في نهاية سبتمبر 2008 كلف رئيس كيان العدو الصهيوني شيمون بريز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة أولمرت، على أن تنتهي من تشكيل الحكومة مع مطلع شهر نوفمبر.
ومن اللافت، التشابه الواضح بين تسيبي ليفني وغولدا مائير، كلتاهما امرأتان كلفتا بتشكيل حكومة للكيان الصهيوني، الاثنتان كانتا قبل تشكيل الحكومة في منصب وزيرة الخارجية، الاثنتان كلفتا بتشكيل حكومة ائتلافية، رغم أن الأخيرة فشلت وثمة اتجاه الآن نحو الانتخابات. الاثنتان... صهاينة حتى النخاع.
لكن يبقى، وهو الأهم، أن نصر السادس من أكتوبر العظيم، وهو أول نصر عسكري حاسم تحقق للعرب والمسلمين ضد العدو الصهيوني، كان في ظل حكومة غولدا مائير، فهل يتحقق التشابه ويكون في عهد تسيبي ليفني نصر أكتوبر جديد يحسم الصراع العربي - الإسرائيلي نهائياً، ويحسم القضية الفلسطينية ويرجع الفلسطينيين لديارهم... تلك أمنية.
والواقع في ساحة الصراع يشهد إرهاصات ومقدمات حسم استراتيجي للقضية الفلسطينية. البعض تمضي أحلامه إلى سراب تحقيق سلام شامل ودائم بين الصهاينة والفلسطينيين، ويستبشرون بوعد «بلفور» الجديد للرئيس الأميركي بوش، بدولة فلسطينية يعيش فيها الفلسطينيون جنباً إلى جنب مع دولة الاحتلال الصهيوني. لكن البعض يرى الواقع بمنظار أكثر واقعية بناء على ما يحدث في الأرض من وقائع تشهد بمقدمات حسم عسكري يتكرر مرة أخرى، وذلك بناء على الآتي: تسيبي ليفني تلميذة وفية جداً لرئيس وزراء العدو الصهيوني شارون، الراقد ميتاً بين الأحياء منذ أعوام، والذي اشتهر بدمويته وسفكه لدماء الفلسطينيين وخاصة بعد اقتحامه لساحة المسجد الأقصى في سبتمبر 2000، ما كان سبباً في اندلاع انتفاضة الأقصى التي قدمت آلاف الشهداء، بخلاف إصراره على رفض حقوق الفلسطينيين، وهو ما يجعل (تسيفني) تعيد الكرة بشكل أو بآخر، لكن تلميذة شارون لن تغير سياسته.
تسيبي ليفني، بحسب ما نشر في «الصنداي تايمز» أخيراً، كانت عميلة لـ «الموساد» الصهيوني في مطلع الثمانينات، وكانت وراء اغتيال الفلسطيني مأمون مريش في أثينا في 21 اغسطس 1983، ونشأت في أسرة صهيونية دموية متطرفة فوالداها إيتان ليفني وسارة كانا من عناصر منظمة «الأرغون» الصهيونية.
وحسب ما نشر في «الصنداي تايمز» ورثت الميل إلى العنف من عائلتها، فوالدها كان إرهابياً وتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاماً لمهاجمته قاعدة عسكرية خلال فترة الانتداب البريطاني في فلسطين، لكنه فر من وراء القضبان.
أما والدتها سارة، وحسب الصحيفة نفسها، فكانت قائدة لإحدى خلايا منظمة «أرغون» المتطرفة التي ترأسها بالثلاثينيات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغن. وروت سارة في إحدى المقابلات قبل وفاتها، عن عمر 85 عاماً، أنها سطت على قطار وسرقت 35 ألف جنيه استرليني منه، ومن بعدها قامت بمهاجمة وتدمير قطار آخر وهو في طريقه من القدس إلى تل أبيب.
تتزعم تسيبي ليفني مطالب عدة، منها: إعلان قطاع غزة كياناً معادياً لإسرائيل. عدم الاستمرار في المحادثات غير المباشرة مع سورية إلا بعد توافر بعض الشروط المسبقة. شن الهجمات الانتقامية ضد المقاومة الفلسطينية. الاستمرار في تنفيذ مخطط عزل «حماس».
والواضح من قراءة ما سبق أن المنطقة العربية مقبلة على عهد جديد مع الكيان الصهيوني مقدماته لا تختلف عن مقدمات عهد شارون الدموي، بل من الممكن أن تزيد. لكن ربما يقول قائل إن حكام العدو الصهيوني كلهم اشتهروا بدمويتهم وقتلهم وذبحهم للعرب والفلسطينيين، ولكن الواقع السياسي يختلف، والعالم الأميركي لن يسمح للعرب بنصر جديد.
البعض يردد ويقول ربما يكون هذا صحيحاً، لكن يبقى أن النصر الحاسم الذي تحقق في 6 أكتوبر للعرب والمسلمين كان في ظل حكومة غولدا مائير، ونحن العرب قد نجح الصهاينة في تذويبنا في «حمض» المفاوضات، وقد اقتنعت الشعوب بفشلها تماماً، فلم يبق إلا خيار الحسم، والعالم لم يمنع المقاومة من الدفاع عن أرضها، ولن يمنعها من حسم خيارها لاستعادة حقها.
وأخيراً يبقى عنوان المقال بحث عن أمل، وبشرى للخروج من سرداب ظلم الاحتلال الصهيوني، وقسوة الاحتلال والحصار على الفلسطينيين، وأمنية قابعة في العقل عند كل مسلم بأمل استعادة المسجد الأقصى.
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب مصري
[email protected]