فواصل فكرية

المؤمن

تصغير
تكبير
جلستُ أفكّر يوماً في معنى أن تكون مؤمناً، أن تؤمن من كل قلبك وتحمل إيمانك معك أينما اتجهت، تضعه قبل الفكرة وقبل الشعور، أن تؤمن باقتناع لا بالتوارث والعادة، أن تأخذ إيمانك على محمل الجد وعلى محمل العمل، أن تجسّده وتعبّر عنه.

وجدتُ أن أعظم ما يؤمن به الإنسان هو الإيمان الروحي بالله وبالغاية من وجوده، فتلك هي الدائرة التي بدأنا بها وسننتهي لها، فكيف لا تكون الأعظم؟.


ثم نظرتُ، فرأيتُ أناساً تؤمنُ ولا تؤمن في الوقت ذاته، تعرفُ ولا تعرف في الوقت ذاته، تأخذهم الحياة لمسارات مختلفة متقطعة عجزوا عن ربطها بالدائرة الأولى - الدائرة الأهم - ثم أخذوا يعتقدون أن الهدف في جمع المال، أو تحقيق المكانة، أو تولي منصب، ثم أصبح الإيمان في زاوية ضيقة، بين المصحف والسجادة، في رمضان، في الصلوات الخمس بالركوع والسجود المادي فقط، بالزكاة كمالٍ لا كمعنى، بالحج كواجب لا كرحلة روح، أخذت المعاني بالانحصار بعيداً عن يومنا وتفاصيله، عاداتنا وروتيننا، نظراتنا وكلماتنا ونوايانا!.

ذلك لأن أحدهم قال يوماً، الجأ إلى الله في ضعفك، الجأ إليه عند المصائب لينجيك، الجأ لله في انكسارك، ونسي أن يقول الجأ لله في فرحك، الجأ له في قوتك وفي غناك وعافيتك، كن معه في الراحة واستحضر الإيمان في يومك ببساطته قبل تعقيده وظروف الحياة، فأخذنا ننتظر المرض والفقر والمصيبة لنحاول أن نطبق الإيمان ونحن لا نعلم معناه ولا نعرف حقيقته، لنأت في لحظة واحدة لنتعلّم اليقين ومعاني أخرى عظيمة لم يكن أحدنا ليعرفها لو لم يعرف ربه في رخائه.

العبادة التي تكمن في القلب من محبة وتعظيم وخوف، الإيمان الذي يكمن في اليقين وفي معرفة ربك وصفاته الجليلة، الإيمان عندما يتجلّى في صبحك ومسائك وكل حركاتك، حتى في نزواتك، في الفرح وفي الشعور الذي يأخذك بعيداً لعالم الأحلام، في الصداقات الرائعة، في الأهل والنِعم، في الإنجاز والسعي والعمل، إيمانك يحمل معنى أكبر من المصيبة، فلا تحرم نفسك لذته.

@anwar1992m
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي