بلسم روح الحياة / «عيد النظر»

تصغير
تكبير
أثناء قيادتي السيارة في طريقي للعمل سمعت أغنية شدتني معانيها، تتحدث عن خسارة الحبيب أو الصديق، وعن الندم والاعتذار لذلك الإنسان، حيث تبدأ كلماتها بالقول:

أنا أعتذر إن كان باقي لي عذر... وأنا أوعدك أني أبد ما أقهرك

وتختم: أنت الهوى وأنت الهنا وأغلى البشر... يا غايتي وشلون قلبي يخسرك

فهل سيُقبل الاعتذار ويحل محله الصفح؟

كثيرون منا يعيشون مع أناس يحبونهم، ويتفانون في إسعادهم، لكننا لا نشعر بأهمية هؤلاء الأشخاص في حياتنا، ليس من قبيل الجحود ونكران الجميل، بل هو البحث في المجهول عن ما هو جديد ومختلف، فيصيبنا الإعجاب بأشخاص نرى فيهم اختلافاً على ما تعودناه خلال حياتنا، لكن هذا الإعجاب غالباً ما ينتهي حين تنجلي الأمور وتستبين الحقائق، بعد أن نكون قد حرقنا مراكبنا، فلا نحن وصلنا إلى شاطئ الأمان، ولا تمكنا من العودة لمن خسرناهم، بعد أن نكون قد جرحنا أحاسيسهم بنكران الجميل وتجاهل المودة والمحبة.

فالإنسان مجبول على الطمع والبحث عن الأجمل والأكمل، فإن كان هذا الطموح لتطوير حياته وتحسين مستواه سواء من الناحية المادية أو الثقافية فهذا أمر محمود، لأن الإنسان بلا طموح ولا أهداف يفقد سر وجوده ومعنى حياته، أما إذا كان هذا التغيير لأناس أو أشخاص، فالأمر هنا مختلف، فليس كل ما يلمع ذهباً، والنفس البشرية لها أحاسيس ومشاعر، ولابد من مراعاة هذه الأحاسيس والمشاعر، وإن راقك المظهر، فالجوهر أبقى وأهم.

يا له من ثمن كبير ندفعه حين نخسر أنفسنا، بفقدان من أحبونا بصدق، ويا له من ثمن بخس قبضناه عندما بعنا كل هذه المشاعر والأحاسيس الرائعة تجاهنا، فهل يمكننا بعد كل ما فعلناه أن تلتئم الجروح وتلتحم المشاعر المهشمة مرة أخرى وتعود الأمور إلى ما كانت عليه.

إننا ننسى أن للآخرين مشاعر وكبرياء، فإن تنازلوا عن كبريائهم، فكيف تُنسى المشاعر، وإن كبتوا مشاعرهم فمن يحمى كبرياءهم.

ولسنا هنا بطرح أفكار ورؤى غير واقعية أو مثالية، بل ان جُل ما نطلبه أن تضع نفسك مكان هذا الشخص الذي خذلته وخنت عهده وغدرت بآماله. هل تستطيع أن تغفر وتسامح وتقبل الاعتذار وتبدأ معه صفحة جديدة؟ أم أنه سيكون من المستحيل أن تقبل الاعتذار، وتدير ظهرك لكل التوسلات، وتمضي في طريقك غير آبه لأنين الندم. فأصعب الغدر غدر الأحبة ونكران المقربين هو أشد النكران.

نقول ونختم، لا تضع نفسك في هكذا موقف، ولا تجعل أمورك تصل إلى هذه المواصيل، وأنت تستطيع أن تكون بغنى عن كل هذا.

فالحياة قصيرة والعمر ليس أياماً نعيشها، العمر هو أشياء تعيش بداخلنا وتنعكس على حياتنا وتصرفاتنا، وكل ما نعيشه سيصبح ماضياً إلا اللحظات التي ينكسر فيها القلب فستبقى تعيش معنا إلى نهاية العمر.

فاجعل من ثواني حياتك كلها وقتاً للسعادة والبهجة، وليس للحزن والندم، وتمسك بمن تحبهم ويحبونك، وقدر هذه النعمة التي بين يديك، ولا تجرب أن تفقدها لتبحث عن الأجمل فتخسر الاثنين معاً، ولتقدر أهمية من أحبوك، وكن على يقين أن الزمن لن يرجع وأن خسارة المحبين لا يمكن أن تعوض، لذلك وجب عليك أن تعيد النظر في كيفية تعاملك مع أحبائك، حتى لا تندم وتضطر إلى طلب الغفران لاحقاً.

* مدرب الحياة والتفكير الإيجابي

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي