صدى الكلمة / عقلك أثمن

تصغير
تكبير
في موضوع العقل يتبادر إلى ذهني مسألة فقدان الذاكرة أو ما يسمى بالزهايمر الذي اكتشفه الويس الزهايمر في العام 1906 عندما لاحظ تغييرات غريبة في عقل جثة متوفي قام بتشريحها. ولقد وصف أهالي المتوفي للدكتور بأنه كان مضطرباً في الذاكرة قصيرة المدى، ولديه مشاكل في الانتباه وصعوبة في الكلام وتفسير ما يريد قوله، وفي التعرف على الأشياء، وتحديد الاتجاهات، أي أن الظاهرة تعني فقدان العقل. ولقد عرف في ما بعد أن فقدان الذاكرة قد لا يكون فقط لأسباب مرضية، وإنما لسوء استغلاله أيضاً...

يصف العلم بأن العقل هو القدرة الذهنية على التفكير، وتخزين المعلومات في الذاكرة، والتحكم بالمشاعر والعواطف وغيرها. ومن قدرة الخالق أن العقل يخزن أكثر من مليوني معلومة في الثانية الواحدة رغم أن الدماغ لا يزيد وزنه عن 2 كغم حاملاً في داخله نحو 150 مليار خلية حية!


ولأن العقل هبة الخالق فإن كل إنسان لديه العقل الذي هو أثمن ما يملك في جسده باعتباره أكثر الأجهزة تعقيداً ودقة في العمل على وجه الأرض. ولأنه كذلك، فالكثير من أسراره غير معروفة إلى اليوم رغم الاكتشافات العلمية، وخصوصاً التقدم في الأبحاث الطبية والبيولوجية.

والمعروف أن العقل يتكون من مستويين هما: العقل الواعي، والعقل غير الواعي أو الباطن حيث أن الأولى تختص بالتفكير، والتركيز فيه محدود حيث تنتقل الأفكار فيه إلى العقل الباطن أو اللاوعي المسؤول عن الانفعالات والمشاعر. والتركيز في العقل الباطن غير محدود، فقد يتعامل مع الأفكار الشريرة أو الخيرة تبعاً للمواقف والاتجاهات.

ولأن العقل يتأثر بالوراثة والبيئة، فإننا نسمع عن التفاوت في ذكاءات البشر، وكان الاعتقاد أن الناس لا تستخدم عقلها كاملاً مما يؤثر ذلك في قدرات العقل والتمايز بين البشر، خصوصاً ظهور نظرية أن الناس لا تستخدم قدرات العقل إلا بنسبة لا تتجاوز 10 في المئة، فماذا عن 90 في المئة المتبقية؟ لكن هذا الإدعاء انتشر في 1936 من أجل حث الناس على العمل بجد أكبر، وتحسين ذواتهم.

يقول توماس أدسون، مخترع المصباح الكهربائي الذي كان فاشلاً في دراسته، ورفضته المدرسة لضعفه الدراسي فتعلم على يد والدته التي نذرت حياتها لتعليمه، يقول ان العبقرية هي 1 في المئة إلهام، و99 في المئة اجتهاد شخص. بمعنى أن النبوغ والإبداع يعودان إلى استخدامات الناس لعقولها بالشكل الصحيح والكامل، فالدماغ كما هو معروف يتكون من 100 مليار خلية عصبية تنقل المعلومات بسرعات مختلفة. لهذا فإن الذكاء يتولد بالتعلم والممارسة رغم الجانب الفطري في تشكله. فالإنسان قادر على زيادة نسبة ذكائه بزيادة تعلمه وممارسة ما تعلمه.

فهل نسعى في نظامنا التعليمي إلى تحقيق هذا الهدف بإدخال برامج تزيد من الذكاء؟ إن الواقع يكشف أننا ما زلنا للأسف نلقن المعرفة، ولا نعتمد على التعليم بالمهارة والممارسة وبالعمل على تنشيط خلايا الدماغ، وخصوصاً خلايا الفص الأيمن من الدماغ الذي عادة يكون مهملاً بسبب ضعف أو قلة الرسائل المستخدمة التي تفعل خلاياه فيحدث النبوغ لدى التلاميذ في سنواتهم الأولى من التعليم. الكثير من الدول المتقدمة في التعليم تضع برامج تعليمية موجهة إلى الجزء الأيمن من الدماغ من أجل تعزيز خلاياه وإثارة نشاطاته الإبداعية، وخصوصاً في المراحل التعليمية الأولى حيث الأساس للتنمية الفكرية وبناء القدرات العقلية والنبوغ.

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي