قصة قصيرة / رحلة الحياة

u0645u0631u0648u0649 u064au0627u0633u064au0646
مروى ياسين
تصغير
تكبير
كانت تحتمي بظله كلما اشتدت الأيام عليها. ظلت لسنوات طويلة هي الداعم والسند له في الحياة تفكر في كل ما يريده وتسعى بكل جهدها لتحقيقه. هي امرأة بيضاء ممشوقة القوام، جميلة الملامح، لكن صوتها الناعم صار أكثر غلظة عن ذي قبل، بعدما قررت النزول إلى العمل مع زوجها يداً بيد، ليستبدل الجميع اسمها من ليلى إلى «المِعَلمة».

صارت مرشده ودليله في التعامل مع العمال، سعت بكل قوتها لتكبير مشروعهما الذي بدآها منذ أن صارت زوجته وبالتحديد قبل 20 عاما من الآن، ليتحول المخبز الصغير في إحدى المناطق الشعبية إلى سلسلة من المخابز الشهيرة بجمهورية مصر العربية. كبر المشروع وكبرت الزوجة، رغم صغر سنها إذ أنها تجاوزت الأربعين بخمس سنوات فقط، وتجاوز هو الستين بعامين، لخلل ما أصابه في الغدة الدرقية صار وزنه كبيرا جدا لدرجة يصعب معها تحركه فبات يستند إلى عكازين بمساعدة أحد العمال الذي بات أقرب إلى ظله كلما غدا أو راح.

20 عاما لم تتململ «المِعَلمة» من زوجها ولم تبد استياءها يوما، بعدما أثبتت الفحوصات إصابته بقصور في أحد شرايين القلب، صارت تدعمه وتسانده ونسيت أنوثتها في ظل كبواته الصحية المتكررة. هو رجلها واقترن اسميهما معا فكيف لها ان تتخلى عنه، انخرطت في العمل أكثر، وباتت هي المسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة فيه، ألقى عليها حموله وتركها تأمر وتنهي، وتجول هو بحرية بين مصالحهما الأخرى، كانت على يقين بإخلاصه لها، لم يتسلل الشك إلى قلبها يوما، إلى ان وشى احدهم إليها بنبأ غير يقين: «انتي فاكراه بيحبك... ده متجوز عليكي من 14 سنة ومخلف كمان». صدمة لم تحتملها باتت تضحك بشكل هستيري، «اتجوز عليا... ازاي»؟ أسئلتها وحيرتها لم تمنعها من البحث وراء الكلمات لتكتشف أن ما قيل كان واقعا عاشه زوجها 14 عاما في حضن امرأة غيرها وأنجب منها ثلاث بنات، ليصبح لولديها أخوات «على وش جواز»، من دون أن يلتقي أحداً بالآخر. انتقلت إلى بيتها بحمل ثقيل، وكابوس لم تتمكن من نفضه، عبر جلسات وديه بين أهلها وبينه انتهى الأمر بالطلاق، وحصولها على نصف ما يملك باعتبارها شريك له في كل شيء... أسدل الستار على قصتها والوجع الذي خلفه لم ينته بل يزداد يوما عن الآخر ليصبح سؤالها الدائم: «عملتله إيه علشان يخدعني 14 سنة من عمري»؟ تسأل نفسها والإجابة متعثرة... مترددة لا تأتي ولن تأتي، وبعيدا عن الإجابة، كتبت من جديد سطورا في حياتها، وعادت لتبدأ منفردة رحلة جديدة في الحياة، رحلة تتمنى أن تكون جميع الأسئلة فيها بإجابات... أي إجابات.

* صحافية وكاتبة مصرية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي