الحوار مع النفس لا ينقطع، ليس له وقت أو مدة، فجأة تجد نفسك بعيداً وسارحاً مع نفسك في أمور قد لا تتخيلها وتستغربها، وأحياناً أخرى مع ما هو متعلق بحياتك اليومية والشخصية. حوارك مع نفسك قد يكون في أي وقت أو أي حين، وقد يكون أيضاً وبينما أنت تقرأ هذا المقال عزيزي القارئ!
كثيراً ما تلوم نفسك على أمور ارتكبتها ووجدت أن من الأولى ألا تكون قد فعلتها لأنها قد أضرتك أو بددت طموحاتك، كثيراً ما تناقش نفسك على قرار تريد أن تتخذه أو موضوع تريد أن تحسمه. كثيراً ما تسأل نفسك لماذا وكيف ومتى وأين وغيرها من الأسئلة!
كثيراً ما تحدث نفسك عن أسباب فشلك في مشروع ما أو عدم قدرتك على إنجاز أمر ما، وكثيراً ما تجد نفسك مع نفسك تفكر في خلاف مع صديق أو مشكلة في العمل. كثيراً أيضا تجد أنك تشجع نفسك على تحقيق طموحاتك وتجاوز عثراتك، وكثيرا ما تجدك تمني نفسك أن تصل إلى ما وصل إليه غيرك!
كثيراً ما تحاور نفسك على معاص ارتكبتها وذنوب اقترفتها وعلى أخطاء وقعت بها، تعنفها وتلومها لعلها ترجعك إلى صوابك، كثيراً ما توبخ نفسك لأنها هي من دفعتك إلى فعل المنكرات، وكثيراً أيضاً توسوس لك نفسك، فالكل يعلم أنها أمارةٌ بالسوء.
كثيراً ترجعك نفسك إلى الوراء بينما أنت في حوار معها وتذكرك بماض جميل، أو بحادث أليم، أو بموقف محرج، أو بحديث جارح، أو بصديق قد فارق الحياة، أو بجار قد دهمه المرض. كثيراً ما تؤلمك نفسك عندما تسرح معها وتتفكر بحال الأيتام والفقراء والمساكين واللاجئين وجميع إخواننا في الدين ممن يعانون الأمرين من الحروب والقتل والتدمير!
كثيراً ما نتصارع مع أنفسنا ونعيش معها في دوامة الطموح والرغبة والشهوة والعزة والاندفاع والعزم والخضوع والانصياع والأمل والألم وغيرها.
منذ زمن وبينما كنا في جلسة مع مجموعة من الإخوة الإعلاميين، كان محور الحديث يدور حول (أصعب حوار) قام به كلٌ منهم مع من استضافهم في البرامج التلفزيونية أو الإذاعية أو الصحافية، ولأن الموضوع ذاته لم يكن من ضمن دائرة اهتمامي، سرحت بعيداً مع نفسي لأسألها ما أصعب حوار قمت به أنا شخصياً؟ وبعد تفكيرعميق مع نفسي، اكتشفت أن أصعب حوار وبكل بساطة واختصار، هو حواري مع نفسي وربما هو كذلك لك أنت عزيزي القارئ! فهل توافقني الرأي؟
Email:
[email protected]