Offside
كأس العالم... لم تعد مناسَبة لـ «رفع الرأس»
تعتبر الرياضة إحدى الوسائل المسلية التي تقوم بتلقين القيم والدروس التي ترافق الفرد طوال حياته.
تعزز الصداقة والمنافسة الشريفة، وتعلّم روح العمل في فريق والانضباط والاحترام، والمهارات اللازمة لينمو الطفل ويصبح فرداً يحرص على رعاية الآخرين.
الرياضة تساعد في إعداد الشباب لمواجهة التحديات، والقيام بأدوار قيادية داخل مجتمعاتهم المحلية.
كلام جميل استقيتُه من أحد المواقع الإلكترونية، وأشكر بالمناسبة صاحبه.
لكن ماذا عن الرياضة التنافسية؟ ولمَ تحرص «الدول المتقدمة» على إيلائها أهمية كبرى؟
الإجابة واضحة، والشواهد التاريخية أكثر من أن تحصى، فالريادة الرياضية تعكس صورة البلد وتعلي من شأنه وحضوره على مستوى العالم.
في المناسبات والملتقيات «الرفيعة»، يُستخلص تقييمٌ معين، ومن ثم يجري العمل في ضوئه على تحسين مستويات المنتخبات والفرق واللاعبين.
وبناءً عليه، يجدر بأن تكون المحافل الدولية على مستوى معين من الرقي التنظيمي والجدّي، كي تدرك الدول موقعها الحقيقي على سلم القطاع الرياضي الذي لطالما تغنى سياسيو الدول العربية بأهميته من دون القيام بخطوات جدية لمواكبة العصر، وخير دليل على ذلك تراجع الحصة العربية من الميداليات من دورة أولمبية الى أخرى، والبكاء على اطلال فوز جزائري على المانيا الغربية (سابقا) 2-1 في الدور الاول من كأس العالم 1982 لكرة القدم، او تأهلٍ الى الدور الثاني والاكتفاء بأداء دور «الضيف العابر».
قبل أيام، اعتمد «مجلس الفيفا» (اللجنة التنفيذية سابقاً) مقاعد الاتحادات القارية في كأس العالم 2026، وذلك خلال الجمعية العمومية الـ 67 للاتحاد الدولي للعبة في العاصمة البحرينية المنامة، بحيث منحت أوروبا 16 مقعداً، وأفريقيا 9 مقاعد ونصف، وآسيا 8 مقاعد ونصف، وأميركا الجنوبية 6 مقاعد نصف، والـ»كونكاكاف» (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) 6 مقاعد ونصف، وأوقيانيا مقعد ونصف.
وكان الاتحاد الدولي وافق على زيادة عدد المنتخبات من 32 إلى 48 توزع على 16 مجموعة من ثلاثة منتخبات بدءا من مونديال 2026، مؤيدا اقتراح رئيسه السويسري جاني انفانتينو.
بكثير من الإيجابية، تلقف الشارع الرياضي العربي هذه «الأخبار السّارة»، بيد أن قراءةً بين السطور تنطلي على كارثة كان يتوجب في ضوئها الوقوف ضد المقترح، وربما الاكتفاء بتسجيل موقف، على الرغم من فوات الاوان.
لطالما لعبت كأس العالم دوراً مفصلياً، منذ العام 1930 تاريخ انطلاقها في الاوروغواي، لجهة تحديد القوى وتوزيع الدول على مستويات. كانت الميزان الذي تعمل على اساسه الاتحادات المحلية لتحسين عملها وطريقة مقاربتها لكرة القدم، كي تتمكن من الظهور على مسرح المونديال.
كان من الصعوبة بمكان أن يتأهل المنتخب، أي منتخب، إلى كأس العالم، التي كانت تضم «الأقوى»، وتعتبر منصةً لعرض القوى، بيد أنها كانت أكثر من ذلك بقليل لجهة أنها تحدد ولو بنسبة 90 في المئة، مستوى اللعبة في هذا البلد أو ذاك، ومدى حاجة ذاك البلد للعمل كي يحصل على شرف الظهور في كأس العالم. كانت المعيار.
اليوم، وبعد أن قام انفانتينو بهذه الخطوة، التي نعتبرها خطوة الى الوراء، اصبح التأهل الى كأس العالم مهمة سهلة لمنتخبات ما كانت لتحلم سابقاً بها، الا انه لا يعني ريادةً، بل مجرد كذبة تطلقها المنتخبات الفتيّة المتأهلة... وتصدقها.
في عالمنا «السريع»، أصبحت التفاصيل تافهة، وبات التركيز منصباً أكثر على القشور.
كيف تأهلتَ الى كأس العالم؟ لا يهم، المهم أنني وصلت.
هذه هي المشكلة الكبرى، هذه هي المعضلة التي سيتذوقها متأهلون ما كانوا يوماً في وارد التفكير في ظهور في مونديال.
التأهل سيكون، ابتداء من 2026، إن عشنا، ساتراً لا يعكس مستوى الدول في التراتبية الكروية، وبالتالي لن يمنح الحكومات والاتحادات والاندية أي انعكاس صحيح لمستواها، وبالتالي لن تعمل وتتصبب عرقاً للتحسين، بل ستقول: وصلنا الى كأس العالم، المهمة تمت بنجاح.
لا شك في أن أوروبا تعي ذلك، لكن يتوجب على الجانب العربي تحديداً أن يتيقن لهذا الواقع الذي سيضره أكثر مما يفيده، إذ لا يجدي انتعال حذاء ذهبي... لمن لا يجيد السير.
بقي أن نذكر بأن رئيس «الفيفا» كان وعد قبل انتخابه بالعمل على إيصال منتخبات جديدة الى كأس العالم، فحصل على أصوات إضافية، بيد أنه قال أيضاً بعد انتخابه ان، زيادة عدد المنتخبات في المونديال «يؤمن زيادة الاهتمام باللعبة ورفع العائدات المالية».
زيادة الاهتمام؟ بالتأكيد لا. رفع العائدات المالية؟ بالتأكيد نعم، ولكن من المستفيد؟
هي صرخة قد لا تلقى صدى الا اننا لن نعتبر بأن تأهل هذا المنتخب أو ذاك، انجاز، بل سيكون مجرد مِنحة غير مستحقة... حصل عليها «الأخيرون في الصفّ».
SOUSPORTS@
تعزز الصداقة والمنافسة الشريفة، وتعلّم روح العمل في فريق والانضباط والاحترام، والمهارات اللازمة لينمو الطفل ويصبح فرداً يحرص على رعاية الآخرين.
الرياضة تساعد في إعداد الشباب لمواجهة التحديات، والقيام بأدوار قيادية داخل مجتمعاتهم المحلية.
كلام جميل استقيتُه من أحد المواقع الإلكترونية، وأشكر بالمناسبة صاحبه.
لكن ماذا عن الرياضة التنافسية؟ ولمَ تحرص «الدول المتقدمة» على إيلائها أهمية كبرى؟
الإجابة واضحة، والشواهد التاريخية أكثر من أن تحصى، فالريادة الرياضية تعكس صورة البلد وتعلي من شأنه وحضوره على مستوى العالم.
في المناسبات والملتقيات «الرفيعة»، يُستخلص تقييمٌ معين، ومن ثم يجري العمل في ضوئه على تحسين مستويات المنتخبات والفرق واللاعبين.
وبناءً عليه، يجدر بأن تكون المحافل الدولية على مستوى معين من الرقي التنظيمي والجدّي، كي تدرك الدول موقعها الحقيقي على سلم القطاع الرياضي الذي لطالما تغنى سياسيو الدول العربية بأهميته من دون القيام بخطوات جدية لمواكبة العصر، وخير دليل على ذلك تراجع الحصة العربية من الميداليات من دورة أولمبية الى أخرى، والبكاء على اطلال فوز جزائري على المانيا الغربية (سابقا) 2-1 في الدور الاول من كأس العالم 1982 لكرة القدم، او تأهلٍ الى الدور الثاني والاكتفاء بأداء دور «الضيف العابر».
قبل أيام، اعتمد «مجلس الفيفا» (اللجنة التنفيذية سابقاً) مقاعد الاتحادات القارية في كأس العالم 2026، وذلك خلال الجمعية العمومية الـ 67 للاتحاد الدولي للعبة في العاصمة البحرينية المنامة، بحيث منحت أوروبا 16 مقعداً، وأفريقيا 9 مقاعد ونصف، وآسيا 8 مقاعد ونصف، وأميركا الجنوبية 6 مقاعد نصف، والـ»كونكاكاف» (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) 6 مقاعد ونصف، وأوقيانيا مقعد ونصف.
وكان الاتحاد الدولي وافق على زيادة عدد المنتخبات من 32 إلى 48 توزع على 16 مجموعة من ثلاثة منتخبات بدءا من مونديال 2026، مؤيدا اقتراح رئيسه السويسري جاني انفانتينو.
بكثير من الإيجابية، تلقف الشارع الرياضي العربي هذه «الأخبار السّارة»، بيد أن قراءةً بين السطور تنطلي على كارثة كان يتوجب في ضوئها الوقوف ضد المقترح، وربما الاكتفاء بتسجيل موقف، على الرغم من فوات الاوان.
لطالما لعبت كأس العالم دوراً مفصلياً، منذ العام 1930 تاريخ انطلاقها في الاوروغواي، لجهة تحديد القوى وتوزيع الدول على مستويات. كانت الميزان الذي تعمل على اساسه الاتحادات المحلية لتحسين عملها وطريقة مقاربتها لكرة القدم، كي تتمكن من الظهور على مسرح المونديال.
كان من الصعوبة بمكان أن يتأهل المنتخب، أي منتخب، إلى كأس العالم، التي كانت تضم «الأقوى»، وتعتبر منصةً لعرض القوى، بيد أنها كانت أكثر من ذلك بقليل لجهة أنها تحدد ولو بنسبة 90 في المئة، مستوى اللعبة في هذا البلد أو ذاك، ومدى حاجة ذاك البلد للعمل كي يحصل على شرف الظهور في كأس العالم. كانت المعيار.
اليوم، وبعد أن قام انفانتينو بهذه الخطوة، التي نعتبرها خطوة الى الوراء، اصبح التأهل الى كأس العالم مهمة سهلة لمنتخبات ما كانت لتحلم سابقاً بها، الا انه لا يعني ريادةً، بل مجرد كذبة تطلقها المنتخبات الفتيّة المتأهلة... وتصدقها.
في عالمنا «السريع»، أصبحت التفاصيل تافهة، وبات التركيز منصباً أكثر على القشور.
كيف تأهلتَ الى كأس العالم؟ لا يهم، المهم أنني وصلت.
هذه هي المشكلة الكبرى، هذه هي المعضلة التي سيتذوقها متأهلون ما كانوا يوماً في وارد التفكير في ظهور في مونديال.
التأهل سيكون، ابتداء من 2026، إن عشنا، ساتراً لا يعكس مستوى الدول في التراتبية الكروية، وبالتالي لن يمنح الحكومات والاتحادات والاندية أي انعكاس صحيح لمستواها، وبالتالي لن تعمل وتتصبب عرقاً للتحسين، بل ستقول: وصلنا الى كأس العالم، المهمة تمت بنجاح.
لا شك في أن أوروبا تعي ذلك، لكن يتوجب على الجانب العربي تحديداً أن يتيقن لهذا الواقع الذي سيضره أكثر مما يفيده، إذ لا يجدي انتعال حذاء ذهبي... لمن لا يجيد السير.
بقي أن نذكر بأن رئيس «الفيفا» كان وعد قبل انتخابه بالعمل على إيصال منتخبات جديدة الى كأس العالم، فحصل على أصوات إضافية، بيد أنه قال أيضاً بعد انتخابه ان، زيادة عدد المنتخبات في المونديال «يؤمن زيادة الاهتمام باللعبة ورفع العائدات المالية».
زيادة الاهتمام؟ بالتأكيد لا. رفع العائدات المالية؟ بالتأكيد نعم، ولكن من المستفيد؟
هي صرخة قد لا تلقى صدى الا اننا لن نعتبر بأن تأهل هذا المنتخب أو ذاك، انجاز، بل سيكون مجرد مِنحة غير مستحقة... حصل عليها «الأخيرون في الصفّ».
SOUSPORTS@