رائعة تقدم النماذج للصراعات النفسية وهي موجودة في الكثير من الافلام لكنها غائبة عن الحضور العالمي لذا علينا ان نقدم ما لدينا من قضايا في تحليل نفسي عميق وفق رؤية مخرج يجيد تقديم فيلم سينمائية عربي الى المشاهد العالمي.
* كاتب وفنان تشكيلي