كتب الدكتور أحمد الحميّري في العام 2008 وقبل التحاقي كطالب للدكتوراه في جامعة طوكيو للطب وطب الأسنان تلقيت دعوة من الجامعة لحضور حفل تخرج للطلبة الأجانب والذي سيقام في أحد فنادق طوكيو وألحّ عليّ صديقي الهندي (أنوب كومار Anoop Kumar) على الحضور وعرّفني على أستاذه ميزوشيما وسألني البروفيسور إن كنت مسلماً؟ وإذا كنت أقوم بصيام شهر رمضان؟ فأجبته بنعم! وسؤاله الأخير كان «لماذا تصوم رمضان؟ وهل تعرف هناك أي فائدة من الصيام؟» وكان جوابي أن الصيام من الجانب الديني هو للإحساس بمعاناة الفقراء ولتهذيب النفس بتجنب الشهوات، وأما من الجانب الصحي فهناك قول منقول عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) «صوموا تَصحوا» وهنا استوقفني البروفيسور سائلاً «كيف؟ كيف تصبحون بصحة جيدة؟» فأجبته «لا أعرف!» فابتسم البروفيسور وقال مستغرباً «كيف تكونون بهذا العدد وتقومون بالصيام وأنتم لا تعرفون لماذا هو مفيد للصحة؟!» وبعدها اعتذر البروفيسور عن مواصلة الحديث لانشغاله بأعمال في الجامعة ذهب صديقي الهندي ليودع أستاذه وعاد إليّ مهرولاً فوددت منه أن يبلغني ما هو المغزى من تلك المقابلة؟! فأجابني مندهشاً«ألا تعرف من هو البروفيسور ميزوشيما؟! وما هو تخصصه؟!» فقلت له «قطعاً لا أعرف!» فصعقني صديقي حين أخبرني بأن هذا البروفيسور هو واحد من أربعة في العالم، اثنان من أميركا واثنان من اليابان، يعملون في مجال الالتهام الذاتي للخلية (Autophagy) وأرشدني للبحث والاستقصاء عن موضوع الـ (Autophagy) على أن نلتقي بعد عطلة نهاية الاسبوع. قمت بالبحث في مراجعات للبروفيسور ميزوشيما حتى عرفت علاقة الـ (Autophagy) بالصيام.
فالـ (Autophagy) يتحفز عن طريق الجوع (عن الغذاء والماء) ولمدة لا تقل عن 8 ساعات وذلك بشرط أن يكون الجسم في حالة نشاط وعند التحفيز يقوم الجسم بتحديد الخلايا المريضة (سرطانية أو غيرها) لكي تقوم بتحليل ذاتي لنفسها فيتم التخلص من تلك الخلايا وفي الوقت نفسه توفير الغذاء للخلايا السليمة في الجسم! ولتحقيق أقصى فعل من هذه العملية يجب أن تكون متكررة (تراكمية) أي بمعنى أدق مستمرة لفترة من الزمن وأيضاً لا يتخللها عملية إعادة بناء أو تدعيم للخلايا المريضة عن طريق الإفراط في الطعام الذي يحتوي على الدهون والسكريات!
بعد انقضاء عطلة نهاية الاسبوع التقيت بصديقي وأخبرته بما حصل وإذا به يعطيني الضربة القاضية عندما أخبرني أن أستاذه يصوم شهر رمضان وكذلك يومين إلى ثلاثة أيام في الاسبوع! فأبلغته بأن يوصل رسالة إلى أستاذه مفادها أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يصوم يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع!
رمضان مبارك وأعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات.