ديرة طيبة يأتيها رزقها بإذن ربها، وأبناؤها يجدون ويفكرون ويعملون من اجل المساهمة في بنائها منذ الازل. خاضوا غمار البحار وقطعوا الصحراء من اجل لقمة العيش واثبتوا جدارتهم بين الأمم.
ومرت على هذه الديرة الطيبة غيوم حالكة واهلها يدافعون عن تربتها بكل شيء يمتلكونه وهم سور لها.
ها هم يهتفون عندما تعرضت لعدوان آثم، يا بوسالم عطنا سلاح، كي يدافعوا عنها وهم يجدون والالفة والمحبة والوفاء بينهم.
روعوا كثيرا فصبروا، فجرت مقاهيهم واستشهد من استشهد، فاحتسبوهم عند الله، وكانوا صفا واحدا ضد المحنة ينامون في بيوت آمنة مطمئنة في مهد الله وامنه، فاستيقظوا يوماً على اصوات عالية لم يألفوا مثلها من قبل، ونهضوا من نومهم وهم يشاهدون دخانا لف الديرة بأسرها، انه عدو غاشم وجار ظالم اعتدى على جاره فعاث في ارض جيرانه فساداً، فقتل صغارهم حتى رضعانهم منع عنهم الغذاء، اتى بشبابهم ونحرهم على اعتاب منازلهم كما تنحر الاضاحي وذووهم ينظرون «تباً لهولاكو العراق وزمرته الملعونة»، سينالون من الله الكريم اقصى العذاب، وستبقى اكف ذوي الشهداء ضارعة الى السماء وقلوبهم تهتف بأن ينزل اقصى العذاب على فلول البغي والظلم والعدوان.
ساعات مريرة مرت على هذا الوطن وابناؤه صابرون متحابون متعاونون يؤازر بعضهم بعضاً، وقفوا صفا واحدا ضد البغي والعدوان حتى كتب الله النصر لهذه الديرة بفضل منه وبتآزر وتعاون جميع الاشقاء والاصدقاء من دول الدنيا بأسرها كي ينصر المظلوم واشرقت شمس الحرية وتنفس اهل هذه الديرة اريجاً من هوائها المفعم بالخير والنعمة والبركة واجتهدوا من اجل البناء والتعمير والنهضة.
لقد صهرتها النار حتى توقدت
ومن تحت أكوام اللظى نهضت صقرا
صقر يجوب الدنيا بأفكار صاعدة وايد صلبة وقلوب مفعمة بالايمان وحب الوطن... هذا الحب الذي شربه الابناء من الآباء اصالة زاخرة بالمعاني الطيبة والشمائل العذبة... فماذا عسانا ان نقول في يوم عيدنا الوطني السادس والخمسين.
نقدم عبارات الخير ودعوات طيبات بأن يسدد الله الكريم جميع الذين يتمنون لهذه الديرة الحبيبة الخير والنماء، ولنستذكر في هذا اليوم شهداء الوطن الذين هم اكرم منا جميعا وهم احياء عند ربهم يرزقون وهم الشهداء على ما نعمل، فلنجد ونجتهد من اجل عيون الوطن ولتنصهر جميع القبائل والطوائف والفرق والاتجاهات والافكار والغايات والاهداف في بوتقة الكويت، ولتعمل من اجلها لأنها اعطت الكثير ولا بد من الجميع ان يجد من اجل رفعتها وازدهارها.
وصدق الاديب العم علي يوسف المتروك حين قال في رائعته:
الكويت هبة الله
إليك الهوى تهفو اليه الخمائل
ومنك العلا سفر بمجدك حافل
بلاد حباها الله فيض مآثر
تشع هدى صاغت سناه الاوائل
ترنم في افيائها الطير صادحا
فأروق غصن واستهامت بلابل
علت في سماها انجم الليل تزدهي
ومن بحرها الساجي تطيب المناهل
بنوها وكانت قبل ذلك بلقعا
فما نالهم وهن بها او تخاذل
وشاد لها سورا من الحب اهلها
فصار مثالا فيه يحلو التكافل