ارتواء

أقبِل

تصغير
تكبير
في الحياة مفاهيم عدة متقاربة في المقصود متداخلة في المعنى متشابهة إلى حد كبير، فحين يتكلم أحدهم عن التصنع قد يلفظ في سياق حديثه لفظ (الكذب)، (المجاملات)، (النفاق)، وحتى لا يقع أحدنا في مطب توجيه الاتهام لغيره، كان لزاماً أن نعطي هذه المفاهيم وقتاً للتفريق بينها.

فعرّف العلماء (التصنع) على أنه إظهار المرء عَنْ نَفْسهِ مَا لاَ قُدْرَةَ لَهُ عَلَى فِعْلِهِ وتَكَلَّفَ ما لَيْسَ بِهِ، لضعف في شخصيته وثقته بذاته أو لخلل آخر في نفسه، فكان في التصنع كذب على النفس من دون المس بالآخرين وإيذائهم. أما (الكذب) ففيه من التعدي على الغير وظلمهم الكثير ودمار العلاقات والبيوت العظيم، لأن الإفك المحاك ضد ذاك المظلوم له تداعيات من محيطه لا أحد يعلم حجمها وخطورتها. وعلى الطرف الآخر هناك مفهوم (المجاملة) الذي فيه من المدح المستحب لأغراض نبيلة وشريفة كعدم الرغبة في إحراج الآخر مثلاً أو أن يكون طبعاً في الشخصية.. البحث عن الإيجابي في الغير مهما صغر. أما (النفاق) فهو المحاباة والمدح بزيف وزيادة عن الواقع تحقيقاً لمصلحة شخصية وغرض يخدم المنافق لا غيره.


يقع المجتمع في شباك هذه المفاهيم العميقة في المعنى القوية في الأثر، باحثاً عن الراحة ساعياً وراء السعادة لكن من دون جدوى، فمجتمعنا اليوم يعيش حالة من الزيف وخداع النفس، بتحسين الظاهر والشكل بالمادة، بعدم الالتفات لحاجات القلوب والعقول، يتصنع معيشة لا يعيشها، يكذب على نفسه والآخرين بالكمية المهولة من المقتنيات المادية، ينافق غيره بالمدح وقد امتلأ القلب حسداً، يجامل فقط ليكون صديقاً لفلان المشهور والمعروف مجتمعياً، بين هذه المفاهيم تهنا ولم ندل طريق الخروج، على الرغم من معاودة رمضان سنوياً وتذكيرنا بحاجات القلوب والعقول إلا أننا لا نفتأ نقع في حفرة الزيف تلك مرة أخرى تدريجياً.

ليس لدي في هذا المقال حل جذري لهذه الظاهرة السلبية، ولا علاج سطحي لها، لكنني أستخدم وسيلتي هذه للتذكير، بأن رمضان اقترب، فلنتجهز... ولنعطِ الماديات المميتة للقلوب نوايا روحانية نحيا بها... ولنقبل على كتاب قامت به حيواتنا وستصطلح به بإذن الله، فقط أقبِل بقلبك قبل بدنك.

@jasmine_m_alj
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي