د. جلال محمد آل رشيد / فروع كليات الجامعة والتطبيقي... ضرورة

تصغير
تكبير

لقد اتسعت، على نحو كبير جداً وآخذ في التزايد، الرقعة العمرانية في البلاد بصورة كبيرة ومتنامية، إلى درجة أن مسؤولي الإسكان الحكوميين بدأوا يتحدثون عن «مدن جديدة» وليس مجرد مناطق سكنية جديدة. فحالياًَ، وقبل بناء المدن الجديدة، يحتاج بعض الطلبة والأساتذة الذين يسكنون في أم الهيمان أو الجهراء، على سبيل المثال، إلى أكثر من 45 دقيقة للوصول إلى مباني جامعة الكويت، ومباني كليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بينما يستطيع أساتذة وطلبة آخرون أن يصلوا إلى مقار كلياتهم الحالية خلال أقل من ربع ساعة... مشياً على الأقدام!

وهذه القضية تعد مخالفة حتى للعدالة والمساواة بين المواطنين، فلماذا يكون الوضع بهذا الشكل؟ ولماذا لا يتم بناء فروع لكليات الجامعة والتطبيقي «الحكومية» بطريقة تضمن عدالة أكبر في التوزيع الجغرافي لمباني هذه المؤسسات الأكاديمية؟ لماذا لا يتمكن الجميع من الوصول إلى أماكن دراستهم أو تدريسهم في وقت أقل من الواقع الحالي؟ وبشكل عادل في التوزيع الجغرافي؟

أنا، مثلاً، أعمل في المجال الأكاديمي، وأعلم يقيناً بأن بعض الطلبة، وبعض الطالبات، يشتكون لنا مُرَّ الشكوى، لا سيَّما في المحاضرات التي تمتد حتى الساعة الخامسة، وهو وقت الغروب في الشتاء، حيث إنهم يسكنون في الجهراء أو أم الهيمان، وبالتالي فإنهم يصلون إلى بيوتهم ليلاً، وهذا وضع غير مقبول لدى عوائل الكويتيين اجتماعياً، كما يدرك الجميع. وبالتالي، فإن قضية افتتاح فروع لكليات الجامعة و«التطبيقي»، في الأحمدي، أو جنوب الأحمدي، وكذلك في الجهراء، أو شمال الجهراء، يُعَد أمراً ضرورياً، وليس مبرَّراً فقط. وذلك بسبب ضرورة العدالة، وبسبب الجانب الاجتماعي.

إن التخطيط الحكومي، يجب أن يكون أكثر وعياً، وأبعد نظراً من الواقع الحالي الموجود. فكيف يستقيم ذلك مع «التصريح» غير المسؤول لمدير جامعة الكويت، قبل فترة وجيزة، ذلك التصريح الذي شبَّه فيه فروع الجامعات بفروع الجمعيات التعاونية الاستهلاكية! مع أن أرقى جامعات العالم لها فروع، ومع أن فروع الكليات الجامعية ضرورة في الكويت.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن عدد الطلبة أو الطالبات في القاعة الدراسية الواحدة، بدأ يتزايد إلى درجة تهدد، تهديداً حقيقياً، جودة التحصيل العلمي، والإدارات الأكاديمية، في الجامعة والتطبيقي، تغض الطرْف عن هذه الكارثة بحق التعليم (بما يناقض قضية شفافية نشر المعلومات)، وذلك بسبب تورطهم في قضية زيادة أعداد المقبولين كل عام، وتورطهم في تطفيش حملة الدكتوراه من الكويتيين العاملين في الوزارات الذين يمكن تقليل أعداد الطلبة في القاعات عبر التوسع في قبولهم (وهذه قضية تحتاج بحثا مستقلا)... وهذا كله بسبب توارد الطلبة والطالبات بأعداد هائلة من الكويت «كلها» إلى بقعة محددة واحدة، وبالتالي تكدُّس الطلبة أو الطالبات في «علب السردين» التي تُسمى، مجازاً، قاعات التدريس الأكاديمي!

نحن ننظر إلى مصلحة التعليم في البلد، ولا نلتفت إلى الآراء الشاذة وغير الواعية التي تصدر في هذا الصدد، ففتح فروع لكليات الجامعة والتطبيقي، في الشمال وفي الجنوب، أمر في غاية الأهمية، لأسباب عدة، أولها العدالة بين المواطنين، وثانيها الجانب الاجتماعي للموضوع، وثالثها تقليل عدد الطلبة والطالبات في كل قاعة على حدة، لأن التوسع في فتح فروع للكليات الأكاديمية الجامعية والتطبيقية يؤثر تأثيراً إيجابياً يساعد على جودة الأداء التدريسي في مؤسساتنا الأكاديمية عبر تقليل أعداد الطلبة في القاعة الدراسية الواحدة.

فأيها النواب، لا يخدعنكم مناهضو هذه الفكرة الرائدة من الأشخاص الذين لا يهتمون بالمصلحة العامة لأكبر عدد ممكن من المواطنين الكويتيين، طلاباً وأساتذة وعوائل! فأصحاب هذه الدماء الزرقاء... نعرف دوافعهم الحقيقية من كلماتهم التي ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب الفئوي الأليم!


د. جلال محمد آل رشيد


كاتب وأكاديمي كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي