محمد الدلال / أفكار / مؤشر الحالة السياسية أحمر

تصغير
تكبير
تفصلنا أيام قليلة عن قيام النائب أحمد المليفي بتنفيذ تهديده الإعلامي باستجواب رئيس الوزراء على خلفية المصاريف المالية لديوان رئيس الوزراء، وعن سوء إدارة رئيس الحكومة لعدد من الملفات التي عصفت بالكويت، وفقاً لزعم المليفي في خطابه الإعلامي، وعلى إثر التهديد الذي أطلقه النائب المليفي ادخلت الساحة السياسية والشعبية في نفق آخر من الضباب الكثيف، وضياع البوصلة السياسي الذي تشهده الكويت خلال الأعوام الماضية لصعوبة التكهن بالاحتمالات التي قد تنجم بناءً على هذا الاستجواب، أو المسار الجديد في الساحة السياسية في ظل حضور عشرات الأسئلة في شأن الظروف المحيطة بالإعلان عن هذه الخطوة المثيرة للجدل كثيراً، نشير إلى عدد منها على النحو التالي: فلماذا استهداف رئيس الوزراء تحديداً، وما الحكمة من هذا التوقيت في تقديم الاستجواب، وهل الاستجواب لمعالجة أوجه خلل مرتبطة بمخالفات محددة، أم أنه أكبر من ذلك ليصب في مصلحة تغيير الواقع السياسي القائم، أم كلتا الإجابتين؟ ولماذا لم ينسق النائب المليفي مع زملائه من نواب مجلس الأمة في عزمه الأخير؟ ومن هي الأطراف المستفيدة أو المتضررة من هذا التصعيد السياسي والنيابي؟ وهل سيصعد رئيس الوزراء إلى منصة الاستجواب ويقبل المساءلة السياسية للمرة الأولى في تاريخ الكويت السياسي، وهل سيؤدي التصعيد المصاحب لهذا الاستجواب إلى إقالة الحكومة مثلاً أو حل مجلس الأمة؟ وهل هناك أطراف في الساحة السياسية والنيابية ستدفع في اتجاه تقديم استجوابات أخرى من أجل التصعيد، أو تفويت الفرصة على استجواب المليفي، وما هي خيارات السلطة للهروب من الاستجواب كالاطروحات التي تدور خلف الكواليس باللجوء الى المحكمة الدستورية، أو إحدى لجان المجلس من أجل قبر المساءلة، أو تأجيل النظر فيه؟
أحاديث الشارع السياسي تشرق وتغرب في تناول هذه الأسئلة والإجابة عنها في ظل تأكيد الغالبية، في ما أراه، على عدد من القضايا الأساسية، وأولها أحقية نواب الأمة في استجواب رئيس الوزراء، أو الوزراء وفقاً للحق الدستوري ولا منازع في ذلك، وثانيها أن الاستجواب المزمع تقديمه يأتي ضمن إرهاصات الأزمة السياسية المزمنة في الكويت، وأن المؤشر السلبي الأحمر للأزمة السياسية مستمر في الانخفاض ما لم تعالج أسباب الأزمة الحقيقية المرتبطة باستقرار بيت الحكم، ومراجعة النظام السياسي والتطبيق الفعلي للدستور، وإعادة التوازن المفقود بين السلطتين، واستحداث تطوير أساسي في النظام السياسي الكويتي لمزيد من الدور الشعبي المؤسسي في إدارة شؤون الدولة، وثالث تلك المواقف يأتي في ظل استبعاد الكثيرين لاحتمالية حل الحكومة، فحلها وإعادة تشكيلها لن يأتي بجديد، كما أن حل مجلس الأمة وفقاً لأحكام الدستور تأجيل موقت للأزمة وليس حلاً لها، وإرهاقا للحال السياسية في ظل أهمية التركيز على معالجة قضايا مهمة كالأزمة المالية، والركود العالمي، والأزمات الأخرى في البلاد ومن أبرزها أزمة الرياضة الكويتية، أما خيار اللجوء للحل غير الدستوري، وتعطيل أحكام الدستور فهو أسوأ الاحتمالات على إطلاقها، وإخلال كبير للحقوق الدستورية وحريات الشعب، وهو دعوة صريحة وغير حكيمة للنزول إلى الشارع، وزيادة جرعة الخلافات السياسية والاجتماعية، وإدخال الكويت في أزمة أكبر مما هي عليه. أما الاحتمال الخاص بلجوء الحكومة إلى مسارات أخرى للهروب من الاستجواب فهو خيار خطير من الناحية السياسية والبرلمانية في حال عدم توافر الأساس الدستوري والقانوني، وهي نار حارقة سياسياً لنواب الأمة إن لم يتم التعامل معها وفقاً للمبادئ الدستورية، أما خيار صعود المنصة والمضي في الاستجواب فهو خيار مستبعد حكومياً، كما تتواتر الأخبار في ذلك، علماً بأن مساءلة رئيس الوزراء ستظل قضية مطروحة عملياً من أي من النواب في المستقبل القريب أو البعيد، والتعامل معها يجب أن يتم بالتصدي لها لا بالهروب منها، ويبقى احتمال آخر ولا يمكن استبعاده، وهو تراجع المليفي عن تقديم الاستجواب، أو تقديمه وعدم المضي فيه لاحقاً، وهو أمر سيكون له تبعاته السياسية والجماهيرية على النائب المليفي، ودور نواب الأمة في مساءلة رئيس الوزراء والوزراء، أما احتمالية قيام استجوابات أخرى فهو احتمال قائم إلا أنه ضعيف، لأنه سيفهم أنه من ناحية التوقيت يهدف لتفويت الفرصة على استجواب النائب المليفي، أو الدفع وتشجيع فكرة حل المجلس.
احتمالات عدة قائمة، وغموض سياسي هو سيد الموقف في ظل هاجس الجميع الأساسي والمستمر في كيفية الخروج من المأزق، وإعادة الأمور إلى نصابها؟
* * *
فكرة: العمل على تفعيل الدور الشعبي، والمدني، والسياسي لخلق تيار إصلاحي يمثل رأي الشعب في إصلاح سياسي حقيقي من خلال فكرة مؤتمر وطني للإصلاح، أو إيجاد تجمع سياسي يمثل ألوان الطيف للقيام بهذه المهمة تحديداً، وتشجيع الخطوات والاجتهادات القائمة حالياً، ومنها مشروع الحوار الوطني لجمعية الشفافية، وتحركات تجمع تنامي للإصلاح، وغيرها من الخطوات في الساحة.
محمد الدلال
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي