2 > 1

لا يعقل إلا المجنون في هذه الفوضى

تصغير
تكبير
أوضاعنا السياسية في الاقليم والمحيط العالمي أشبه بلعبة الاطفال، غير مفهومة لأحد سوى المجانين. لا يوجد صديق، بل الجميع أعداء الجميع.

عزيزي المواطن العربي لا تغتر بكلام السياسي، فالكذب يطفو فوق كل شيء... فلا إيران تحب الأسد، ولا روسيا تعشق البعث، ولا الكويت تموت على الاميركيين، ولا واشنطن تذوب عشقاً وولهاً بالسعوديين، ولا مصر ترقص على انغام الفكر الليبرالي ولا أي شيء مما سمعناه له موقع في ديبلوماسية القرن الواحد والعشرين.


سألتني ذات مرة أميركية، لماذا أنتم يا أهل الإسلام تكرهون اليهود؟ لماذا تحاربون إسرائيل؟ وسألني قبل مدة موظفي المسيحي: هو في إيه بين الشيعة والسنة؟

المشترك في هذه الأسئلة وغيرها، أن الدين كبش فداء وضحية للعلاقات الديبلوماسية. الذي يرسم خريطة العلاقات الدولية ليس حب الدولة للأخرى، بل كُره الواحدة للثانية. فلا يوجد حب يربط الأميركي بالخليجي، ولا الخليجي بالمصري، ولا الإيراني بالعراقي. الأمر لا علاقة له بالحب لأنه صعب المنال ولا يتحقق في عالم السياسة. فما يربطها ببعض المصالح المشتركة والبحث عمن هو عدو عدوي!

لن نبتعد كثيرا بالزمن عن 2017، فخريطة الكُره في 2012 جعلت الحلفاء في موقع معين. ثم في 2017 وبقوة قادر تفركشت المسائل.

بالتالي لا تصدقهم فهم يكْذبون عليكم حينما يضعون قائمتين واحدة للخير وأخرى للشر. يحركون الدول من هذه القائمة لتلك، حسب الولاء السياسي والمصلحة ولا دخل للدين في ذلك، فالأتراك بعدما كانوا ملائكة الخير أصبحوا هذه الأيام يترنحون بتصنيف فيفتي/فيفتي!

لا تصدق أيها المواطن العربي دعواتهم بأننا نعيش ضمن المانوية والزرادشتية، بل يريدون لك مذهبا واحدا وهو الوجودية الإلحادية التشاؤمية! فقط تجد هنا ألبير كامو وسارتر والمعري وكل مرادفات التشاؤم والغثيان.

ما يريدونه هو بناء المواطن على طراز سيزيف. فالمطلوب من المواطن العربي أن يظل يحمل على ظهره صخرة الدين المقدسة ويدفع بها كل يوم إلى أعلى الجبل ليحسبه عملاً مقدساً ولينال به أعلى مراتب الجنة والتقرب لله، ثم يكتشف آخر النهار أنه على خطأ فتسقط الصخرة من بين يديه ويعود أدراجه من حيث بدأ ويعاود الكرة من جديد صباح اليوم التالي وهكذا لآخر العمر. يكذبون على العربي المسكين وجعلوه يصدق أنه يحارب لأجل دينه ومذهبه. فما أشبه حال المواطن المسكين بما قاله عمر الخيام:

لبست ثوب العيش لم أُستشر *** وحرت فيه بين شتى الفِكر

وسوف أنضو الثوب عني ولـم *** أدركْ لمـاذا جئـتُ أيـن المقـر

صدّق أو لا تصدّق، السياسيون يكذبون. فلا حب حقيقيا لأرض اليمن ولا لأهله، ولا لأهل العراق، ولا لأهل سورية، ولا لأهل الخليج، ولا لأهل مصر، كله كذب في كذب. العداوة السياسية هي من تجلب الصداقات والمصالح المشتركة!

hasabba@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي