د. وائل الحساوي / نسمات / نريد حكومة «أوبامية»

تصغير
تكبير
الكويتيون السابقون كانوا فنانين في كل شيء، ومن أبلغ ما برعوا فيه هو تسمياتهم لمواسم المطر والبرد وأيام السنة بأسماء لها إيحاءات قوية وواضحة، فانظر إلى تسميتهم لموسم الأمطار الرعدية «السرايات» دلالة على السريان السريع والصفة التدميرية للرياح وكذلك للأمطار الغزيرة التي تأتي بها، وكذلك تسميتهم للمطر الهادئ المتعاقب (الديمة) من الدوام والاستمرار (هذا تفسيري وليس تفسير اللغويين).
نزول أمطار الديمة علينا هذه الأيام قد أنعش صدورنا وأفرح قلوبنا وغمرنا بالفرحة لا سيما بعد انقطاع عام كامل، وقد زالت طبقات الغبار من الجو وسقطت معها الجراثيم العالقة التي كانت تسبب الحساسية والربو وضيق التنفس.
عسى الله تعالى أن يديم علينا تلك النعم، وأن يوزعنا شكرها.
أما في الخارج فقد زال كابوس الرئيس جورج بوش وثماني سنوات من حكم المحافظين الجدد الذين حكموا العالم بالحديد والنار وتشبهوا بالامبراطورية الرومانية، ومع أن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة مؤسسات والقرار تحكمه جهات كثيرة وليس فرداً أو حزباً، ولكن تجربة التغيير التي خاضها الأميركيون بعد نكسات طالتهم في عهد بوش ابتداء من اعتداءات 2001 وانتهاء باعتداءات شركاتهم على الاقتصاد العالمي عام 2008 والتسبب في انتكاساته، هذه التجربة المريرة لا شك أنها سترغمهم في ظل قيادة أوباما الذي يمثل انتخابه تغييراً جوهرياً في العقلية الأميركية التي كانت تقدس الانجلوساكسوني الأبيض البروتستانتي (WASP) واستبداله بمهاجر أسود.
أما المبشر الثالث في هذه الأيام فهو سقوط مسرحية استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد التي جعلت الشعب الكويتي يكتم أنفاسه، لكنها فتحت الباب على مصراعيه للانتهازية السياسية التي يتفنن بها بعض نوابنا الأفاضل فكل ما يحتاجه أي نائب للبروز او ليكون اسمه على صفحات الجرائد هو التهديد باستجواب الشيخ ناصر أو أي وزير مهم.
وقد كنت أتمنى من القيادة السياسية لو تعاملت مع استجواب المليفي بحكمة أكبر ولم تجعله خطاً أحمر بل بحشد النواب الذين أرعبتهم فكرة حل المجلس ليتحركوا بصمت لاجهاض الاستجواب.
المشكلة تتمثل - كما ذكرت في مقال سابق - في أن الحكومة وللاسف تتصرف مع مجلس الأمة كمثل الرجل الذي يخفي تحت سترته أشياء مخبأة، وكلما صرخ عليه إنسان ألقى جزءاً مما يخبئه، والمشكلة الأكبر هي أن الحكومة كلما جاءت لتصلح شيئاً خربت مقابله أشياء مثل موضوع سحب الجنسيات من بعض المجنسين، وازداد السخط عليها أكثر مما كان.
والسؤال الذي يسأله كل مواطن: ألا يمكننا أن نحصل على حكومة تتناسب مع طموحاتنا وآمالنا؟! ولماذا تقف ارادة الشعب عند اختيار الرجل المناسب في الحكومة مع اعترافنا بأن هذه الحكومة والحكومات السابقة تضم بعضاً من خيرة الوزراء؟!
وإذا كانت فئات كبيرة من الشعب قد أبدت سعادتها لفوز أوباما بالرئاسة الأميركية بسبب رغبة الشعب الأميركي بالتغيير حتى ولو كان جذرياً، فمتى نضع الآلية التي تستجيب لإرادة شعبنا في اختيار من يمثله في الحكومة دون خطوط حمر وخضر وصفر؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي