يتساءل الناس عن إهمال صيانة الطرقات، وكثرة مشكلاتها المسببة للأذى والضرر لأرواح وممتلكات الناس، خصوصا تلف المركبات التي تسير على هذه الطرقات في كل الأوقات. فكما يلاحظ من الواقع ان مشكلات الطرق لا تتعلق فقط بتردي صيانتها، وإنما كذلك في تشييدها والذي يعود في معظم الأحوال إلى الإهمال والتلاعب في الإنشاء والصيانة من المقاولين الذين لا ينفذون العقود كاملاً، ولا يلتزمون بالقانون، ومن السهل عليهم تلافي المساءلة.
إن تشييد الطرق في الدول المتقدمة لا يتوقف فقط على التنفيذ، وإنما كذلك متابعة مشكلات هذه الطرق من أجل تجنب الحوادث الكثيرة والتي تأتي عادةً من الحفر والتشققات، وكثرة المطبات، وتلف الاسفلت وغيرها. فالكثير من حوادث المرور يمكن تلافيها إذا كانت الصيانة هدفاً أستراتيجياً مهماً ومستمراً للجهات المسؤولة عن تشييد وسلامة الطريق.
نقول ذلك بعد أن كثرت شكاوى الناس من تردي حال صيانة الطرق، وإيعاز ذلك إلى عدم توافر الميزانية المالية السنوية رغم هدر الملايين على صيانة الطرق. الكثير من مشكلات الطرق تعود إلى تلاعب المقاولين الذين لا ينفذون الشروط على الوجه الصحيح، وضعف متابعة الوزارة للصيانة الدورية. ولعل تكاثر الحصى من اسفلت الطرق خير مثال لمدى التلاعب سواء في تنفيذ الطرق الجديدة أو صيانة ما هو قائم من طرق وشوارع داخلية. ناهيك عن انسدادات فتحات صرف مياه الأمطار والتي تتسبب في فيضان مياه الأمطار في الشوارع والطرقات، وإتلاف المنشآت الخاصة والحكومية، وآخر هذه الفياضانات كان غرق الشوارع بمياه الأمطار وسعي الوزارة لتشكيل لجنة للتحقيق. فهل ننتظر الكوارث حتى تشكل لجان تحقيق لدراسة الأسباب؟
وللاستدلال على الحالة الراهنة لضعف صيانة الطرق نكتفي بالإشارة إلى تصريح وزارة الأشغال منذ أمد قريب وعلى لسان وكيلها المساعد لقطاع الصيانة بأن ثلث طرق المحافظات يحتاج إلى صيانة عاجلة، وإن الطرق الداخلية وبنسبة 42 في المئة تحتاج إلى صيانة، فيما 36 في المئة من النسبة تحتاج صيانة عاجلة. هذا فقط في محافظتي مبارك الكبير والأحمدي، وهي محافظات نسبياً يمكن القول إنها حديثة مقارنة بالمحافظات الاخرى كحولي والجهراء والعاصمة، لكن الأمر أدهى عندما تقول الوزارة أن 83 في المئة من الطرق السريعة ليست بحالة سيئة لكنها خارج الضمان!
هناك الكثير من الشواهد اليومية التي يلاحظها الناس في إهمال صيانة الطرق والتي لا تتفق مع تكنولوجيات الصيانة المتبعة في العالم منها الشقوق والترقيعات الاسفلتية، وانخفاض منسوب الارض حيث تتجمع المياه من الامطار أو غسيل السيارات في المنخفضات المحاذية للأرصفة، وتطاير حصى الاسفلت، ورداءة مكونات الاسفلت التي لا تستطيع مقاومة الحرارة الشديدة أو ثقل السيارات أو ازدحام حركة المرور اليومية.
إن صيانة الطرق عادة لا تنتهي بانتهاء صيانة محددة، وإنما لا بد من الفحص الدوري للصيانة باستخدام الأجهزة الحديثة، واتباع نظام لا يتوقف على استقبال شكاوى الناس لمشكلات الطرق في أي مكان قريب من سكن خاص أو مدرسة أو مستشفى، وإنما الواجب يقتضي أن تكون المراقبة مستمرة من العاملين في الصيانة. واتذكر أنني شخصياً حاولت أكثر من مرة لفت نظر الوزارة لمعالجة تجمع المياه بجانب أرصفة بعض الشوارع التي كنت ألاحظها وتشكل بحيرة تؤدي إلى تلف الشارع والضرر للناس، لكن لا حياة لمن تنادي.
[email protected]