رواق

السجين

تصغير
تكبير
يعتبر سجن الجلالي في سلطنة عُمان من أشهر السجون في المنطقة وأقدمها قبل أن يصل السلطان قابوس للسلطة فيغلق السجن ويطلق سراح كل السجناء، ومن أشهر السجناء الكويتيين فيه المرحوم الدكتور أحمد الربعي النائب المعارض وزير التربية السابق.

لم ينل السجن حقه من التوثيق الدقيق مثله مثل تجربة الربعي في السجن التي بقيت رهن أحاديث إعلامية هنا وهناك، ولم يدونها في سيرة مكتوبة قال إنه كان ينوي القيام بها لولا أن القدر وافاه...


عبارتان عن السجن والمسجون لخصت تجربته وتجربة كثيرين لم تدون، الأولى ما كُتب على باب السجن نفسه: الداخل مفقود والخارج مولود، والثانية قالها السجين الأشهر الربعي نفسه عن نفسه: دخلته غيفارا وخرجت منه مانديلا...

العبارتان كافيتان لتلخيص حالة أي سجن وأي سجين على العموم، فدخول السجن ليس مثل الخروج منه، لا أحد يدخل السجن ويخرج منه مثلما دخله، لا أحد، فالسجن تجربة تغييرية في حياة المساجين لا تُعيد تأهيلهم كما يُقال بل تعيد تأهيل العالم وفقا لرؤيتهم له في كفة وحريتهم في كفة أخرى فتبدأ عملية الوزن لإحداث التوازن أو اختلاله.

وإذا كانت الأيام كفيلة بترويض فكر أي إنسان حر فيوم السجن بيوم ضوئي لا يشعر به سوى السجين تجاه الطلقاء خارجه، وبعضهم من رفقاء الدرب الذين أوصلوه له وأفلتهم منه، ومنهم من خذله وتبدأ المقارنة ماذا لو كان مكانهم؟، وماذا لو كانوا مكانه؟، ويبدأ في إعادة حساباته بوضوح بعد أن تتضح رؤيته من خلف القضبان فيصل إلى محصلته.

المحصلة التي لخصها أمس النائب السابق مسلم البراك بعد خروجه من السجن عندما قال:

دعوني أصارحكم بعد أن قمت بمراجعات لنفسي وللمعارضة.. أقولها بكل أريحية «نعم أخطأنا»... هذه المحصلة تشبه تلك التي سبق أن لخصها الربعي من تجربته بقوله: الحمد لله أن الثورة التي سجنت لأجلها لم تنتصر.

عبارة مختصرة تلخص الكثير وتحمل الكثير من الشجاعة والجرأة في مواجهة المؤيدين قبل المعارضين، والذين آمنوا بأفكار صاحبهم قبل السجن فخرج منه بفكر مغاير ومتغير... وما أصعب أن تواجه من يؤيدك بعد تغير رأيك الذي أيده ولا تخذله!

السجن شفيع تغيير القناعات وصحيح أن السجن واحد لكن غيفارا ليس مانديلا ومسلم البراك ليس الربعي.

reemalmee@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي