حوار / «مشاركتي في الدراما المصرية أَشْعرتْني بالرضا وبخصوصيتي كممثلة»
زينة مكي لـ «الراي»: التمثيل «تسميع»... في لبنان وتنقُصنا الصدقية ونصوصٌ تُشبهنا
زينة مكي
تُفرحني المحاولات اللبنانية الناجحة في السينما... لكن ليست لدينا صناعة سينمائية
الدراما التلفزيونية تتحسَّن ... ولكنها ليست في أحسن حال
عندما اشتغلتُ في الدراما المصرية أدركتُ لماذا نجح المصريون أكثر منا
في لبنان الغالبية همّهم الشهرة و«قديش بدي أقبض» ومَن الممثلون المشارِكون معهم
خلقتُ شخصية «شادية» في مسلسل «الشقيقتان» من الصفر وحللتُها
ما حققتُه في «الشقيقتان» نجاح كبير لي... وأنا سعيدة بردّة فعل الناس على دوري
بعض الممثلين يرتبطون بـ 5 أعمال ولا يركِّزون على شخصية واحدة... وهذا أمر مُحزن
الدراما التلفزيونية تتحسَّن ... ولكنها ليست في أحسن حال
عندما اشتغلتُ في الدراما المصرية أدركتُ لماذا نجح المصريون أكثر منا
في لبنان الغالبية همّهم الشهرة و«قديش بدي أقبض» ومَن الممثلون المشارِكون معهم
خلقتُ شخصية «شادية» في مسلسل «الشقيقتان» من الصفر وحللتُها
ما حققتُه في «الشقيقتان» نجاح كبير لي... وأنا سعيدة بردّة فعل الناس على دوري
بعض الممثلين يرتبطون بـ 5 أعمال ولا يركِّزون على شخصية واحدة... وهذا أمر مُحزن
«اختيار إجباري»!
ربما كان هذا هو العنوانَ الأنسب الذي تضعه الممثلة اللبنانية الشابة زينة مكي للفترة الحالية من مسيرتها الناجحة، ليس فقط لأنه عنوان مسلسلها الأخير، بل أيضاً لأنه صفة القرار المحوري في مسيرتها الذي اتخذته حديثاً!
زينة مكي، التي تتميز بموهبة تمثيل لافتة صقلتها جيداً بدراستها الأكاديمية، تملك أيضاً رؤية عميقةً للفن، وقدرةً على وصف ما يجري حولها في الساحة الفنية بصدق وشجاعة لا يعرفان الخوف!
ولعل هذا كله تجلى في قرارها الأحدث بتوزيع جهودها الفنية بين العاصمتين القاهرة وبيروت، وألا تقصر إسهاماتها الإبداعية على العاصمة اللبنانية فقط، ليكون هذا القرار المهم بمنزلة «اختيار إجباري»، لكي تعزز نجاحها في الدراما المصرية، خصوصاً في مسلسلها الأخير الذي يُعرض على الشاشة حالياً، ويحمل الاسم نفسه «اختيار إجباري»!
«الراي» تحاورت مع زينة مكي، في حديث فني وشخصي صريح، تساءلت الفنانة من خلاله: «هل يجب أن ينتظر اللبنانيون 100 عام حتى يحققوا في الدراما ما حققه المصريون؟!»، معربةً عن إعجابها «بالدراما المصرية التي تهتم بالتفاصيل والكيف، ملقيةً باللوم على نظيرتها اللبنانية، التي لا تتعمق كثيراً بينما ينتصر ممثلوها للشهرة والمال» (وفقاً لرؤيتها).
«مشاركتي في الدراما المصرية أَشْعرتْني بالرضا وبخصوصيتي كممثلة»، تقول زينة مكي، كاشفةً النقاب عن شخصية «شادية» التي جسدتها في المسلسل اللبناني «الشقيقتان»، ونجاحها في هذه الشخصية المغايرة والشريرة، وردة فعل الناس الإيجابية حيالها، ومبينةً «أن الممثل الحقيقي لا يمكنه الاقتصار على الأدوار الرومانسية، بل يجب أن يتنقل بين كل الحالات الإنسانية»، ومتحدثة عن عروض جديدة في الدراما المصرية، وتطلُّعها إلى أخرى في السينما... متطرقةً إلى زوايا أخرى تأتي تفاصيلها في هذه السطور:
• ربما تكونين من الفنانات اللبنانيات القليلات اللواتي نجحن في السينما، كما في الدراما التلفزيونية، فكيف تمكّنتِ من تحقيق المعادلة بين المجالين؟
- لأنني أفهم الكاميرا، وأعرف كيف أتعامل معها. وربما ساعدتْني دراستي للإخراج في ذلك. علماً أنه في الخارج فإن الممثلة التي تنجح في التلفزيون تنجح في السينما أيضاً، والعكس صحيح، مع الإشارة إلى أن هناك اختلافاً بسيطاً بين التمثيل السينمائي والتمثيل التلفزيوني، ومن المهم أن يعرف الممثل كيف يحافظ على هذا النمط، وأن يكون حقيقياً أمام الكاميرا. كل شيء يعود إلى الممثل، وأنا أعطي المسلسل التلفزيوني كما أعطي العمل السينمائي، وأخلق الشخصية من الصفر، وربما ساعدني هذا الأمر أيضاً.
• لو قارنا بين وضع السينما والتلفزيون، أيُّهما وضْعه أفضل درامياً، وهل توافقين على ما يؤكده البعض من أن الأفلام التي تُنتَج في لبنان هي مجرد محاولات، وأن الدراما جيدة ولكنها ليست في أفضل أحوالها؟
- أقول إن ما يُقدَّم سينمائياً لا يعدو كونه محاولات. وأنا عندما أشاهد أفلاماً لبنانية أفرح، ولكنني لا أقول إنه أصبح عندنا صناعة سينمائية في لبنان، مع أن هناك الكثير من المحاولات الناجحة. أما بالنسبة إلى الدراما التلفزيونية فهي إلى تحسّن، ولكنني لم أكن متابِعةً لها، بل صرتُ أفعل ذلك أخيراً، وأجد أنها أصبحت أفضل من السابق، ولكنها ليست في أحسن حال.
• وما الذي ينقص الدراما في لبنان... في الماضي كان الممثلون يشْكون ضعف الإنتاج الذي أصبح متوافراً اليوم، وبالرغم من ذلك لم تحقق الدراما اللبنانية ما كان يُنتظر منها؟
- الدراما تتجه إلى المكان غير الصحيح. ما ينقصنا هو الصدقية والنص الذي يُشبهنا، والأداء التمثيلي. عندما اشتغلتُ في الدراما المصرية أدركتُ لماذا نجح المصريون أكثر منا. هناك لا يمكن أن تصدّقي حجم العفوية والحرص على تحليل كل مشهد قبل تصويره، بينما في لبنان «يمثّلون تسميع». المشكلة الأساسية هي الصدقية عند الممثلين، لأن أحداً لا يفهم ماذا يقول، ولا يَسمع زميله ماذا يقول، بل «كله عم يسمّع»، وينتظر الكلمة الأخيرة من الممثّل الذي يقف أمامه كي يبدأ بجملته.
• ينطبق عليهم «لقب الممثلين الببغاوات»؟
- للأسف. لكن لا يمكن أن نعمّم. في مصر نجوم الصف الأول يتناقشون في كل جملة، ويحاولون أن يحلّلوا في مشهدٍ معيّن لماذا يقولونها بطريقة ما وليس بطريقة مختلفة، بدل «كرْج الجُمل وراء بعضها»، ولذلك نجد العفوية عندهم، وهذا ما ينقصنا في لبنان.
• ومن يتحمل المسؤولية؟
- إنها مسؤولية المخرج والممثل والكل. أحياناً يكون المخرج «شاطر»، ولكن الممثل لا يقوم بواجبه كما يجب، وهناك مخرج وراء الكاميرا لا يجيد إدارة الممثل.
• هل يمكن القول إن غالبية الممثلين يبحثون عن المال والشهرة؟
- غالبيتهم يريدون الشهرة، ولا أحد يعمل في المهنة بحبّ. لاحظتُ في مصر أن النجوم أعمالهم معدودة. مثلاً الممثل كريم فهمي الذي شاركتُه في مسلسل «اختيار إجباري»، أكد لي أن أعماله معدودة، وأنه لا يشارك في أكبر عدد ممكن من الأعمال من أجل الشهرة، بل يختارالعمل الذي يشكل إضافة إلى مسيرته، وهذا الأمر مفقود في لبنان. عندنا كل همّهم «قديش بدي أقبض» ومَن الممثلون المشارِكون معهم. ونتيجة الانتقال من عمل إلى آخر، يفقد الممثل التركيز على شخصية واحدة، لأنه يرتبط بـ 5 أعمال من أجل الشهرة والمال والظهور على الشاشة، وللأسف هذا الأمر يُحزِن كثيراً.
• لا شك أن كلامك حقيقي وواضح وصريح جداً، لكن ألا تخشين غضب الممثلين منك؟
- أنا لا أجرّح في أحد، ويوجد في لبنان ممثلون جيدون وآخرون غير جيدين، ولكنني أغضب لأننا لم نتمكن من الوصول إلى المستوى نفسه الذي وصل إليه المصريون درامياً، ولماذا يجب أن ننتظر 100 عام كي نصبح بمستواهم أو بمستوى العالميين؟ هناك مشاكل ولا بد من إيجاد حلول لها. الإنتاج صار متوافراً فلماذا لا تزال مشاكل الدراما موجودة؟
• عندما يؤكد بعض الممثلين أن الدراما في أفضل أحوالها أو أن الدراما اللبنانية محارَبة، هل تعتبرين أن ما يقولونه مجرّد ادّعاء، ولا يعكس الحقيقة؟
- هي وجهات نظر. هناك مَن يرى أن الدراما هي فعلاً في أفضل أحوالها، بينما أقول إننا أصبحنا أفضل من السابق، ولكننا لسنا في أفضل حال. هناك أعمال ناجحة ولكنّ ثمة شيئاً ناقصاً ليس مفهوماً ما هو. ربما كان ذوقي مختلفاً عن ذوق الآخرين، وأجد أننا نحتاج إلى الكثير كي تصبح الدراما في أفضل أحوالها.
• لا شك أن العمل في مصر أضاف الكثير إلى رصيدك وإلى مهاراتك وخبرتك كممثلة، هل تفكرين في الاستقرار في مصر بما أنكِ حققتِ ما تبحثين عنه؟
- هذا الأمر وارد جداً، ولكن هذا لا يعني أنني سأغيب عن لبنان، بل يمكنني أن أوزّع وقتي بين مصر ولبنان. أنا حققتُ نفسي في مصر، ومشاركتي في الدراما المصرية كانت «فشة خلق» لي، وأشْعرتني بالرضا وبخصوصيتي كممثلة.
• هل عيْنُك على السينما في مصر؟
- أحب السينما، ولكنني لستُ ضليعة في السينما المصرية، خصوصاً الحديثة. وإذا كان العمل في الدراما جعلني أشعر بالاكتفاء، فكيف الحال بالنسبة إلى السينما.
• هل تلقيتِ عروضاً سينمائية من مصر؟
- بل عروضاً درامية تلفزيونية، وكلها قيد الدراسة ومؤجّلة إلى ما بعد رمضان.
• تقدّمين دور الشريرة في مسلسل «الشقيقتان». ألا تخافين أن يؤثر هذا الأمر سلباً عليك وأن يتسبب في كره الناس لكِ؟
- على العكس تماماً. الناس لم يكونوا يعرفونني جيداً مع أنني قدّمتُ قبله الكثير من الأعمال، ولكنها لم تكن مسلسلات لبنانية. الجمهور اللبناني يعرفني من خلال «حبة لولو» و«بينغو» وعدد من الأدوار البسيطة. كل عمل قدّمتُه له جمهور معين. أحياناً ألتقي أناساً فيقولون لي: «مش طايقينك» في المسلسل، وآخرون يفصلون بين الحقيقة والتمثيل، وأنا شخصياً سعيدة مهما كانت ردّة الفعل، سواء كانت إيجابية أو أنهم كرهوني، لأن هذا يعني أنني نجحتُ في إقناعهم.
• ألا ترين الأدوار الرومانسية أكثر جاذبية؟
- من الصعب جداً أن يُصبغ الممثل بأدوار رومانسية ورقيقة وطيبة وناعمة فقط، وطوال الوقت. وكنتُ أنتظر منذ فترة طويلة الدور الشرير، حتى يعرف الناس أنني أستطيع أن أقدّم كلّ الأدوار، وأن لدي طاقات كثيرة، يمكن أن أفجّرها في أكثر من خانة. وما حققتُه في «الشقيقتان» أُعدّه نجاحاً كبيراً لي، وأنا سعيدة بردّة فعل الناس على دوري، لأنه محرّك الأحداث ودينامو المسلسل، ويُفرحِني تَفاعُل الجمهور لأنني نجحتُ من خلال دور جديد لم أقدِّم مثله سابقاً.
• ما الذي شجّعك على القبول بالدور وتقديم شخصية «شادية»؟
- أولاً اقتنعتُ بالنص. وعادةً، أدقّق في كل العوامل الموجودة في المشروع، والخطوة الأولى تكون بقراءة النص والتعرف على فريق العمل، كالمخرج والمنتج والممثلين. في البداية قرأتُ دوراً آخر، ثم اتفقتُ مع المخرج على دور شادية.
الدور الذي عُرض عليّ في البداية يُشبهني كثيراً، ولكنني شعرتُ بأنه سطحي جداً، مع أن الممثلة التي تقدّمه حالياً تؤديه في شكل جيّد وجميل. لو قرأتُ كل الأدوار النسائية في المسلسل لما كنتُ اخترتُ إلا دور شادية، لأنه شدّني ووجدتُ أنه يمكن اللعب عليه بأكثر من طريقة، ويحمل العديد من الحالات النفسية. عندما اشتغلتُ على الشخصية، لم تتطلب مني مجهوداً نفسياً، بقدر ما تطلبتْ مني مجهوداً كي أفهم حالتها وتفاصيلها. أنا و«الستايليست» اشتغلنا على الملابس، ولأن شادية لديها شقيقان أكبر منها ووالدها مُتوفَّى، وبما أنها أصغر من أخويْها، ركّزنا على ارتداء الشورت، وعلى أن يظلّ الشعر مربوطاً. هي تفاصيل لا أحد ينتبه إليها، ولكنها تؤثر في «لاوعي» الناس، كي يشاهدوها بهذه الطريقة وليست كاملة الأنوثة. كما أنها أُغرمت بصاحب المعمل لأنه لا يوجد لديها أب. أنا خلقتُ الشخصية من الصفر وحللتُها، لكنها لم تجعلني أعيش حالة نفسية صعبة، بل استمتعتُ وتسليتُ جداً بتقديمها.
ربما كان هذا هو العنوانَ الأنسب الذي تضعه الممثلة اللبنانية الشابة زينة مكي للفترة الحالية من مسيرتها الناجحة، ليس فقط لأنه عنوان مسلسلها الأخير، بل أيضاً لأنه صفة القرار المحوري في مسيرتها الذي اتخذته حديثاً!
زينة مكي، التي تتميز بموهبة تمثيل لافتة صقلتها جيداً بدراستها الأكاديمية، تملك أيضاً رؤية عميقةً للفن، وقدرةً على وصف ما يجري حولها في الساحة الفنية بصدق وشجاعة لا يعرفان الخوف!
ولعل هذا كله تجلى في قرارها الأحدث بتوزيع جهودها الفنية بين العاصمتين القاهرة وبيروت، وألا تقصر إسهاماتها الإبداعية على العاصمة اللبنانية فقط، ليكون هذا القرار المهم بمنزلة «اختيار إجباري»، لكي تعزز نجاحها في الدراما المصرية، خصوصاً في مسلسلها الأخير الذي يُعرض على الشاشة حالياً، ويحمل الاسم نفسه «اختيار إجباري»!
«الراي» تحاورت مع زينة مكي، في حديث فني وشخصي صريح، تساءلت الفنانة من خلاله: «هل يجب أن ينتظر اللبنانيون 100 عام حتى يحققوا في الدراما ما حققه المصريون؟!»، معربةً عن إعجابها «بالدراما المصرية التي تهتم بالتفاصيل والكيف، ملقيةً باللوم على نظيرتها اللبنانية، التي لا تتعمق كثيراً بينما ينتصر ممثلوها للشهرة والمال» (وفقاً لرؤيتها).
«مشاركتي في الدراما المصرية أَشْعرتْني بالرضا وبخصوصيتي كممثلة»، تقول زينة مكي، كاشفةً النقاب عن شخصية «شادية» التي جسدتها في المسلسل اللبناني «الشقيقتان»، ونجاحها في هذه الشخصية المغايرة والشريرة، وردة فعل الناس الإيجابية حيالها، ومبينةً «أن الممثل الحقيقي لا يمكنه الاقتصار على الأدوار الرومانسية، بل يجب أن يتنقل بين كل الحالات الإنسانية»، ومتحدثة عن عروض جديدة في الدراما المصرية، وتطلُّعها إلى أخرى في السينما... متطرقةً إلى زوايا أخرى تأتي تفاصيلها في هذه السطور:
• ربما تكونين من الفنانات اللبنانيات القليلات اللواتي نجحن في السينما، كما في الدراما التلفزيونية، فكيف تمكّنتِ من تحقيق المعادلة بين المجالين؟
- لأنني أفهم الكاميرا، وأعرف كيف أتعامل معها. وربما ساعدتْني دراستي للإخراج في ذلك. علماً أنه في الخارج فإن الممثلة التي تنجح في التلفزيون تنجح في السينما أيضاً، والعكس صحيح، مع الإشارة إلى أن هناك اختلافاً بسيطاً بين التمثيل السينمائي والتمثيل التلفزيوني، ومن المهم أن يعرف الممثل كيف يحافظ على هذا النمط، وأن يكون حقيقياً أمام الكاميرا. كل شيء يعود إلى الممثل، وأنا أعطي المسلسل التلفزيوني كما أعطي العمل السينمائي، وأخلق الشخصية من الصفر، وربما ساعدني هذا الأمر أيضاً.
• لو قارنا بين وضع السينما والتلفزيون، أيُّهما وضْعه أفضل درامياً، وهل توافقين على ما يؤكده البعض من أن الأفلام التي تُنتَج في لبنان هي مجرد محاولات، وأن الدراما جيدة ولكنها ليست في أفضل أحوالها؟
- أقول إن ما يُقدَّم سينمائياً لا يعدو كونه محاولات. وأنا عندما أشاهد أفلاماً لبنانية أفرح، ولكنني لا أقول إنه أصبح عندنا صناعة سينمائية في لبنان، مع أن هناك الكثير من المحاولات الناجحة. أما بالنسبة إلى الدراما التلفزيونية فهي إلى تحسّن، ولكنني لم أكن متابِعةً لها، بل صرتُ أفعل ذلك أخيراً، وأجد أنها أصبحت أفضل من السابق، ولكنها ليست في أحسن حال.
• وما الذي ينقص الدراما في لبنان... في الماضي كان الممثلون يشْكون ضعف الإنتاج الذي أصبح متوافراً اليوم، وبالرغم من ذلك لم تحقق الدراما اللبنانية ما كان يُنتظر منها؟
- الدراما تتجه إلى المكان غير الصحيح. ما ينقصنا هو الصدقية والنص الذي يُشبهنا، والأداء التمثيلي. عندما اشتغلتُ في الدراما المصرية أدركتُ لماذا نجح المصريون أكثر منا. هناك لا يمكن أن تصدّقي حجم العفوية والحرص على تحليل كل مشهد قبل تصويره، بينما في لبنان «يمثّلون تسميع». المشكلة الأساسية هي الصدقية عند الممثلين، لأن أحداً لا يفهم ماذا يقول، ولا يَسمع زميله ماذا يقول، بل «كله عم يسمّع»، وينتظر الكلمة الأخيرة من الممثّل الذي يقف أمامه كي يبدأ بجملته.
• ينطبق عليهم «لقب الممثلين الببغاوات»؟
- للأسف. لكن لا يمكن أن نعمّم. في مصر نجوم الصف الأول يتناقشون في كل جملة، ويحاولون أن يحلّلوا في مشهدٍ معيّن لماذا يقولونها بطريقة ما وليس بطريقة مختلفة، بدل «كرْج الجُمل وراء بعضها»، ولذلك نجد العفوية عندهم، وهذا ما ينقصنا في لبنان.
• ومن يتحمل المسؤولية؟
- إنها مسؤولية المخرج والممثل والكل. أحياناً يكون المخرج «شاطر»، ولكن الممثل لا يقوم بواجبه كما يجب، وهناك مخرج وراء الكاميرا لا يجيد إدارة الممثل.
• هل يمكن القول إن غالبية الممثلين يبحثون عن المال والشهرة؟
- غالبيتهم يريدون الشهرة، ولا أحد يعمل في المهنة بحبّ. لاحظتُ في مصر أن النجوم أعمالهم معدودة. مثلاً الممثل كريم فهمي الذي شاركتُه في مسلسل «اختيار إجباري»، أكد لي أن أعماله معدودة، وأنه لا يشارك في أكبر عدد ممكن من الأعمال من أجل الشهرة، بل يختارالعمل الذي يشكل إضافة إلى مسيرته، وهذا الأمر مفقود في لبنان. عندنا كل همّهم «قديش بدي أقبض» ومَن الممثلون المشارِكون معهم. ونتيجة الانتقال من عمل إلى آخر، يفقد الممثل التركيز على شخصية واحدة، لأنه يرتبط بـ 5 أعمال من أجل الشهرة والمال والظهور على الشاشة، وللأسف هذا الأمر يُحزِن كثيراً.
• لا شك أن كلامك حقيقي وواضح وصريح جداً، لكن ألا تخشين غضب الممثلين منك؟
- أنا لا أجرّح في أحد، ويوجد في لبنان ممثلون جيدون وآخرون غير جيدين، ولكنني أغضب لأننا لم نتمكن من الوصول إلى المستوى نفسه الذي وصل إليه المصريون درامياً، ولماذا يجب أن ننتظر 100 عام كي نصبح بمستواهم أو بمستوى العالميين؟ هناك مشاكل ولا بد من إيجاد حلول لها. الإنتاج صار متوافراً فلماذا لا تزال مشاكل الدراما موجودة؟
• عندما يؤكد بعض الممثلين أن الدراما في أفضل أحوالها أو أن الدراما اللبنانية محارَبة، هل تعتبرين أن ما يقولونه مجرّد ادّعاء، ولا يعكس الحقيقة؟
- هي وجهات نظر. هناك مَن يرى أن الدراما هي فعلاً في أفضل أحوالها، بينما أقول إننا أصبحنا أفضل من السابق، ولكننا لسنا في أفضل حال. هناك أعمال ناجحة ولكنّ ثمة شيئاً ناقصاً ليس مفهوماً ما هو. ربما كان ذوقي مختلفاً عن ذوق الآخرين، وأجد أننا نحتاج إلى الكثير كي تصبح الدراما في أفضل أحوالها.
• لا شك أن العمل في مصر أضاف الكثير إلى رصيدك وإلى مهاراتك وخبرتك كممثلة، هل تفكرين في الاستقرار في مصر بما أنكِ حققتِ ما تبحثين عنه؟
- هذا الأمر وارد جداً، ولكن هذا لا يعني أنني سأغيب عن لبنان، بل يمكنني أن أوزّع وقتي بين مصر ولبنان. أنا حققتُ نفسي في مصر، ومشاركتي في الدراما المصرية كانت «فشة خلق» لي، وأشْعرتني بالرضا وبخصوصيتي كممثلة.
• هل عيْنُك على السينما في مصر؟
- أحب السينما، ولكنني لستُ ضليعة في السينما المصرية، خصوصاً الحديثة. وإذا كان العمل في الدراما جعلني أشعر بالاكتفاء، فكيف الحال بالنسبة إلى السينما.
• هل تلقيتِ عروضاً سينمائية من مصر؟
- بل عروضاً درامية تلفزيونية، وكلها قيد الدراسة ومؤجّلة إلى ما بعد رمضان.
• تقدّمين دور الشريرة في مسلسل «الشقيقتان». ألا تخافين أن يؤثر هذا الأمر سلباً عليك وأن يتسبب في كره الناس لكِ؟
- على العكس تماماً. الناس لم يكونوا يعرفونني جيداً مع أنني قدّمتُ قبله الكثير من الأعمال، ولكنها لم تكن مسلسلات لبنانية. الجمهور اللبناني يعرفني من خلال «حبة لولو» و«بينغو» وعدد من الأدوار البسيطة. كل عمل قدّمتُه له جمهور معين. أحياناً ألتقي أناساً فيقولون لي: «مش طايقينك» في المسلسل، وآخرون يفصلون بين الحقيقة والتمثيل، وأنا شخصياً سعيدة مهما كانت ردّة الفعل، سواء كانت إيجابية أو أنهم كرهوني، لأن هذا يعني أنني نجحتُ في إقناعهم.
• ألا ترين الأدوار الرومانسية أكثر جاذبية؟
- من الصعب جداً أن يُصبغ الممثل بأدوار رومانسية ورقيقة وطيبة وناعمة فقط، وطوال الوقت. وكنتُ أنتظر منذ فترة طويلة الدور الشرير، حتى يعرف الناس أنني أستطيع أن أقدّم كلّ الأدوار، وأن لدي طاقات كثيرة، يمكن أن أفجّرها في أكثر من خانة. وما حققتُه في «الشقيقتان» أُعدّه نجاحاً كبيراً لي، وأنا سعيدة بردّة فعل الناس على دوري، لأنه محرّك الأحداث ودينامو المسلسل، ويُفرحِني تَفاعُل الجمهور لأنني نجحتُ من خلال دور جديد لم أقدِّم مثله سابقاً.
• ما الذي شجّعك على القبول بالدور وتقديم شخصية «شادية»؟
- أولاً اقتنعتُ بالنص. وعادةً، أدقّق في كل العوامل الموجودة في المشروع، والخطوة الأولى تكون بقراءة النص والتعرف على فريق العمل، كالمخرج والمنتج والممثلين. في البداية قرأتُ دوراً آخر، ثم اتفقتُ مع المخرج على دور شادية.
الدور الذي عُرض عليّ في البداية يُشبهني كثيراً، ولكنني شعرتُ بأنه سطحي جداً، مع أن الممثلة التي تقدّمه حالياً تؤديه في شكل جيّد وجميل. لو قرأتُ كل الأدوار النسائية في المسلسل لما كنتُ اخترتُ إلا دور شادية، لأنه شدّني ووجدتُ أنه يمكن اللعب عليه بأكثر من طريقة، ويحمل العديد من الحالات النفسية. عندما اشتغلتُ على الشخصية، لم تتطلب مني مجهوداً نفسياً، بقدر ما تطلبتْ مني مجهوداً كي أفهم حالتها وتفاصيلها. أنا و«الستايليست» اشتغلنا على الملابس، ولأن شادية لديها شقيقان أكبر منها ووالدها مُتوفَّى، وبما أنها أصغر من أخويْها، ركّزنا على ارتداء الشورت، وعلى أن يظلّ الشعر مربوطاً. هي تفاصيل لا أحد ينتبه إليها، ولكنها تؤثر في «لاوعي» الناس، كي يشاهدوها بهذه الطريقة وليست كاملة الأنوثة. كما أنها أُغرمت بصاحب المعمل لأنه لا يوجد لديها أب. أنا خلقتُ الشخصية من الصفر وحللتُها، لكنها لم تجعلني أعيش حالة نفسية صعبة، بل استمتعتُ وتسليتُ جداً بتقديمها.