فواصل فكرية

خسائرٌ في الذاكرة

تصغير
تكبير
الذاكرة والمخيّلة والاعتياد وكذلك الخسائر، كلمات كبيرة قرأتها تحت إحدى الصور في مواقع التواصل الاجتماعي. أخذتني تلك الكلمات إلى تجاربي الشخصية والتاريخ البشري الصغير جداً الذي اطّلعت عليه في سنوات نضجي الأخيرة، وأخذتُ أفكر.

أخذتُ أفكر في الخسارات التي نتكبدها كلما عشنا أكثر، العلاقات التي تحيا وتموت، الأرواح التي توُلد والأخرى المُودّعة، الذكريات التي نحملها للأشخاص والأماكن واللحظات الجميلة والقاسية معاً، وكيف يصنع ذلك كله مخيلتنا، كيف يمدنا بالصورة التي نرى فيها العالم ونبني من خلالها المستقبل، ثم كيف نتعايش ونعتاد على الفراغ الذي يتركه أحدهم واللحظات التي ذهبت ولن تعود، كيف تصنعنا الذكرى وتصنع من مخيلتنا شيئا جميلا أو قبيحا.


أحياناً لا تجد الخسائر طريقها للتعبير عن نفسها، فلسنا كلنا أدباء ولا شعراء ولا رسّامين، نفقد أحياناً القدرة على التعبير عن خسائرنا وآلامنا من خلال الكلمة أو الصورة، فتبقى الخسارة قاصرة بذاتها، يحدّها الحزن من كل اتجاه، لكننا جميعاً نملك العقل، لنتمكن من صياغة الخسارة كتجربة، كتاريخ، كجزء من حياتنا استطعنا بشكل أو بآخر أن نتعلّم منه شيئا ما، فنصوغ الذكرى كعلم يُحسب نقطة انتصار وسط كم الخسائر.

الخسارة - على عكس ما نعتقد - تصقل جزءا كبيرا من ذواتنا، ذلك الجزء لا يُصقل على يد الاعتياد المريح، ولا تصل له يد السعادة، إنها الخسائر، القيّمة على أمره.

@anwar1992m
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي